Sunday 4th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 20 ربيع الاول


أمان الخائفين
حين يصدقنا الأطفال
د . هناء المطلق

لا تزال الابلات يرعبن البنات في المدارس كل صباح.
وهذا ما حدث لديما التي كتبت عنها مرة واسميتها ديما الحميمه حين عادت من المدرسة قبل رمضان ترتجف مرتاعة وساكتة, فقد اخافتها ابله نوره حين صرخت فيها اثناء الطابور وهددتها بان (تقطع لسانها) ان هي تكلمت مرة اخرى بصوت عال, منذ حينها وديما الحميمه لا تتكلم الا بالقطارة بعد ان تضع يدها على فمها خوفاً على لسانها من القطع, وتوقفت عن الغناء والأناشيد.
والسؤال المعقول: لماذا حملت ديمه الحميمه التهديد كل هذه الأهمية؟.
ولماذا تخاف ان يقطع لسانها فعلاً؟.
السؤال دقيق واجابته تتعلق بطبيعة تفكير الطفل التي تختلف نوعياً عن طريقة تفكيرنا,, فجهازه المعرفي لم ينضح بعد.
وبذا فهو لا يفهم الكناية ولا الرمز بل يأخذ الكلام بمعناه الحرفي المباشر.
ومن هذا الواقع تستطيع ان تفهم كيف فسرت ديما الحميمه تهديد ابله نوره بقطع لسانها ان هي تكلمت بصوت عال.
فهي لم تفهم اللسان على انه كناية للصمت بل اخذت التهديد كما هو حرفياً وتخيلت لسانها مقطوعاً.
وربما تخيلت نفسها تخرج الى المستشفى مغرقة بدمائها تفتش عن طريقة للصق لسانها مرة اخرى في وقت تجلس فيه ابله نوره في غرفة المعلمات تأكل الفول والفلافل في الفسحة وكأنها لم تقطع لسان احد.
هذا هو الاستنتاج الذي يرعب ديما ويجعلها تضع يدها على فمها حين تتحدث خوفاً من اذن ابله نوره.
وما يزيد مشكلة الجهاز المعرفي تعقيداً هو خصوبة خيال الطفل الذي يتمم له رسم الحدث بالتفاصيل الملونة.
فحين تريد ان ترده عن فعل شيء فتقول له سأكسر رأسك ان فعلت كذا.
ولكنه سوف يصدقك ويتخيل تفاصيل الكسر, وخياله واسع ومرعب.
وقد قالت لي طفلة عن نفسها بانها مجرمة, وحين سألتها لماذا؟ قالت لانها سوف تقتل امها.
اكتشفت بعد ذلك ان الأم تردد عليها: انت سوف تقتلينني,، وهي بذلك تريد ان تمنع الطفلة من النزول الى الحوض واللعب مع اطفال عمها الذين لا تحبهم الأم.
فالطفلة ممزقة بين نواهي امها من ناحية وبين رغبتها في اللعب مع اطفال عمها الذين تحبهم، فسقط في وعيها بانها بذلك تقتل امها مثل المجرمين في كل مرة تنزل لتلعب مع الاطفال.
فالمشكلة الدقيقة ان الطفلة لا تقدر على الامتناع عن اللعب لانها تحب اللعب والاطفال ولأن امها من ناحية اخرى لا تبرر لها المنع بطريقة مقنعة.
ولو كانت الأم تفهم لغة الطفل وعدم قدرته على فهم الكناية لقالت لها مثلاً بانك تؤذينني او تغضبينني.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved