Thursday 30th December, 1999 G No. 9954جريدة الجزيرة الخميس 22 ,رمضان 1420 العدد 9954


نوافذ
فن الاعتذار
أميمة الخميس

تبدو لي بعض الكتابات النسائية، وكأنها رسالة اعتذار طويلة، رسالة اعتذار محملة بجميع ما تفتقت عنه معاجم اللغة من ألفاظ في الاعتذار والتأسف وايجاد الاعذار والمبررات بل والمسوغات.
فالمرأة في الخارج كائن قائم بغيره لا بذاته فهي إما (أم فلان أو ابنة فلان) وهذه العمومية المختفية تحت هوية غامضة ومبهمة قد لاتنسجم تماماً مع طبيعة الكتابة التي تميل باتجاه الكشف والبوح وتحديد الهوية بل وإبراز تفردها وتميزها دون الاخريات.
هذه المفارقة المحتدمة بين الداخل والخارج لم تستطع الكثيرات تجرعها او القفز فوق شراكها المترصدة، حيث نعرف بأن الكتابة عبر التاريخ ظلت أرضاً ذكورية خاضعة لشريعة الذكور، وكان الحضور أو التسلل الأنثوي الى هذه الحضرة حدثاً جديداً وطارئاً ولم تتضح معالمه بعد ولاسيما بأن هناك مفارقة تحديد الهوية الابداعية لدى الأنثى من ظلام الغموض والريبة إلى ضوء القول والبوح.
ويبدو ان الكثيرات في البداية (وإلى يومنا هذا) لم يحتملن المفارقة هذه كما قلنا، فتحولت الكتابة لديهن مع الوقت إلى رسائل اعتذار طويلة لأرض الذكور، فهن يتوسلن اساليب الرجل الكتابية،ونظرته إلى العالم وتفسيره للكون من حوله، بل وتلتقط نفس السوط الذي يرفعه البعض في وجه المرأة لترفعه هي بدورها بميكانيكية طفولية ساذجة لاتحاول من خلالها أن تدخل أشعة الضوء والتساؤلات إلى دماغها، قدر حرصها على تدبيج رسالة الاعتذار الطويلة إلى أرض الذكور.
وكأن لسان حالها يقول أنا لم اقتحم أرضكم لأخالفكم أو انازعكم الأمر على شيء، جلّ أمري ينحصر بلسان جديد سينضم إلى الجوقة، لسان سيسخر جميع طاقاته الابداعية لقول ماقيل,, وقيل,, وقيل حتى بات من اللغو أقرب منه الى الكلام الابداعي.
ولأن هذا هو المسوغ والمبرر الذي يدعوهن الى تدبيج رسالة الاعتذار الطويلة، فستظل تلك الكتابات قولا على قول دوامة باهتة بلا روح أو ملامح إنسانية فقط صدى مشروخ لأرواح هائمة مذعورة.
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير




[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved