Sunday 12th September, 1999 G No. 9845جريدة الجزيرة الأحد 2 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9845


فيصل,.
فقيد الوطن والعمل والإنسانية
إبراهيم بن دخيل الوزان

حينما تريد ان تهيىء شعورك فضلاً عن ان توقظه وتزجيه لمن تحب فانما توظف بل وترسم احساسك وعاطفتك وحسك بديلاً عن الحروف والكلمات والجمل,, كيف لي ان اتحدث او ابدي رأياً بعلم من الاعلام وجيل بأكمله تنتظم فيه كل المعاني السامية والاخلاق الرفيعة والسمو الذاتي وعفة الجوارح وشفيف الانسانية التي وسعت بفضل الله وحكمته وتوفيقه كل ماطالت يده ووقر في سمعه ورأته عيناه وحكاه القريب والبعيد,, متواضع بشمم، جواد بأريحية، يمزج العمق بالمرونة، والرأي بالحكمة، والرؤية بالبصيرة، والقرار بالمصلحة,, اوّاب، سريع الاثابة عما يظن انه في غير محله.
فمهما وُهب الانسان من بلاغة وفصاحة وأُوتي سلاسة في القول والتعبير فلن يستطيع بحال ان يفي بما يجب عليه تجاه هذا الرجل الذي تربع عرش وقت قلّ فيه الرجال واضمحلت فيه المروءات واستُكرهت الشهامة واعتل النبل وتوارت العاطفة وذبل الشعور,, هنا يبرز هذا الشهاب الذي يضيء والمصباح الذي ينير,, فكم من عانٍ فك اسره وكسر قيده، وكم من سري اقال عثرته، ومريض كان سبباً في شفائه، ومعدم اثرى وأوجده، ومحتاج ايسره، ومجروح أبان ألمه,, وكم كان ناصراً ونصيرا,, لم ينهد الى جنس دون جنس، ولا لون دون لون,, ولم يفرق بين صغير وكبير او قليل ضر وكثير ولا قريب من بعيد,, بل وقف وقفة الفارس في ميدان البر والخير والرجولة انى وجد,, فنازل المكاره وتغلب عليها بفضل الله ثم بحسن نيته ونقاء سريرته وطويته,, لم تلهه مسئولياته الجسام عن سبل الخيرات ولم تثنه عزته ولامكانته عن سمو ادبه ودماثة خلقه,, علم فاتبع، ووعد فما اخلف، وتجلى فوفى، اعطى من نفسه فانقادت له السماحة، كساه الوقار، وتمنطق بالهيبة، واشتمل على سؤدد المناقب.
لم يكن فيصل بن فهد رئيساً لرعاية الشباب فقط ولا راعياً للرياضة وداعماً لها في كل صقع من وطننا العربي الكبير حتى اكتسبت الشخصية اللائقة بها وحسب لها الآخرون الف حساب,, وما كان فقط مشعلاً اضاءت به الثقافة داجيها ومحوراً ارتكزت عليه واساساً ضمن لها البقاء والقوة ودوحاً تفيأت ظلاله,, بل كان ذلك كله الى جانب شمائله الشخصية المتزنة وذاته السوية التي جعلت منه اميراً للانسانية بكل ما تحمل هذه الكلمة من المعاني السامية الواسعة,, لقد استمدها من دينه الحنيف وتربيته الاسلامية الفذة والتي منها مكارم الاخلاق,.
نعم ليس من السهل الحديث عن رجل يتسنم سدة الافذاذ,, ولكن الشعور يدلج العقل والفكر والقلب والعين لتقول ما تستطيع قوله,, ولذلك فانني اقول كما يقول غيري: بأننا فقدنا رئيساً حكيماً، وموجهاً سديداً، وناصحاً اميناً، ومخلصاً وفياً، وشجاعاً في الحق، قوياً على الباطل,, ومما قلت:
ضج الفؤاد بخطب غير مقدور
خطب تقضّى فاشقى كل مسرورِ
الا هلموا بأبصار وافئدة
تستوثقوا نبأ مثل الاساطيرِ
مات الامير فذابت مدامعنا
حزناً كأن بها عصف الاعاصيرِ
مات الاثير فلا شيء يعوضنا
سوى الاله بإيمان وتبصيرِ
يا فيصل الفهد لو تدري وتدركنا
علمت انك سيف شاسع النورِ
الله شد بك الحسنى ورّوضها
تنقاد منك بآمال ازاهيرِ
من للثقافة والاداب محتسباً
من للمآثر ان ظنت بتخيير
من للأرامل ان جافت مضاجعها
من للمريض، ومفجوع، ومأسورِ
من للخواطر، والاحلام يزرعها
في جدب، وذي عرف، وممطورِ
من للغريب اذا آذته غربته
ومن يئن على جمر المقاديرِ
من لليتامى، وللثكلى، وثاكلها
من للسواعد ان كلت، ومغدورِ
من للمكارم يا قومي، وعارضها
ان ظن شحاً بها قوم بقطميرِ
شم المكارم لا ترنو لذي مقة
تسير انى ينادي فيصل : سيري
مات الذي كتب الاحسان سيرته
حرب على الضيق، والآفات، والزورِ
مع الذين الى جناتها زمراً
ومن يقال لهم: طبتم مع الحورِ
اسأل الله العلي القدير ان ينزلك يا فيصل منازل الابرار وان يغفر لك ويرحمك ويجعلك في جنات النعيم وان يلهم آلك وذويك ومحبيك الصبر والسلو وجميل العزاء فانه لاراد لما قضى الله وقدره وسبحانه,, وانا لله وانا اليه راجعون.

سمو الامير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز
ان كان فراق فيصل قد شطر القلب والعين ففيكم سيلتئمان,, ان بعثر فراق فيصل اوراق الثقافة والادب والرياضة ففيكم ستنتظم كما يريدها الفيصل.
ان نكأ فراق فيصل جرح المكلوم ففيكم سيبرأ، والضعيف سيقوى، والحب سيكبر كما هي رؤية وارادة الفيصل,, وهكذا انتم دائما يكتسب التاريخ منكم ألقه واستمرار وجوده.
سمو الامير نواف بن فيصل بن فهد
حين تنظر - ونحن نعلم- أين يقع الفيصل من نفسك فأنت على ثقة من انه بانفسنا كذلك، واننا نشاطرك نفس الشعور فهو اب لك ولنا والد، لك مدرسة ولنا جامعة,, لم تصب به وحدك,, لا والله، فمصابنا به كما هو مصابك,, وليس هناك في الحال ماهو اصدق من مشاطرة المحب شعوره في حالتي الرضا والالم,, مسئوليتك عظيمة,, فشد الله من ازرك واجزل لك المثوبة والاجر انه سميع مجيب.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved