Sunday 4th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 20 ربيع الاول


بائع الغاز

في الشتاء يستيقظ حي سكيرينة على قرقعة ابريق الحليب وفناجين الشاي التي يستقبل بها الناس صباحاتهم وينفث جمر الموقد في الوجار الذي هيىء لعل الشاي والقهوة دفئة في الغرفة الواسعة التي ينام فيها اولاد مطلق في حين فرش ولداه فالح ومحمد الكبيران فراشهما في مجلس الرجال,, اخذت اجراس بائع الغار تدق في الشارع وهو يصح بلكنته اليمنية.
غاز,, من يشتري الغاز,, غاز,.
وقف فالح في باب البيت يدعو بائع الغاز الواقف بباب جارهم سعود العمار ولمح ابنته حصة التي كانت تصف جسدها ظاهرا تمد صفيحة فارغة نحو بائع الغاز وحين لمحت فالح توارت مختفية وآخر خصلة على جبينها تنهمر على عينها في حين اشعلت تلك النظرة وقودها الذي سرى دافئا في جسد فالح.
حين انتهى بائع الغاز من بيت سعود العمار التفت الى فالح وعبأ صفيحة فالح واخذ الريال وركب عربته التي يجرها حمار هزيل صائحا.
غاز غاز,, من يشتري غاز,.
نادى فالح اخته شيخة لتمسك القمح في فوهة المدفأة ودلق من فم الصفيحة جزء من (,,,,,) وحين اوشكت على الامتلاء اقفلت شيخة غطاء خزان المدفأة الصغيرة في حين لمع شموع المدفأة بالاحمرار كان فالح يفكر كثيرا بحصة بنت سعود النمار,, التي تدرس مع شيخة اخته ولم يكن يمتلك تلك الجرأة لولا حديث مشترك يدور بينه وبين اخته عن اسئلة حصة عن فالح,, وبعض من قصص تشترك مع اخته في بطولتها فيأتي على ذكرها موقف يمر يتبين من طرافة حصة او ذكائها او لمعة خاصة لا يعرف تفسيرها لكنها تقترب منه.
اخذ فالح ورقة وكتب عليها.
,, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حصة كيف حالك.
رأيتك اليوم هذا الصباح,, لاول مرة اشعر ان صباحي مختلف,,, وعندما لمح طرف عباءة شيخة تستعد للخروج نادها من مجلس الرجال الذي يفرش فيه فراشه ويجمع كتبه وهو يستعد للذهاب الى معهد المعلمين الاول بالرياض.
شيخة,, شيخة,.
ضاقت شيخة قليلا بهذا التأخير واخواتها الصغيرات اللواتي يتباطأن بالخروج ويؤخرنها الا انها تذكرت ان هذا الصوت هو صوت فالح العزيز على قلبها,, وحده فالح الذي يتقاسم معها النكات في نهارها المثقل بالخدمة المنزلية,, وفالح هو ينجز عنها بعض واجباتها المدرسية حين تكلفها امها بعمل طويل خاصة كما تفعل الآن وهي نفساء.
* نعم يافالح,.
ارخى فالح صوته قليلا وقال متلعثما,.
حصة خذي خذي هذي الورقة عطيها شيخة ,, اوه لا قصدي خذي ياشيخة هذي الورقة عطيها حصة,, تعرفين من هي حصة هاه لا يدري احد.
ضحكت شيخة من تلك اللعثمة التي اصابته ارادت ان تبثه قليلا من الطمأنينة فصاحت كفزعات البدو.
* افا عليك,, ولا يهمك.
في الطريق الى المدرسة كان الصغيرات نبات مطلق فوره,, جهير ولطيفة يمشين شرائطهن البيضاء امام اختها شيخة ورفيقتها حصة.
سحبت شيخة ورقة فالح دون ان تثير انتباه الصغيرات.
قالت لحصة وهي تعرف ان هذه واحدة من الاسرار اللاتي يتقاسمنها سويا في طريقهن المدرسي,, وشيخة تدرك كما ستفرح حصة مفاجأة الصباح.
* مدي يدك.
وحين وضعت شيخة الورقة في يد حصة,, غرس سن الورقة رأسه الحادة في عرق بدأ ينبض في يد حصة التي ادركت ان صباحها هي ايضا سيكون مختلفا.
بدرية البشر

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved