Sunday 4th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 20 ربيع الاول


الزمن المقلوب
السفينة الغارقة في رمال مأرب

أحمد عبدالرحمن العرفج
(1/5)
* مصافحة:
دمعي - على البلد المهدور - مهدور.
وصوته - كالصدى المهجور - مهجور
أبكي، أعض جدار الليل منطفئاً
في غربتي تتخطاني الأعاصير!!
أعود لكلمات الشعر أسألها
عطفاً، وفي رئتي للحزن تفور
تصدني في حنان,, ثم تمنحني
نشيدها، وهو منظوم ,, ومنثور!!
من هنا ينطلق شاعرنا الكبير عبدالعزيز المقالح، ليقف على سد مأرب المدينة، وسد مأرب التاريخ ، وسد مأرب الرجال!!
,, وعلاقة الشاعر بمكانة علاقة تأخذ بمجامع القلب، وما تعبير الشاعر، وما بكاء الرجل الكبير بالاطلال الا صورة من هاتيك الصور.
جاءنا رسول حمزتوف يحمل بيده عذابات داغستان ,,,!!
وجاءنا السياب محملا بنشيد مطره - ليضع جبكور على مدارج الصوت الحزين.
والآخر عمر ابو ريشة يحمل بين اضلاعه حلب ، ليشرح آلامها ويتحسس أوجاعها.
والرابع حمزة شحاته يقف غريقا في جدة حالما في هواها ما يفيق ,!!
ثم وصلتنا اليمن على اكتاف البرودوني وكأنه يصرخ,, يا حداة المطايا مروا على صنعاء !!ثم ماذا؟!
الى صنعاء,, مدينة الامل هكذا كتب المقالح في مقدمة ديوانه لابد من صنعاء !!
والمقالح تشبع باليمن ، وجراحه ، وعيونه المفقودة وتصدعاته العريضة، فهو كلما اشتاق للوطن ، نشر خريطته في دمه، فوق جمجمة الشعر، وتحسس جرح القرى والمدائن.
* تل:
ما الشعر؟!
يقول المقالح هذا سؤال قديم، جديد، ومحير يذكرني دائما بسؤال اقدم منه، واكثر اثارة للحيرة وهو: مالحياة؟! 1 ، ويقول: سألني صديقي الشاعر الكبير عبدالله البردوني عن الشعر ما هو؟! فليس من المعقول ان تشغل الادمغة بشيء لاجدوى فيه ، ثم يقول: وقد ترددت كثيرا قبل ان اجيب عن سؤالي صديقي الشاعر بقولي: ان الشعر رؤى لعالم جديد، ومحاولة للنقاد، خلال الحلم، مما هو كائن، الى ما ينبغي ان يكون ليس في عالم الواقع المادي فحسب ، بل في عالم الحلم نفسه، أي في العالم الشعري، حيث نحلم بلغة جديدة غير مسكونة, على حد تعبير ادونيس - وبينابيع لم تطرق بعد، وكما يقول حسن اللوزي - وهذا الاخير شاعر مبدع ومن اليمن المجهول 2 .
بهذه المقولة يحدد لنا الشاعر المقالح دائرة الشعر، وابعاده، ولكن يبدو ان صديقنا المقالح في تجدد مستمر وتغيير دائم لن أقلب الطاولة ليقول بعد تعريفه - السابق - الى أي مدى استطعت ان اقنع صديقي الشاعر بما قلت؟!
وهل ما قلته تعريف حقا للشعر؟! لا أظن فالتعريفات، الجامعة والمانعة منها - كما يقولون - يمكن ان تصدق على المعطيات العقلية لا الوجدانية، والشعر في احسن احواله معطى وجداني، وسياحة في الاعصاب 3 .
الشعر، الشعر لا تقول عنه الا انه الشعر، كما ان الماء هو الماء الشعر لا نعرف من أين جاء؟!ولاأين يذهب؟!فكما اتسعت دائرتنا معه ، اتسعت رقعة الغموض والدهشة لنصبح في حضرته كما تقول كذلك القروي القادم من الجبال، الواقف امام البحر لاول مرة، يسائل نفسه في دهشة: ما البحر,,؟!
* منخفض:
لانريد ان نسرح في مراعي الشعر العريضة، فالهاجس الذي نزعت غطاء القلم من اجله هو الحميمية بين المقالح واليمن!!!
ولعل البردوني سبق شاعرنا المقالح الى هذا الوجع الكبير ألم يقل في احدى احتفالاتنا الشعرية:
ماذا أحدث عن صنعاء يا ابني
جميلة، عاشقها السل والجرب!!
ولا يهم من سبق من!!فالطريق يؤدي الى مدينة واحدة، وهم واحد، وهاجس واحد!!
وأول ما يصافحنا في الشاعر المقالح ، هو الخلفية التراثية لهذا الشاعر حين يوظف,, المخزون التاريخي لصالح نصوصه، وهذه المرجعيات من الكثرة بحيث يصعب على خواطر كهذه الاحاطة بها!! ولعل اول هذه المرجعيات ديوانه ,, لابد من صنعاء وهذا يذكرنا بين البلاعين المشهور:
لابد من صنعاء وان طال السفر ! ان المقالح يدنو من صنعاء هذا، وفي يده حزمة من أوجاعها
ومواويلها، وتمزقها، اسمعه يقول:
يوماً تغنى في منافينا القدر
لابد من صنعاء,, وان طال السفر .
لابد منها,, حبنا - اشواقنا
تدوي حوالينا: الى أين المفر؟!
إنا حملنا حزنها، وجراحها
تحت الجفون، فأورقت، وزكى الثمر
وبكل مقهى قد شربنا دمعها
الله,, ما أحلى الدموع، وما أمر
وعلى المواويل الحزينة كم بكت
اعماقنا، وتمزقت فوق الوتر
ولكم رقصنا في ليالي بؤسنا
رقص الطيور تخلعت عنها الشجر!!
هوامش:
1 - راجع الاعمال الكاملة ص 7.
2 - راجع مجلة الجيش اليمانية العدد 69.
3 - راجع الأعمال الكاملة ص 9.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved