Sunday 12th September, 1999 G No. 9845جريدة الجزيرة الأحد 2 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9845


تراتيل
حكاية الفتى مفتاح 2-2
, فعل الذاكرة,,!
محمد الدبيسي

** حكاية الفتى مفتاح الذي يرجع السبب في ظهورها موثقة في مطبوع، الى نقاش درامي يشكل المنطق الثقافي قاسمه المشترك,, ومحوره الارتكازي.
فالفتى مفتاح على يقين جازم بأنه صنيعة لجملة ظروف ومناخات,, وخليط أمزجة ساهمت في تكوينه الإنساني,, والثقافي,, وفي تحديد معطيات نضجه الرجولي,, وهويته الفكرية,,!
** فعلىامتداد قارتين ! وفي ظل أمكنة متباعدة,, وسواحل متفرقة وظروف أزمنة شتىاختلط فيها السلم والحرب,, والقلق والطمأنينة,, والوهن,, والاقتدار ,,,,,, تشكلت شخصية الفتى مفتاح وفي مغبة ظروف صعبة وافتقار ماس,, الى المعونة والسداد,, يتلبس الفتى مبكرا شخصية الرجل,,يتقمص ثوب المسؤولية ويستعيد بعد ذلك سيرة الذاكرة ليسرد الحكاية ,,,,!
يعيد تسجيل سبعين عاما كانت,, حاضرة فيه,, مدخرة لتميز وعيه,,
** ولم يجد عنتا في إعادة صياغة مواقفها,, وقد صبّت صبر ديمومتها في روحه,,!
يعيد كتابة حكاية الذاكرة المشرقة بحمولاتها, ,المتباهية بمحفوظها,,! على النحو الذي يرتضيه هو رسما بيانيا لقصة من قصص الكفاح.
يحقق فيه معادلة الظرف + الفعل = النتيجة!
مشكّلا صورة من صور مواجهة الانمحاء,, والزوال,,!
** كان بمقدوره ان يكون فردا عاديا ,.
ينسحب عليه قانون المهمشين والبسطاء,.
او ان ينخرط في فلك العاديين أو ال,,,,, ولكنه اعتنق مسار العناء! في بواكير طفولته في ليبيا , واجه مذلة الحاجة,, وألم الكفاف,, في بدايات سردية,, تأخذ صفة المكاشفات الصريحة,, ولا تؤول توظيفاتها الفعلية الواقعية وصولا للنتيجة,, (ص 16 - 35).
تمتزج حكاية الذات المتحدث ,, بجوانب من التاريخ السياسي في مواطنه الاسكالية,, مرورا بسياقها الاجتماعي وأبعاده المستقبلية!
** لم يؤالف بين مجتزءات السيرة وبناء الحكاية ,.
وإن بدت كذلك عبر تصنيفاتها الرقمية وإن دس في تقاطعاتها بعضا من التفاصيل, كتب,, الحكاية حين استعاد خطها اليقظ في خزانة الذاكرة,, ولذا جاءت منثالة من الحافظة الذهنية المحفزة للحكي تتراسل في حديثها الموجه منسابا نديا بطزاجة التعبير وتسلسل الفكرة,, وليس تسلسل السرد,,! ولذا,, ظهرت اعتبارات الأحداث التاريخية والاجتماعية متضامنة مع ذاتية القائم بالحكاية متماسة في العمق,, مع كونها ضرورة وجزءا من ذلك التاريخي,, والاجتماعي,,!
اذ تشكلت وفق نتائجه,, وان تخطت مثبطاته,, وعراقيله,, وإن حاول هو التبدي بمظهر الواثق من بساطتها,, وهامشيتها إنها حكاية مؤلمة وقاسية وهي تخصني وحدي ولا تهم احدا سواي (ص8).
** وفي متلازماتها البيانية,, والبنائية,, التي تتراكم دلالتها,, وتحفز جانب التلقي على استدرار تقنية التراتب الرقمي البعد الكلي للحكاية,, لم يجانب كثيرا ملفوظ السرد او حتى محدداته الأدبية سواء في السياق الصياغي للبنية اللغوية في التعبير,, او في مظهرات المفهوم الدلالي (ص 46 70), دون ان يحيل بنية المضمون وتشكلاته الى تكثيفات عنوانية,, أو بسط شعري مفرغ,,!
فجاء انسجام الحكاية وتعالق اجزائها,, متوائما مع حرارة متوالياتها الحدثية وانبثاق مفاجأة بعض المواقف فتناغم مع ابعاد تلقيها كحكاية ترسم مشهدياتها بدقة,, آخذة مثالية النموذج الإنساني وواقعية المصدر المنتج والممثل الحقيقي لذلك النموذج (ص 151 155).
** وفي الفصل الذي ينتقل به مسار الحياة من ليبيا الى جدة,, مرورا بكل الظروف والملابسات كان حاذقا في وصفه السردي,, على عدم اختراق منظومة الحكاية ومنطقية تدرجها,, فجاءت الأحداث النقلية - والمصدر هنا الذاكرة الواقعية منسابة مع تطور الفعل الحدثي وتواليات السرد,, ذلك الذي لا يستطيع عنصر التلقي التنبؤ بخاتمتها,, او حتى التحفز المعلن لإدراك نتائج بؤرها الانفعالية,, وزخم التوتر الذي يتلبس التفصايل ساعة تجليها من الذاكرة,, حتى في سرده لبعض حقائق التاريخ السياسي، والاداري للمملكة واضافات ذلك لحكايته,, ورحلته فلم يكن في وسعه أدبيا ادعاء تجاوزه لتلك الظروف ومواكبته لحركة التغيير في ذلك التاريخ المشرق,.
فكان حديثه في الحكاية عظيما عظمة انجازه الإنساني عميقا,, عمق رسالته التي تكفل بأدائها,, وآمن بأهدافها.
** ولعلي اسلفت أن ولعه بالمغامرة يعود الى تكوينه النفسي,, والى معطيات حقيقته الذاتية حتى في الأحداث التي ساهم في ريادتها,, كمجلة الرائد اتخذ في تسجيله لها طابع الناقل للحدث بتفاصيله دونما الباسه الدعاوى النضالية,, وادعاء الإنجازات الفردية,, انتصارا للأنا,, ورفعا لشأو إنجازها,,!
** لقد كان الباحث الأول في كتابة السيرة الحكاية ولع الفتى مفتاح بتسجيل تاريخ الرجال الذين وعتهم ذاكرته واستوطنوا جزءا منها وحفلت حكايته بالعديد من الاسماء التي واكب مثالية افعالها واجازاتها وكانوا بحق,, جزءا من تكوينه ومحصلات لمواقف عايشها,, واسهمت في تلوين شخصيته بملامح من صفاتها.
** حكاية الفتى مفتاح تلك الكتابة المنفتحة على آفاق التجربة الإنسانية بخفقات انبثاقاتها الأولى ورعشات ولادتها في ذلك الخضم المحض في تقلباته,, واهواله فإذا ما شبت ونمت,, واكتملت وقد تحدد فيها الجانب الشخصي فقط من سيرة رجل ظهر لنا بمعطيات وجوده الإنساني فقط دونما مساس بالدور الثقافي الذي اسهم من خلاله الفتى مفتاح في صنع جزء من تاريخ ثقافتنا,,!
* حكاية الفتى مفتاح سيرة ذاتية عبدالفتاح ابو مدين
الشركة السعودية للتوزيع
الطبعة الأولى 1416هـ

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved