Saturday 12th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,السبت 28 صفر


يارا
الفكس
عبدالله بن بخيت

أظن ان الفكس فابوراب هو أعظم دواء اخترعته الانسانية فهو في نظري أعظم من الفياجرا رغم كل هذا الضجيج لا يؤدي دوره إلا في لحظات الصفاء القليلة بطبعها,, بينما يكاد يتحول الفكس الى مستشفى متكامل,, فهو يعالج كل آلام المفاصل والعضلات والأورام والكدمات والزكام وأمراض الحلق والكحة والصداع,, وبعضهم يغمس اصبعه في قارورته ويمصها على أساس أنه يعالج امراض البطن بأشكالها المختلفة, ولو كان للفكس اصابع لسمحنا له باجراء العمليات الجراحية, وهو دواء يناسب كل الأجيال من الأطفال في مهدهم حتى الشيوخ المطلين على لحدهم.
سمعت ان الشركة التي تنتجه تواجه بعض المشاكل المالية اذا لم يختلط عليَّ الاسم فإذا توقف انتاج الفكس فهذا يعني كارثة صحية في بلادنا, فكثير من الناس ارتبطت حياته بالفكس, ليس ادمانا ولكن طلبا للعافية المستمرة التي يمنحها الفكس فبعض البيوت لا تستطيع ان تدخلها بسبب رائحة الفكس النفاذة.
أتذكر انه مر عليَّ مدير قسم نستطيع ان نعرف انه وصل من رائحة الفكس التي تعطعط من مكان ما من جسده, فمرة أحسّ ان زوجته مرخت ظهره ومرة أشاهد حلقه يلمع ورائحة فمه من لعط الفكس تجعل العين تدمع.
في احدى المرات كنت في أقصى الدنيا في مدينة مالبورن الاسترالية, كنت أتجول في الشوارع الأنيقة والمليئة بمحلات التسوق الراقية, فجأة شممت رائحة فكس فشعرت بقليل من الفرح على أساس ان الفكس ليس وصفة سعودية بل عالمية.
فحاولت ان اتعرف على هذا الشخص الذي تصدر عنه رائحة الفكس فتركت لأنفي ان يقودني من مكان الى آخر ومع كل خطوة تزداد الرائحة حضورا في أنفي حتى ظننت أني اقترب من قارورة فكس مفتوحة, وفجأة رأيت زميلي في الدورة تحيط به رائحة مصنع فكس، ومن بعد تلك الحادثة بدأت أعد الفكس احدى سمات الشخصية السعودية كالشماغ والمثلوثة والفول المقيد بالتميس.
قبل سنوات قليلة كنت أجلس على مقهى منزو في مكان منزو في جزيرة ميكنوس اليونانية, لا يزور هذه الجزيرة سوى الأوروبيين والأمريكان وكاتب هذه السطور.
وهي جزيرة صغيرة مزدحمة لا يتوفر فيها أي شيء يغري العائلات العربية أو العزاب, كان البحر الأبيض هادئا وزرقته تلتحم بهدوء بزرقة السماء مع نسيم رقيق يهب بين لحظة وأخرى يحول الرطوبة والعرق على جسد الانسان الى برودة حالمة مما يحرض على السرحان والتأمل في هذا العالم الذي لا أمت له بأي صلة واقارن بين عالمي الذي جئت منه حيث تكتسي المراة من منابت شعرها حتى أطراف اصابعها وبين هذا العالم الذي يكاد يلغي الملابس من جسد المرأة فاستحضرت الشوارع الصغيرة والبعيدة من مدينة الرياض وجاءت معها المشاهد والأصوات والروائح, فأحسست ان في خياشيمي شيئا من رائحة الفكس وكان حضور تلك الرائحة أقوى من بقية الذكريات الاخرى فتداخلت تلك الرائحة مع العالم الذي يمثل امامي في هذه الجزيرة وليس العالم الذي احمله في وجداني فشكلت حضورا موازيا وبنفس القوة لحضور هؤلاء الفتيات اللاتي يمررن امامي كالغزلان, فشعرت ان الفكس ليس مجرد ذكرى أني هنا في ميكنوس فاستيقظت من سرحاني والتفت هنا وهناك وفي كل مرة ازيد من انتباهي كانت الرائحة تزداد قوة وحضورا فقفزت من مكاني اريد ان أعرف هل يوجد سفيراً آخر لبلادي في هذه الجزيرة وبالفعل رأيت الأسمر الثاني في الجزيرة كان يلبس بدلة ثلاث قطع ويحمل كاميرا فخمة يعلقها على كتفه, فسألته كيف الحال وبعد ان قال الحمد لله استطرد قائلا البارحة شربت ماء باردا جدا فالتهب حلقي, فعرفت بقية القصة.
لمراسلة الكاتب
yara2222*hotmail.com


رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved