Sunday 4th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 20 ربيع الاول


حول مواصلة التعليم لخريجي الثانوية
مطلوب إتاحة المزيد من الخيارات

عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, واسعد الله أوقاتكم بكل خير دائما,, وبعد
قرأت أخيرا عدة موضوعات في الصحف السعودية بما في ذلك جريدة الجزيرة وتحت عناوين مختلفة تتحدث عن القبول في الجامعات بعد المرحلة الثانوية وآراء بعض الدكاترة حول نفس الموضوع وقد أبدع كتاب هذه الموضوعات في طروحاتهم وشرح مواقفهم من القضية وهي الشغل الشاغل لكل بيت في المملكة، حتى الذين ليس لديهم أولاد او بنات انشغلوا مع جيرانهم في التفكير لحل هذه المشكلة.
وبدأ الطلاب والطالبات وأولياء أمورهم يجوبون مناطق المملكة شمالا وجنوبا وشرقا وغربا للبحث عن القبول في الجامعات او الكليات او المعاهد,, الخ, كما شد اولياء الأمور المئزر للبحث عن واسطات وترى يوميا ارتالا من الطلاب والطالبات أمام الجامعات والكليات والمعاهد وأمام أبواب المسؤولين للحصول على قبول لأولادهم وبناتهم وخاصة من تقديراتهم أقل من المطلوب ولو ان وزارة التعليم العالي أنشأت مكتبا للتنسيق للقبول في الجامعات حسب الشروط والضوابط التي تضعها كل جامعة وكلية كما هو الحال في بعض الدول لوفرت على الطلاب واولياء أمورهم الكثير من عناء السفر والخطر والمصروفات وسفح ماء الوجه للبحث عن الواسطات, وقد قرأت كاريكاتيرا في مجلة المعرفة العدد (40) يقول فيه الوالد الذي يلاعب ابنه وهو صغير (اضحك ياولدي والله لو تدري ما سوف تواجهه بعد الثانوية لبكيت من الآن).
ولن اتطرق لما تعرض له المشاركون ولكنني أود أن أشارك بالآتي:
أولا: لم تعد الجامعة وحدها هي الاختيار الوحيد للشباب بعد المرحلة الثانوية، فالكثير من الشباب يلتحقون بالكليات التقنية وكليات المجتمع والمعاهد الصحية والفنية والدورات (كدورات المختبرات في كليات المعلمين) المهم هو أن يجد له مكانا بعد الثانوية ولكن مع ذلك لا تتوفر للكثير من الخريجين الفرص, فهم لا يجدون قبولا في الجامعات ولا في الكليات ولا توجد كليات فنية او معاهد لقبولهم, ويقبل بعضهم العمل بالثانوية ويأخذ بعضهم دورة حاسب آلي حتى يجد فرصة للعمل وبعضهم يرحل للدراسة في الدول المجاورة وغير المجاورة والبعض بقي في المنزل, وهذا فيه خطورة الانحراف، ورفاق السوء، فالمطلوب هو توفير مكان للدراسة بعد المرحلة الثانوية لإعداد فنيين قادرين على العمل والانتاج فمثلا في احدى الدول المجاورة يقوم مكتب التنسق بتوزيع الخريجين على الجامعات والكليات والمعاهد الفنية كلا حسب مجموع درجاته ورغباته، فلا يبقى خريج إلا وقد حصل على مقعد وبعض الطلاب الذين لم يقبلوا في التخصص الذي يرغبونه لديهم المجال للقبول في الكليات أو الجامعات الأهلية وهذا ما لا يتوفر في المملكة, وهذا يدل على ان القبول بعد الثانوية في هذه الدولة يتم 100% وليس 70%.
ثانيا: اذا كانت الجامعات عندنا تستوعب 70% من خريجي الثانويات فتعتبر المشكلة منتهية, لأن لدينا الى جانب 8 جامعات بكلياتها 42 أو أكثر كلية تابعة للبنات و18 كلية لاعداد المعلمين و9 كليات او اكثر تقنية وعدد 5 كليات أو أكثر صحية والمعهد الصناعي العالي, وعدد 6 كليات عسكرية وعدد من المعاهد العسكرية وغير العسكرية,, إلخ فاذا استوعبت الجامعات 70% من الخريجين فاعتقد جازما أن نسبة 30% الباقية سيتم استيعابها بسهولة فاين المشكلة؟ كما سيتم استيعاب من تخرج من الفصل الثاني خلال القبول في نصف العام عندما تفتح بعض الجامعات والكليات ابواب القبول فيها.
ثالثا: المشكلة أنه لا توجد احصائية دقيقة في مركز واحد عن عددالخريجين بنين وبنات وعدد المقبولين في كل كلية وجامعة أو كلية او معهد او دورة, ثم كم عدد الذين نجحوا في الفصل الثاني وكم عدد الذين تم قبولهم في الفصل الثاني، وبدون ذلك لا يمكن ان نعرف حجم المشكلة ولا الحلول لها.
رابعا: يقول استاذنا الدكتور عبدالله الزيد إن من أهم أهداف التعليم العالي ان يكون في خدمة تنمية المجتمع خاصة وقد استجاب المجتمع لمطالب التعليم العالي الحالية المتزايدة, لقد انقضى العصر الذي كان العلم فيه يطلب للوجاهة الاجتماعية ولقد اصبح معيار العلم والتعليم يقاس بمردوده على الفرد والمجتمع، واصبح معيار نجاح الجامعات يقاس بانغماسها في شؤون مجتمعاتها تتحسس مواطن المشكلات، وتشخص الداء، وتصف الدواء، بل وتتحسس أيضا حاجات وطموحات مجتمعاتها وترسم الطريق الى تحقيق تلك الطموحات.
هذا هو الأصل في الجامعات ان تنهض بمجتمعاتها، وان تساهم في حل مشكلات المجتمع وأن تعمل على تحقيق الرخاء والرفاهية لأبنائه، وان تساهم في بناء حضارته, وبناء الجامعات ليس معناه أن هذه الاهداف سوف تتحقق طواعية وبطريقة آلية وإنما تحقيق هذه الأهداف يتطلب تخطيطا للجامعات في اطار تخطيط للتنمية الشاملة.
ان تربية لا تلتزم باعداد الرجال وبناء البشر وفق حاجات ومتطلبات خطط التنمية تربية لا تسهم في التنمية إن لم تعرقلها لذا يجب ان يعنى التعليم الجامعي في المملكة عناية خاصة بالجوانب التقنية لتخريج طبقة من المهندسين والتقنيين اللازمين لتنفيذ خطط التنمية.
وإنني استغرب ان يقول مسؤول في الجامعة (الجامعة لا ترتبط بالسوق) ومن مشاكل التعليم العالي في المملكة:
أ ضعف العلاقة بين التعليم العالي والتنمية.
ب النمطية والازدواجية وهي وجود أكثر من جهة للاشراف على التعليم العالي.
ج سياسة القبول، وهو التوجه للحد من القبول في الجامعات مع عدم توفير البدائل أمام الحاصلين على الشهادة الثانوية وحتى القبول في التخصصات التي يحتاجها المجتمع يتم باعداد محدودة كالطب والهندسة والعلوم الطبيعية والصيدلة والحاسب,, الخ, وقد سبق للأستاذ عبدالرحمن السدحان ان كتب تحت عنوان الى متى يبقى الخلل في مخرجات الجامعات؟ فذكر الكاتب استمرار الجدل حول دور الجامعات السعودية في صياغة حاضر ومستقبل القوى البشرية وربطها بمنظومة التنمية احتياطيا واستيعابيا وأشار الكاتب الى النتائج التي أدت وستؤدي الى استمرار هذا الخلل وهي:
1 استمرار الخلل في تركيبة القوى البشرية السعودية.
2 تراكم الخريجين ذوي التخصصات التي لا تحتاجها أغراض التنمية واثر ذلك على خطط الخدمة المدنية لاستيعابها.
3 زيادة الاعتماد على العمالة القائمة مما يسبب زيادة في عبء الانفاق.
4 تراكم خريجي التخصصات النظرية من الجامعات مما يؤدي الى تعثر السعودة بحجة عدم وجود التخصصات اللازمة فتكون النتيجة الاستقدام من الخارج وبودي هنا ان أشير الى انه لو رجعنا الى أهداف الجامعات والكليات الموجودة لوجدنا ان من ضمنها توفير احتياجات الدولة والمجتمع من الخريجين المؤهلين, ولكن هل تطبق الكليات والجامعات ذلك؟ والذي اعرفه ويعرفه غيري أن الجامعات والكليات في السابق وحتى الآن تتسابق وتتبارى فيما بينها في فتح المزيد من الكليات والتخصصات دونما تنسيق فيما بينها ودونما تنسيق بينها وبين الغرف التجارية بالمملكة والمشكلة لا تقتصر على الجامعات والكليات في المملكة بل تتعداها الى التعليم العربي فالكثير من الجامعات والكليات في العالم العربي ليس لديها أهداف استراتيجية وإن كان لديها فهي غير مطبقة فهذه الجامعات والكليات موجودة وكفى ولكن لا يعنيها ما الذي يفعله الطالب والطالبة داخلها ولا يعنيها ما سيفعله الطلاب والطالبات بعد ان يتخرجوا منها ويحملوا مؤهلاتهم, وهناك من يقول بان الكليات والجامعات غير مسؤولة عن إيجاد وظيفة للخريجين وهذا القول فيه نسبة من الصحة ولكن دور الجامعات والكليات في الدول المتقدمة لا يتوقف دورها في ان يتعلم الطالب والطالبة فيها ويحمل مؤهلها فقط, بل يتعدى ذلك الى التنسيق المستمر مع جميع مؤسسات المجتمع وتجري الجامعات البحوث والدراسات على احتياجات القطاعين الخاص والعام, ويتبادلون المشورة والخطط مع الآخرين وتضع الجامعات والكليات ومؤسسات التعليم كلها نفسها في خدمة واحتياج التنمية فالتعليم بجميع مراحله والتنمية بجميع خططها يجب ان يسيرا جنبا الى جنب وألا يخطو أحدهما خطوة إلا بعد التنسيق فيما بينهما, ففي الدول المتقدمة يقوم القطاع الخاص بالاتصال بالطلاب والطالبات قبل تخرجهم فيمنح بعضهم بعض الامتيازات وتعرض على البعض الآخر فرص العمل المتاحة في الميدان, وتقوم الكليات والجامعات والمعاهد العليا والادارات الحكومية بتنظيم برامج تدريبية للطلاب والطالبات لاكتساب الخبرات العملية وتعتبر هذه البرامج التدريبية من متطلبات التخرج، فتكتسب الجامعات والكليات والمعاهد من خلال التواصل والتشاور مع القطاع الخاص والإدارات الحكومية ما يسمى بالاستيعاب الجامعي لاحتياجات المجتمع وخطط التنمية.
فالتخصصات المطلوبة يزداد القبول والإقبال عليها ويتم توجيه الطلاب لها والتخصصات غير المطلوبة يقل الإقبال والقبول فيها فيقفل بعضها أبوابه وبذلك تؤدي الجامعات والكليات والمعاهد دورها المطلوب منها, وانني على ثقة بأن المسؤولين في الجامعات والكليات والمعاهد والغرف التجارية بالمملكة على علم ودراية بوجوب التنسيق والتعاون المتلازمين دائما فيما بينهم ولكنني لا أعلم لماذا لا يتم ذلك والى متى الانتظار؟ وقد ورد في مقال الاستاذ/ عبدالرحمن السدحان المنشور في هذه الجريدة (إن اقبال المواطنين على التعليم الجامعي دون سواه من مستويات التعليم الفني والتقني سببه غياب الخيارات البديلة للمسار الجامعي) فالكثير من الطلاب لا يشترطون مواصلة الدراسة في الجامعات بل لديهم الرغبة في مواصلة التعليم في الكليات الفنية والتقنية وكذلك المعاهد العليا لكنهم لا يجدون في هذه الكليات والمعاهد متسعا لهم كما أن اعداد هذه الكليات والمعاهد قليلة فلا بد من زيادتها فالجامعات والكليات الأهلية لم تر النور إلا كليتان فقط فيجب الإسراع في فتح المزيد منها وفق احتياجات القطاعين العام والخاص وتحت إشراف مباشر من قبل التعليم العالي.
محمد صالح الداود
الطائف الشرقية

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved