أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 4th January,2002 العدد:10690الطبعةالاولـي الجمعة 20 ,شوال 1422

أفاق اسلامية

رياض الفكر
ماذا وراء حملات الحقد؟!
سلمان بن محمد العُمري
من المعروف للقاصي والداني ان المملكة العربية السعودية تمثل مركز الثقل العربي والإسلامي، وانها الحضن الدافئ الأول لقضايا الإسلام والمسلمين عربهم وعجمهم، فهي الأرض التي انطلقت منها دعوة الحق تبارك وتعالى، لتشع نوراً في أرجاء المعمورة، وهي التي حباها الله بمقومات مكنتها من الاستمرار بالاضطلاع بدورها على أمثل وجه.
هذه المقومات تتمثل في المجتمع الطيب المبارك، والحكومة الرشيدة، والقيادة السياسية الحكيمة، والأرض المعطاء، والاستقرار الأمني، والثقل الاقتصادي، والترابط الاجتماعي، والمكانة الدينية المتمثلة في تحكيم شرع الله، الذي تكمن فيه سعادة الدارين، وبما ان من تحمل المملكة الحبيبة همومهم وقضاياهم ليسوا بقلة في هذا العالم، فالمسلمون تجاوز عددهم المليار ونصف المليار، أما الإسلام فمعروف ما يمثله على وجه البسيطة من ثقل حضاري، وأعداء الإسلام والمسلمين كثر، وهذه حقيقة يتكرر تأكيدها بمرور الأزمنة والأيام، منذ بعثة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام حتى يومنا هذا، وسيبقى الأمر كذلك صراعاً بين الخير والشر إلى ما شاء الله.
الأعداء منهم من يكشف عن وجهه، ويعبر عن غاياته بصريح العبارة، ومنهم من يلمز ويغمز، ومنهم من يتستر ويتكتم، ومنهم من يدس الدسائس، ويخلق الفتن، ومنهم من كان في الخارج، ومنهم من كان أو صار في الداخل، والهدف الذي يجمعهم واحد، ألا وهو إخفاء نور الحق والحقيقة، وإبقاء الناس في غياهب الظلام، وكهوف الباطل.
هناك بالطبع حضارة في الغرب، ونحن أناس موضوعيون نعرف ذلك، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، ولكنها حضارة ناقصة منقوصة، ينقصها جانب الروح، وجانب الحياة الآخرة، وجانب الإنسانية، وجانب الحضارة السمحة، وكل ذلك موجود في الإسلام، ورغم جهل بعض أهل الإسلام، وتخلف بعضهم، وتهافت بعضهم على موائد الباطل، لكن يبقى الإسلام دين الحقيقة، والحضارة الحقيقية، والتسامح، والسلام، والوئام، يبقى ذلك الدين الذي رضيه الله لعباده، والله أعلم بمن خلق.
لقد كال أعداء الأمة ضرباتهم لهذه الأمة، لما تمثله من حضارة وإنسانية، وعندما عرفوا ان ضرب الأمة ودينها بشكل مباشر يضر بمصالحهم، التفوا إلى طرق أخرى، فوجدوا ضالتهم بتوجيه السهام الخبيثة إلى الحضن الدافئ، والحصن المنيع، فصاروا يكيلون التهم يميناً ويساراً على المملكة، تارة باسم حقوق الإنسان، وهم أبعد الناس عنها، وتارة باسم الحضارة، وهم قد صاروا أعداءها، وتارة باسم الحرية، وهم أول من كتم أنفاسها، وتحولوا إلى سجانين للبشرية كلها، وتارة باسم الديمقراطية، وهي ديمقراطية الكيل بمكيالين أو أكثر تقاس بمقياس الهوى، وتارة باسم التطور وهم قد لجموه لجماً، وتارة باسم معاداة التخلف وهم يسلكون سلوكيات العصور الوسطى القمعية.
والهدف واضح، والحملات واضح عنوانها ومضمونها، والأمر بيِّن، إنه الإسلام المستهدف، إنها القضية الكبرى التي يحتالون عليها لتحطيمها {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}.
لقد تحولت وسائل الإعلام في الغرب إلى وسائل مسعورة في خدمة أهداف أعداء الأمة، وصارت تتحدث حديثاً معظمه يغط في بحر الكذب، وتفوح منه روائح الحقد الدفين، وتتعالى منه أصوات الكره والضغينة، فهل هذه هي الحضارة؟ وهل هذه هي التي يدعوننا إليها لنكون متطورين؟ هل الحقد تطور؟!، وهل الكره حضارة؟، وهل الكذب إنسانية؟ وهل الظلم والاستبداد واغتصاب الحريات وإرادة ملايين البشر هل يعد من القيم الحضارية التي ينادى بها؟ لا والله، إنها غايات حاولوا إخفاءها ولكنهم لم يستطيعوا فظهرت منهم، لينفر منهم الناس جميعاً.
إن أبناء الأمة، أو بعضهم على الأقل، يتحمل وزراً كبيراً في هذه الناحية بتصويرهم للأمور على غير حقيقتها، وبسيرهم في شعاب الباطل الذي يأتي من وراء البحار، وباتباعهم شهوات الأنفس والشياطين، ويبعدهم عن الصواب، وببدعهم التي ابتدعوها.
إننا نطالب أبناءنا الغيورين المتحمسين للإسلام ألا يتهوروا، وألا يعطوا العدو الفرصة للنيل من هذا الدين الحنيف، وتبرير الهجوم على الأمة، وإعادة التوترات بين دولها، مما لايخدم الأمة، ولايخدم الإسلام بخصوصه، وستكونون أنتم أول من يكتوي بنار ذلك، فالرفق الرفق، والصبر الصبر، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون.
حدثت الأحداث المدانة في نيويورك، وقد كان موقفنا الإسلامي واضحاً، ورغم ذلك اعتقل من اعتقل، وضرب من ضرب، ووجهت الإهانات لنا على مستويات عديدة، وكل هذا لم يكن إلا تعبيراً عن حقد كامن في النفوس، ووجدوا فرصتهم في أحداث لم يكن للإسلام فيها ضلع، ولم يكن لأبناء الأمة الغيورين أي يد فيها.
أما الحقيقة الناصعة البياض البينة الجلية فإنها لن تخفى طويلاً، والخير ماض في طريقه، ولابد ان ينتصر بإذن الله، وهاهي رغم المحن والآلام جموع الغرب وبالآلاف تعلن إسلامها ونطقها بالشهادتين، كدليل حي على أن الحق لابد ان يظهر، وأن تظل رايته عالية خفاقة.
إن سلوك الفرد والجماعة الإسلامية الصحيح، من أهم عوامل النصر في معركة الخير والشر، وفي رد كيد الأعداء إلى نحورهم، إنهم لن يحترموك إن تخليت عن مبادئ الإسلام، وتعاليمه، وأخلاقه، ومثله، وتشريعاته، إنهم لن يثقوا بك ولو خرجت من جلدك، ولكنهم بالتأكيد سيحترمونك ويقدرونك لو تمسكت بدينك الحق الذي أرادك الله أن تكون عليه.
وفي مثل هذه الأحداث، وأما مثل هذه الهجمات الإعلامية الحاقدة، يتأكد الائتلاف والاجتماع ونبذ الفرقة، وطرح أسبابها، والتعاون على مايفشل مخططهم في تمزيق وحدة المجتمع، وزرع بذور الفتنة فيه {وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين}.
إن لدينا من الإرث الحضاري والإنساني الكثير الكثير، ومن العيب ان نجد الأبناء أو بعضهم يفتقد ذلك أو حتى يفتقد معرفة ذلك، الجهد المضاعف مطلوب، والبذل والعطاء مطلوب، ولنعلم أننا لسنا وحدنا في معركة الخير والشر، معركة الحق والباطل، بل يقف معنا كل المخلصين من أبناء الأمة في مشارق الأرض ومغاربها، فالمملكة ليست لأبنائها فحسب، بل هي للإسلام كل الإسلام، والمسلمين كل المسلمين، والعرب كل العرب، وإخواننا يعون هذه الحقائق جيداً، ويعملون أيامهم وفق هذه الحقائق الناصعة.
أما الأعداء فإننا نؤكد لهم أن اللعبة قد صارت مكشوفة، ولاداعي للتواري والتستر، وليقولوا مايشاؤون، ولتكن لديهم الجرأة للنقاش والحوار الحر الصريح، وليأتوا ببراهينهم ان استطاعوا.
إننا وكأي بلد قد يكون لدينا بعض الأخطاء في تطبيق الأنظمة التي تتعلق بالممارسة اليومية، ولكننا من المحال ان نكون ممن يصر على الخطأ، والخطأ لدينا استثناء، وتصحيحه هو القاعدة، وأساس عملنا أو تصحيحنا لعملنا هو الإسلام والإسلام وحده، فشرع الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وسعينا هو لسعادة الإنسان في كل أرجاء المعمورة.
لم يكن يوماً همنا الاعتداء لا سمح الله أو البغي في الأرض، لقد كنا، ومازلنا وسنبقى، دعاة السلام والوئام وحضارة الإنسان، وتحقيق إنسانيته قبل كل شيء، والذين يغيظهم الأمر كادوا وسيكيدون لنا، ولكن الله متم نوره ولو كره الكافرون،.
والله من وراء القصد.
alomari1420@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved