أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 5th January,2002 العدد:10691الطبعةالاولـي السبت 21 ,شوال 1422

محليــات

لما هو آت
كي لا تنتهكَكَ الحرب
د. خيرية إبراهيم السقاف
أيها «السعودي»...
قف... لا تنتهكْكَ الحرب...
فلأنَّكَ طاهرٌ عقدياً، فإنَّ أعداء الإسلام يترصَّدونك...
ولأنَّك مسالمٌ أخلاقياً،... فإنَّ المحاربين يترقَّبونك...
ولأنَّك نقيُّ النَّوايا، فإنَّ ملوثي الخفايا يتعقَّبونك...
ولأنَّك على حق...، فإنَّ أصحاب الباطل يغبطونك...
ولأنَّك كريم اليد، واللسان...، فإنَّ الوصوليين يلاحقونك...
ولأنَّك واضح المقاصد..، فإنَّ الغامضين يداهنونك...
ولأنَّك قليل التجارب...، محدود الاختلاط...، فإنَّ المحنَّكين يتقصَّدونك...
ولأنَّك رفيق في التعامل...، فإنَّ القساة يخادعونك...
ولأنَّك شهم في المواقف...، فإنَّ الوضعاء يطعنونك...
ولأنَّك ذو مبادرة عند الحاجة وأقلَّ منها...، فإنَّ الحاقدين يُثنونك...
ولأنَّك...
ولأنَّك...
ولأنَّك...
ولأنَّك...، فإنَّ عليك أن: تثبت على طهارتك، وتحرص على مسالمتك، وتبقى على نقائك، وتصرُّ على الحق، وتدوم كريماً، وتظلُّ واضحاً، وتصقل تجاربك، وتحرص على معرفة ما ليس في علمك، وتجلِّيَ عن رفقك، وتقوِّي شهامتك، وتستمر على مبادراتك... وتصلح نفسك وذلك الأجدى...
وإنَّ عليكَ ألا تكونَ ليِّناً فتعصرَ...، ولا ساذجاً فتُستغلَّ، ولا سطحياً فتنفذ إليك سهام الكائدين، أو تمسَّك سطوة الملتوين، الحاقدين، ذوي النَّوايا السيئة، والمكر الخفي...
وإنَّ عليك أن تكون فطناً كي تنجو، وقوياً كي تنجح، وعاقلاً كي تأخذ، ويقظاً كي تخلُص...، وحذراً كي تأمن...، ونشطاً كي لا تتوانى في أمر ذاتك لتكسب كلَّ الحسنات...
وإنَّ عليك أن تستفيد مما عندك من العقل، لتقْوَى به على ما عند غيرك من العلم...
وأن تدرك بأنَّ الحياة غالية الطلب، صعبة المنال...، لتكون دار بناء لما بعد الفناء...
ولا يُرخِص طلبها إلاَّ التحصيل المفيد، لا الأخذ القليل، وأنَّها لن تُنال إلاَّ بالجهد، والسهر، والبذل، والتفكُّر، والتَّحصُّن بعدَّة العقل، وعتاد البصيرة...
وإنَّ عليك أن تعلم، أنَّ التَّجمُّل في الحياة بمترفاتها ليس هو سلاح الحياة لكسب معركتها، وهذا ما ينقصك، فأنت لا تزال تُشْغَل بوسائل نقلك، وإيوائك، وكسائك، وزينتك، ولا تزال لا تتنازل عن إتمام مظهرك بجهاز اتصالك، وسواه... وهذا ما «يخدش» كلَّ المزايا أعلاه التي عندك، بعض منها كسبتها عن «التوارث»، والآخر عن «طبائع التنشئة».
وبعضها عن «خصائص المجتمع»...
أما ما فيك، فماذا فعلت له، ومن أجله؟... هل بذلتَ لكَ ومن أجلكَ؟!
ولأنَّكَ لم تنفتح على تيارات البشر المختلفة، فإنَّك في عداد الإنسان «الخام»، لذلك أنت مقصدٌ لكلِّ «تجارب»، ومحطُّ أنظارٍ لكلِّ «نيَّة»... ممن يترصَّدونك، ويترقَّبونك، ويتعقَّبونك، ويداهنونك، ويلاحقونك، ويخادعونك، ويطعنونك، بل يحسدونك...
فاحذر...
إنَّك الآن تحت مجهر جديد، هو مجهر شركات الأدوية الأمريكية والأوروبية، والعهدة على الراوي صحيفة الوطن، ع 461، الخميس 19/10/1422ه 3/1/2002م، ص 1 حيث تبحث هذه الشركات عن تحقيق مشروع تؤسس عنه قاعدة معلوماتية عن خريطتك الجينية، بوصفها من أنقى الخرائط البشرية لشعبكَ الذي أنت واحد منه وفيه، حيث لم يتداخل هذا الشعب مع سواه تداخلاً تزاوجياً من شأنه تعقيد جيناتك، فأصبحت بنقائك الأنقى!...
ولأنَّك كذلك...
فإنَّك مستهدف استهدافاً جديداً، لتكون هدف البيولوجيين، كي يخترعوا أدوية تناسب شعبك، وتميِّز بين اختلاف أمراض الشُّعوب من خلالك...
والأهم من كلِّ ذلك...،
أنَّك كريم، ولأنَّك كذلك فلسوف تبادر بكرمك بالموافقة، منطلقاً من نيَّتك الحسنة لتفيد البشرية إذا ما تمَّ شفاؤها عند تصنيع علاج لأمراضها من خلالك...
ولكنَّك سوف تضع نفسك أمام خطورة قد لا تفكر فيها لحسن نواياك، ونقاء سريرتك، فمبعثها أولئك الحاقدون، الذين يتطلَّعون إلى محاربة هذا المشروع... فهم سوف يستهدفونك بقنبلة بيولوجية فيما لو استفيد من خريطتك البيولوجية في صنع جينوم جديد عنها...
فهل أنت بكلِّ مزاياكَ وسماتك وخصائصكَ آنفة الذكر التي تؤكِّد على أنَّك الأنقى الأطهر بشرياً سوف ترضى بأن تكون سبباً في القضاء على بني «يعرب» الذين سيشاركونك الاستهداف بتلك القنبلة بسبب كرمك الحاتمي؟...
إنَّ عليك أن تحذر...
ومن باب الأمانة...
فإنَّ كبير علماء شركة جينوم كوربوريشن (جوزيف سمي) قد تكرَّم فنصح عن طريق الصحيفة التي أوردت الخبر قومَك بضرورة طلب إصدار قانون يمنع بيع مخزون المملكة من الجينات، وهو بذلك يناقض قومه، إذ يبدو أنَّّه حريص على مستقبلكَ، خوفك عليه، وفي ذلك بادرة مستعارة، لم نعتد عليها من هؤلاء!
وربمَّا أن نيَّته ليست كما حسبنا، بل تنطلق من هدف الاستحواذ على جيناتك من قبل شركته...
وفي كلتا الحالتين...
فإنَّك سوف تفسِّر مقترحه بنيَّتكِ الحسنة...
لذا، فإنَّ عليكَ أن تكون كما قلتُ لك: حذراً لتأمن...، وفطناً لتنجو...،
و.... أدام اللَّه عليكَ ما أنت فيه من النَّقاء، والصَّفاء، والسلام، والخير،
فقط...
استفد... لتفيدَ...
واعمل... لتصلَ...
واحذر... لتنجوَ...
وجدَّ... لتجدَ...
وكن نابهاً من قبل، ومن بعد، كي لا تنهككَ حربُ الطَّامعين فيك...
حفظك اللُّه... وزادكَ ثباتاً... وأعانك على إصلاح ذاتك نحو الأنفع لك يوم الخلود...

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved