Thursday 30th December, 1999 G No. 9954جريدة الجزيرة الخميس 22 ,رمضان 1420 العدد 9954


تأملات تربوية 2 - 3
د, عبدالرحمن بن سليمان الدايل

وقبل أن تنقضي أيام رمضان المباركة تشتد العزائم والهمم لإحياء العشر الأواخر منه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجدّ وشدّ المئزر , فهذه الأيام هي أيام مباركة طيبة عند الله فهي أيام العتق من النار وفيها نتحرى ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
وكم هو حريٌ بنا أن نتأمل طبيعة العمل الخيري والاجتهاد فيه والتسابق في مضماره,, فقبل أن تنقضي الفرص التي تتاح لنا ينبغي أن نستثمرها كما يجب,, وعندما تتاح لنا فرص العمل والجد يجب علينا أن نشدّ من عزائمنا لنفوز فيها بعون الله بكل خير وفلاح.
واشتداد المنافسة قبل نهاية السباق أمرٌ طبعت عليه نفوس البشر, والسعيد هو من يتأمل حياته من حولها ليجعلها مزرعة لأخراه, أما غير السعيد فإنه يركن إلى الكسل فيقعد عن العمل, وليت أمره يتوقف عند هذا الحد بل يتعداه نحو ما يأكل عليه حسناته ويضيع عليه ما قد يكون حصَّله من عمل صالح فيما مضى.
ومن أبغض ما يوقع المسلم في هذه المتاهات عدم سلامة الصدر من الأحقاد والوقوع فريسة لأمراض سوء الظن, فالقلب الذي يظلله السواد يفسد الأعمال الصالحة ويطمس بهجتها ويعكر صفو الحياة بين البشر, أما القلب الذي نصفه بأنه قلب أبيض فهو الذي يسارع بصاحبه نحو الخير ويحثه دائماً عليه ويدفعه إليه.
وهنا نتذكر ما رواه عبدالله بن عمر أنه قال: قيل يا رسول الله أي الناس أفضل؟ قال: كل مخموم القلب صدوق اللسان, قيل صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: التقي النقي, لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد .
فالقلب التقي النقي هو الذي يحفز صاحبه على العمل الصالح ويزوده بطاقة عالية للمسابقة فيه ويحفزه على أن يطرق كافة أبوابه بعد أن يسدّ أمامه نوافذ الشر والضغينة والشحناء التي ان تمكنت من القلوب تنافرت في ودها وعاثت في الأرض فساداً وإفساداً وجعلت سوء الظن مسيطراً على تصرفاتها وسلوكها وتعاملها بين الناس.
وسوء الظن من الأمرض الخطيرة التي إن أصابت قلباً جعلته يرسم صورة سيئة لكل من حوله فيظنهم أعداءه يتربصون به ويحيكون له من المؤامرات ما يجعله دائم التوتر شديد الحذر من الجميع لا يعرف للتعامل الإيجابي سبيلاً معهم بعد أن تكثر به الوساوس والظنون فتكون منطلقاته الفكرية والسلوكية نابعة من سوء ظنه الذي يملك عليه حياته ويحرك تصرفاته.
ومن أجل ذلك حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن نتجنب الظن السيىء فقال: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث , فإحسان الظن يدفع إلى الخير ويفشي السلام بين الناس, أما مَن قامت عليه القرائن والدلائل على أن حسن الظن فيه يُعدُّ مفسدة فإن من الحكمة أن نأخذ منه حذرنا انطلاقاً من أن المؤمن كيِّس فطن ولا يمكن أن يكون فريسة لحسن ظنه لأن حسن الظن يقتضي حسن العمل.
وإذا ما تأملنا حقيقة بعض المشكلات الاجتماعية التي نشاهدها من حولنا وبعض المشكلات الحياتية المتصلة بالحقوق المتبادلة نجد ان فساد القلوب يقف وراءها ويتسبب في الكثير منها كما أن سوء الظن هو الذي يقطع الصلات بين الناس ويضيع حقوقهم بينهم وهذا في حد ذاته إذا تأملناه رأينا أن الواجب يقتضي أن نربي أبناءنا على أمرين مهمين.
الأول هو : محاربة الأحقاد والضغائن والارتقاء بهم وبقلوبهم والسمو بأفكارهم والعلو بها نحو التسامح والخير وإقالة العثرات والحرص على سمعة الآخرين والتعاون معهم في ميادين الخير والفلاح.
أما الامر الثاني: الذي يجب أن نربي أبناءنا عليه فهو أن يكون سلوكهم متسقاً دائماً مع ما نصبو إليه من تعويدهم على فعل الخيرات والحرص على حقوق الآخرين وأن نعلمهم ان الدنيا هي مزرعة الآخرة ليحسنوا فيها الغرس والزرع والعمل ورد المظالم فقد قال صلى الله عليه وسلم: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضٍ أو من شيء فليتحلله منه اليوم, من قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه إننا يجب علينا أن نعلم أبناءنا أن سلامة الصدر من الأحقاد وسلامة القلب من سوء الظن تجعلهم بعيدين عن كل ما ينغص حياتهم وحياة غيرهم وهذا هو سبيل السعادة في الدنيا والنعيم الباقي إن شاء الله في الآخرة,,وبالله التوفيق.
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير




[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved