Thursday 30th December, 1999 G No. 9954جريدة الجزيرة الخميس 22 ,رمضان 1420 العدد 9954


هل أنت جاهز لعام 2000؟
د, فهد حمد المغلوث

يومان فقط بإذن الله اي السبت القادم وتكون بداية الألفية الثالثة، وهي مناسبة استعدت لها دول العالم وتحديداً الدول المتقدمة تكنولوجيا استعدادا غير مسبوق بل غير طبيعي وربما مبالغ فيه أحيانا! وجنّدت هذه الدول المترقبة لهذا الحدث الفريد طاقاتها المختلفة بل حتى المخمنين دخلوا في هذا الموضوع وبدأت التوقعات والمخاوف من ان تكون هذه الالفية هي نهاية العالم! إلى غير ذلك من الاستعدادات والاشاعات والمخاوف وغيرها.
إن حدثا كبيرا كهذا لا ينبغي ان يمر بسلام، وهذا ما احتاطت له الدول المتقدمة نظرا لأهميته وضرورة مواجهته بكل الوسائل والطرق الممكنة وعدم الركون والاستسلام لما يمكن ان يحدثه من آثار لا تحمد عقباها خاصة في مجال الاتصالات واتخاذ كافة الاجراءات والتدابير اللازمة لمعالجة ومواجهة مشكلة (2000) وحصر واختبار جميع الاجهزة الحاسوبية والمعدات والبرامج تمهيدا لتعديلها واستبدال ماقد يتأثر منها بالمشكلة المعنية.
والسؤال الذي أود طرحه حول هذا الموضوع هو ماذا أعددنا نحن كأفراد مجتمع لاستقبال الألفية؟
أنا لا أقصد الاستعداد من الناحية الحاسوبية كما يركز عليها غالبية المسؤولين في الجهات المعنية بالامر والتي قد تتضرر بمشكلة عام (2000) ما لم تحتط لها بشكل جيد ومسبق، انما ما أقصده هو شيء آخر مختلف ربما لم يتنبه له الآخرون.
إن ما اقصده تحديداً هو: هل تهيأنا نحن كمجتمع بكافة افراده عقلياً لاستقبال الالفية الثالثة مع كل ما فيها من متغيرات حتمية؟ وهل نحن بالفعل على وعي اجتماعي بما تعنيه هذه الالفية المقبلة.
ان الالفية الثالثة ليست مشكلة حاسوب آلي بل عولمة بكل دقائقها, والعولمة تعني فيما تعنيه: كيف نتعامل بفاعلية وعقلية متفتحة ومتزنة مع معطيات وآثار وحتميات الالفية القادمة؟
لا ننكر ان الدول العربية قد اظهرت وعيا بهذه المشكلة، فدول الشرق الاوسط وشمال افريقيا حققت تقدما في معالجتها في قطاعي النفط والمصارف حسب التقرير الذي قدمه مدير شؤون العلوم والتكنولوجيا في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية, ولم تنتظر لرؤية ماذا سيحصل مع غيرها لتتصرف حينها كما حدث حسب التقرير السابق مع مجلس ادارة المصلحة الوطنية للكهرباء في اندونيسيا الذي لا يبدو ان لديه ادنى فكرة عن المشكلة وآثارها ولم يقم بأي تدبير بشأن الاحتياط لها، وهذا ما اتضح حينما سُئل المجلس حول ما الذي يمكن للمجلس عمله استعدادا للمشكلة فرد قائلا بأن استراليا ونيوزيلندا يسبقاننا بست ساعات، لذلك فإننا سنرى اولا ماذا سيحصل لهم في منتصف ليل 31/12 وعندها سوف يبقى لدينا ست ساعات لنتصرف! وقت كبير وكاف أليس كذلك؟!
ان الألفية الثالثة كما ذكرنا تعني العولمة وهذا يعني ايضا اعادة النظر في كيفية تفكيرنا للامور، وكيفية تعاملنا مع الاحداث المستمرة التي لا نستطيع ان نغمض اعيننا او نصم آذاننا عنها.
أمور كثيرة تحتاج منا إلى اعادة النظر بشكل جاد وعملي، ولعل من أهمها، طريقة تعاملنا مع ابنائنا ومع من هم تحت وصايتنا أو من نحن مؤتمنون عليهم، فهل تعاملنا معهم صحيح؟ وان لم يكن صحيحا، فما الخطأ فيه؟ فليس بالضرورة ان تكون المعاملة خطأ، أبداً! ولكن في ضوء هذه الألفية القادمة ومع ماتحمله معها من تغيرات حتمية غير مرغوبة احيانا، فلابد ان هناك استراتيجيات معينة تحتاج منا إلى تطوير او تعديل او تبديل، وهذا ليس عيبا ان اردنا ان نتماشى مع معطيات الالفية القادمة خطوة خطوة وبشكل انسيابي دون عقبات كثيرة تلافيا للآثار الاجتماعية المحتملة والتي لا نستطيع ايقافها ولعل ابسطها اقتحام وسيطرة الفضائيات كشكل بسيط ايضا من اشكال العولمة.
فنحن لا نريد ان نضع ايدينا على خدودنا ونغمض اعيننا عما يدور حولنا كعادتنا ثم نكون بذلك في آخر الصفوف، ومن ثم نفيق فجأة ونجد أنفسنا وكالعادة ايضا خلف الركب، ثم نبدأ بالجري واللهاث لنكون في مقدمة الركب الذي سبقنا كثيرا، لأن المشكلة مع هذه الاستراتيجية اننا قد نظل معهم بعد حين، ولكننا نكون قد استنزفنا طاقاتنا وجهودنا وأنفسنا، في الوقت الذي تكون فيه الاطراف الاخرى في حالة راحة جسمية وعقلية ونفسية تامة لأنها وصلت مبكراً، مما يمكنها من مزاولة التقدم والسبق دون توتر أو قلق، أما نحن فما زلنا نلتقط أنفاسنا، وهنا تبدأ مرحلة لهاث جديدة.
وهكذا نحن لهاث في لهاث لأننا لم نستعد مسبقا ولم نهيىء انفسنا ولا نبدأ إلا متأخرين كما يحدث مع بعض الاجهزة الحكومية ممن تفتخر باستحداث اجهزة الحاسوب الآلي لديها وغيره من الاجهزة الاخرى وبأنها سبقت غيرها في هذا المجال في حين انها متأخرة والسبب انها استغرقت وقتا طويلا لاتخاذ القرار في استحداث الاجهزة، ووقتا آخر استمر شهورا أو سنوات لدراسة جدوى المشروع وتأمين الموارد المالية للمشروع ووقتا آخر لإجراء المناقصة لمتعهد وحينما يحين توفير الاجهزة وتدريب العاملين عليها هذا إن تم! تكون هناك اجهزة حديثة اخرى قد اكتشفت وتم استخدامها بالفعل ليس من الدول الغربية فحسب ولكن من بعض شركات القطاع الخاص الحريصة فعلا على تطوير نفسها وزيادة كفاءة موظفيها وتحسين فاعلية انتاجها, أليس هذا ما يحدث أم أنني أبالغ؟!
ترى ماذاتعني الالفية الثالثة؟ انها تعني العولمة بكل ما تحمله في طياتها من مضامين مرئية وغير مرئية محسوسة وغير محسوسة، والعولمة لمن لا يعرف معناها الدقيق بعد هي أن العالم على كبر مساحته واتساع رقعته الجغرافية وتباين ثقافة شعوبه واختلاف عاداتهم وتقاليدهم، أصبح قرية صغيرة جدا، تعرف ما يحدث فيها وأنت جالس في منزلك بل في غرفة نومك وعلى سريرك ان شئت من خلال (ريموت كنترول) أو جهاز تحكم تضغط عليه بخفة فترى وتسمع بنفسك ما يحدث في العالم حيا على الهواء ووجها لوجه وربما شاركت انت تلك الاحداث بنفسك من خلال الاتصال المباشر بالقنوات الفضائية وأدليت بدلوك او ابديت رأيك فيها سلبا او ايجابا تأييدا أو معارضة من خلال البرامج الفضائية المباشرة، كل هذا وأنت في مكانك لم تبارحه بل وأنت تشرب كوب الشاي او تستمتع بفنجان قهوة!
وأنت تتابع ما يبث على شاشة التلفاز او ما يبث على الاثير او ما تشاهده يباع بنفسك من اجهزة حديثة متطورة وما تلاحظه من عادات وافدة مختلفة وموضات على آخر طراز لابد وان تتأثر! لابد وان تجرب! لابد وان تسأل نفسك: ترى هل انا على صواب أم انني بحاجة للتغيير؟! هل انا فقط الصحيح والعالم كله من حولي خطأ؟! اسئلة كثيرة تجعلك في حالة صراع لا يريحك منها نفسيا سوى رؤية اقرب الناس اليك يشجعونك عليها ويطالبونك بها بشكل أو بآخر مباشر او غير مباشر من خلال التقليد وغيره وهذه هي النقطة المخيفة التي ينبغي الحذر منها والتعامل معها بشكل متزن وواقعي بعيداً عن القوقعة العقلية التي لم تقدنا يوما سوى إلى التخلف ولم تضعنا سوى في آخر الصفوف ولكن هذا التعامل بالتأكيد لا يتم إلا وفق معتقداتنا الاسلامية التي هي فخر لكل فرد فينا.
إن الألفية القادمة تعني عقلية متفتحة مرنة متزنة، وليست عقلية بيروقراطية مغلقة وليست تطبيقا حرفيا للوائح جامدة تعيق العمل وتؤثر سلبيا في الانتاجية.
الناس دخلت الالفية الثالثة وهيأت نفسها وبعض الاجهزة مازالت تصر على احضار ملف علاقي اخضر ليس لاستكمال المعاملة فحسب، بل لاستقبالها قبل البت فيها!
الناس دخلت الالفية الثالثة وبعض الاجهزة ارسلت لاداراتها التعليمية تعاميم بضرورة الاستعداد للعمل اليدوي فيما يخص الرواتب والحسابات المالية.
الكل منا مطالب بالاستعداد للالفية القادمة، ولكن كل فيما يخصه هو، وان شئت ان تعرف كيف فدعني أقول لك طريقة تنظيمك لحياتك، ألا تحتاج اعادة نظر، غرفتك الخاصة الا تحتاج لنوع من التغيير، نظرتك لمن هو حولك ولمن يحبونك الا تحتاج منك لتطعيم اكثر، اسلوبك في التعامل مع القضايا والاحداث والمواقف التي تواجهك هل هو نفسه مازال ام انه يحتاج لنظرة اخرى تواكب مستجدات العصر والعولمة التي نحن قد اقبلنا عليها فعلا؟
ما اريد أن اوضحه، ان الآثار الاجتماعية المترتبة على العام ألفين اهم بكثير علينا من النواحي الاجتماعية وأكثر ربما وأخطر من الاشياء الاخرى رغم اهميتها هي الاخرى.
فنحن لا نريد ان نغفل الاشياء المهمة، ولكن هذا لا ينبغي ان يكون على حساب اشياء اخرى لا تقل اهمية، وماذا عساه يكون اكثر اهمية من حياتنا الاجتماعية وراحتنا النفسية؟
فنحن لا نريد ان نتعامل مع اجهزة على حساب التعامل مع عقول بشرية نحن لا نريد ان ينسينا اهتمامنا بالحاسوبات والاجهزة الآلية اهتمامنا بمشكلات المجتمع وهمومه.
باختصار شديد، نحن نريد ان نسير في خط متوازن يحفظ لنا تقدمنا العلمي وفي نفس الوقت يحافظ على قيمنا وتقاليدنا التي هي اساس اي تقدم علمي، فهل أنت جاهز لعام 2000؟
همسة
المناسبات القادمة,.
التي يتحدثون عنها باستمرار,.
التي ينتظرونها بفارغ الصبر,.
***
الأحداث الكبيرة,.
التي يستعدون لها منذ زمن,.
التي يريدون الاحتفال بها,.
***
كل ذلك,.
لا يعني لي شيئا!
لا يهمني,,!
من قريب أوبعيد,,!
***
ما يهمني هو أنت,.
فأنت مناسبتي التي أحتفل بها,.
في كل الأوقات,.
قد عرفتك,.
قد أصبحت كل شيء!
***
فأنا أوفر حظاً منهم!
هم يبحثون عن شيء,.
اي شيء ليحتفلوا به!
أما أنا فحاجتي معي!
احتفل بها متى شئت,.
هم ينتظرون المناسبة,.
وهي بين يدي!
هم يتحدثون عنها,.
من بعيد,, لم يروها بعد,.
اما أنا فأتحدث معك,.
في كل وقت اريده,.
لأنك لم تفارقني,.
لحظة واحدة,.
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير




[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved