Thursday 30th December, 1999 G No. 9954جريدة الجزيرة الخميس 22 ,رمضان 1420 العدد 9954


بيننا كلمة
رموز تحت الشبهة
د , ثريا العريّض

** (لقد أصيب هذا الجيل في رموزه فأعظم الله أجره، وعوّضه عنهم بآخرين خير منهم يدركون مسؤوليتهم التاريخية ) ابراهيم التركي.
حول قضية الشللية والاستنفار للدعم أو الالغاء، تواصل معي متسائلاً ومنزعجاً أكثر من مبدع ومبتدئ طري العود، متين الايمان بمثالياتنا الأدبية والثقافية: كيف يحدث مثل هذا الانحراف؟ وممن نعتبرهم رموزاً ثقافية؟ هل نخلع عنهم صفة الرموز هذه؟
فعلاً,, كيف يرتاح المبدعون الحقيقيون والنقاد الموضوعيون ويتأكد النشء القادم مؤهلاً بموهبته أن من يؤمن بتميّزهم يستحقون ايمانه بهم؟ أو كما قال هذا الموضوعي النظيف أن نتأكد ان من تضيئه الأصداء هو مبدع بالفعل وليس مفتعلاً بتسليط الأضواء والصخب ؟.
سألني أحد ا لواعدين من الشباب القادمين الى الساحة مسلحاً ليس فقط بالابداع والموهبة بل أيضاً بالمثاليات الأدبية والحماس في ضرورة تطبيقها في الساحة خاصة من رموزنا الثقافية أو من يحسبون عليها: هل اشكالية عجزنا عن التقييم الحيادي الموضوعي المتزن تشكل معوقاً لازدهار الساحة الثقافية ونموها,,؟ قلت: بلا شك,, هذا التعثر في فهم معنى الإبداع والنقد الموضوعي والحوار البناء يشكل معوّقاً قاتلاً لازدهار الساحة الثقافية ونموها,, حيث كل طامح للبروز يقف على ركيزتين محرمتين أدبياً، الأولى: ان رأيه في تفوقه الذاتي صحيح ولابد من تنصيب نفسه رمزاً, والثانية: ان كل من يقول بغير ذلك جاهل وعدو مسيء، ولابد من اسكاته بأية وسيلة, أضف إلى ذلك ان اغلبنا يحمل بطحة على رأسه يتحسسها كلما استعمل الآخر ضمير الغائب أو صيغة المبني للمجهول، واثقاً باحساس داخلي لا يحتمل الشك العلمي، انه هو المقصود بالاتهام، فيبادر بضربة عاجلة انتقامية وقائية، يرجو ان تكون مفحمة، تصد عنه هجوماً يخشاه كاسحاً.
فعلاً,, المشكلة الأكبر والأكثر اضراراً بساحتنا الثقافية هي ان مثل هذه العادات السيئة والممارسات اللا أدبية تغتال ثقة النشء القادم في رموز الساحة كلهم,, بسبب تصرفات البعض المشوهين لحقائق الساحة: المبدع؟ الذي دون دعوة يحمل شنطته متوجهاً الى أي مهرجان قائم ليتسول فرصة الوقوف على منصة,, والناقد؟ الذي يتخير اعضاء الشلة فقط ليقدم نصوصهم المتميزة؟ ويشيد بها في الملتقيات الأدبية، سائلاً هذا وذاك منهم أن يشرح له نصه كي يردده كالببغاء على أنه رؤيته النقدية المجددة والنافذة في مجاهل النص!
فهل نستغرب ان يضحي السؤال الذي يؤرق مبدعنا الناشئ هو كيف تتأكد ان من يعلنونه رمزاً هو رمز بالفعل وليس ظاهرة مفتعلة بصخب اضاءات المستفيدين في مصالح متبادلة تضمن للفرد زخم صوت الشلة وقوة حمايتها؟ هذا إذا ظلت لها قدرة حماية بعد الانكشاف الفاضح، كونها ثقافة بالاسم,, مع وقف التطبيق؟ أو التطبيل؟
ويبقى التطور الأسوأ ان كل من يمتلك ذرة من موهبة تشيء باحتمال قدرة ابداع ذات يوم ينشغل عن عملية الابداع العفوي الجميل بعملية الاعداد للتصفيق المطلوب وذلك بالبحث عن شلة تسانده ثم تقايضه حمايتها حين تستنفره لمساندة غيره ، وبذلك يخفت نبض الابداع والنقد الحقيقي ليعلو صخب التطبيل والتزمير أو التمزيق والتشهير حسبما يقتضي الحال، حيث الابداع هنا ليس الهدف بل مجرد واجهة مفتعلة توصل اعضاء الشلة الى منصة الأضواء وبأي وسيلة.
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير




[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved