Sunday 4th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 20 ربيع الاول


على ضفاف الواقع
معظم الألم من مستصغر الأمل!!
غادة عبدالله الخضير

** أيها الرفيق,,.
وصلتني رسالة مؤرخة بالحزن,, حروفها تسير بمحاذاة الانفجار,, بل انها,, احيانا,, تتعدى خطوطه الحمراء,, احساسا منها ان الحياة اصبحت مثل تأمل الصحراء,, لاجديد فيها!!!
تقول حروف تلك الرسالة ايها الرفيق,.
,,, اتسلق اشجار غابة الحزن بحثا عن معنى للحياة,, نعم انني ابحث عن ذلك المعنى من خلال الحزن,, ولكنني في كل مرة اهبط من فوق اشجار الحزن وقد تسامقت اغصانه,, داخل حنجرتي, اغصان,, من الصمت.
آه,, الصمت,, قيل لي ايتها العزيزة,, في ذلك الزمن البعيد,, ذلك الزمن,, الطافح بالتلقين,, بالحفظ,, بالتخزين,, ثم بممارسة بخبخائية,, اكرهها,, الآن!! ان الصمت,, يحفظ هيبة الكبرياء، بلا,, كبرياء تفقد كل الاشياء معناها,, وتتغير كل العلاقات,,, ما لُقنته قديما,, صحيح ياغالية,, لكن لنقف قليلا,, احيانا نضع اسفل عنوان الكبرياء,, الواسع المتسع اموراً,, اقسم لك لا علاقة لها بالكبرياء,, بل انه لا يربطها بالكبرياء عرق دم واحد !!!
الكبرياء,, يارفيقة,, ستارة كبيرة لمسرح واسع من العواطف والاهواء,, هي ليست ستارا في وجه الآخرين فقط لا,, لا,, انها قبل كل شيء حجاب يمنعنا من مواجهة انفسنا يمنعنا من الاعتراف اننا اخطأنا ,, واننا فقدنا قدرة التعبير المناسب,, في الزمن المناسب,, والمشاعر المناسبة اخذنا بهذا,, المفهوم,, الواسع وهرولنا في بيدائه!!
ها انذا,, اقول لك,, قبل الخسارة,, حزينة ,,, لابعدها ,, (وربما لاخسارة) انني حزينة باتساع قطر الارض,, حزينة,, بالمسافة التي تبعد ,, نجدنا,, عن شمالكم,, حزينة بمقدار خطواتي الراقصة,, فرحا لأنني,, استطعت الكتابة,, ليس ذلك فحسب وانما,, لأنني ايضا ابدعت فيما كتبت,, لك تحياتي, وتحيات مفاهيمي التي ,, لن اكون ان ابقيتها! .
أيها الحزن,.
انتهت حروف الرسالة,, لكن الا ترى معي ايها الرفيق ان الحياة مفهوم بسيط نحمله نحن اكثر من طاقته,,نحوله الى معادلة صعبة,, نحن اول العاجزين في فك رموزها,, في فك طلاسمها نتشدق بمفاهيم عظيمة,, مفاهيم,, تقدم لنا اغراءات وهجها,, وأول,, امطارها,, شرارة صغيرة,, منها معظم حرائقنا.
ولكن ايها الرفيق,, أيها الحزن,, انتعلم؟!
بربي,, لا,, بل نبقى مبهورين بالقدر العظيم لها,, رغم ان الخسائر,, تتوالى!
,, أيها الرفيق,.
الكبرياء,, فضيلة احيانا,, لكن,, حتى الفضائل اجمعها تحتاج ,, فهما مناسبا,, ليصبح التطبيق مناسباً,, في وقت مناسب!! خذ مثلا,, الكرم فضيلة حاتمية جميلة,, لكنها قد تتحول الى نكسة على رأس صاحبها,, عندما يتشدق بالمفهوم, ويتناسى ,, بنود المضمون!!!.
** أيها الحزن,, لنترك هذا الموضوع جانبا,, ولتلتقط جاذبيتك كل,, تفاح أسئلتي.
لماذا ايها الرفيق لا نستيقط عادة ,, الا بعد خسائر فادحة؟
لماذا لا نفهم الا عندما نخسر؟
لماذا لا ندرك الا عندما نحزن؟ بل لماذا لا تتسع مداركنا اكثر الا عندما تزداد الضربات,, على اوتار,, حياتنا؟!
لماذا,, خطواتنا الاولى,, خطواتنا المعبأة بالجهل وعدم المعرفة,, عدم الخبرة,, معبأة بأمان,, لا اعلم,, لماذا خطواتنا, تلك نحو الحياة,, هي ما نتعلم منها الدرس الأكبر,, الخدش الأكبر الذي بعده نتمنى ان نعود الى سابق جهلنا,, لكننا نبقى نشقى بمعرفتنا؟
ثم نشقى بذاكرة تحمل تلك المعرفة؟ ثم نشقى برأس يحمل تلك الذاكرة؟! ثم نشقى بمجموعة من الحواس تسكن ذلك الرأس لكل منها,, ذاكرة خاصة, خاصة جدا؟!
** أيها الرفيق,,, الاسئلة احيانا تخدعنا,, نعتقد انه كلما كان السؤال عميقا,, كانت الاجابة كذلك,, مع ان كثيرا من الاسئلة,, لا علاقة لها بكثير من الاجابات، كثيرا ايها الحزن الرفيق ما احببت تلك الاسئلة التي تهيم في واد واجاباتها التي تهيم في واد آخر!!.
انها لحظة ابتكار,, نحتاجها,, لنخرج من دائرة السؤال والاجابة!! من دائرة البطاقة الشخصية؟ من دائرة الهوايات؟ من دائرة الامنيات؟ من دائرة موقف حرج؟ من دائرة السؤال الذي كان من المفترض ان يُسأل؟!
**,, لا,, علينا ايها الرفيق,.
اتعلم ,, ثمة ملامح (يعبقرها) الحزن,, عندما يتسيد مساحاتها,, ثمة ملامح,, يقيم الحزن,, فوق (نفوذها) فيزداد ,, النفوذ جمالا,, ثمة,,, حزن,, هو من نوع (الخبرة),, لأنه بمثابة (نقطة تحول),,, تنقل الانسان, الى ما هو اعمق ,, من ان ,, يعيش فقط!!! ثمة ملامح ,, ايها الرفيق,, يحررها الحزن,, من قبول ما هو سائد ,, فتصنع لها,, مسارا خاصا,, وطرقاً غير محددة!!
ثمة ملامح,, لا تستطيع ان تمارس الحياة دون حزن لأنها بذلك,, تفقد معنى الحياة,, فتتوقف عن العطاء,, بجل اشكاله!!
ثمة ملامح,, ينقدها الحزن,, من بلادة الفرح,, ومواعيده غير المؤكدة!
ثمة ملامح,, تكون اعظم,, عندما يئن الحزن في جنباتها,.
أيها الرفيق,.
غريبة هي الحياة,, ضريبة ان تكون ,, فيها عالية الثمن,, وضريبة ان لاتكون ,, متوفرة,, توفر الفرح المعلب,, المغلف,, المزركش,,, والذي نذهب نحن اليه عنوة,, في حين انه يجهل,, عنواننا!!.
أيها الحزن,.
منذ قليل اشتاقت ذاكرتي السمعية,,, إلى ان تعيد شبابها,, لشبابها,, استمعت الى ام كلثوم اكراما,, لذاكرتي السمعية!!,, لا اعلم لماذا تستطيع هذه المرأة ان تضيء الذاكرة,, وتعيد لكل الاشياء سيرتها الاولى بل انها تستطيع ان تلغي,, الذاكرة (ب، ج، د,,,, حتى تبقى الذاكرة (أ) متسيدة كأن ,, لا ذاكرة,, بعدها!!.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved