أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 8th January,2002 العدد:10694الطبعةالاولـي الثلاثاء 24 ,شوال 1422

الاقتصادية

شيء من المنطق
ليلة سقوط الديموقراطية الغربية
د. مفرج بن سعد الحقباني
تعتبر الديموقراطية الامريكية والغربية نقطة جذب فكرية ومنهجية للكثير من مواطني الدول الاخرى خاصة الدول التي يحلو للعالم المتحضر تسميتها بالدول المتخلفة او الدول الاقل نمواً. وعلى الرغم من سماوية بعض المناهج السياسية في بعض الدول، الا ان المتغنين بالمديموقراطية الغربية ظلوا بلا منازع على الساحة الفكرية نتيجة لعدم فاعلية الاصوات المضادة ونتيجة لبعض الخلل في تطبيق المناهج الفكرية والسياسية المنافسة لمنهج الديموقراطية الغربية الا ان احداث الحادي عشر من سبتمبر جاءت لتكشف للعالم هشاشة النظام الديموقراطي الغربي الذي فشل في اجتياز اول امتحان حقيقي على ارض الواقع وعجز عن مواجهة الازمة الاولى في حياته التطبيقية. والادهى من ذلك انه تخلى عن كل مبادئ الديموقراطية التي كان في السابق ينادي بها ويحارب من اجل فرضها على بقية شعوب العالم خاصة بعد ان شعر بأن مواجهة الازمة يتطلب وحدة الموقف الداخلي بغض النظر عن خصوصية الرأي الشخصي. فهذا الاعلام الامريكي الذي كنا في السابق نعتقد بانه يملك قدراً كبيراً من الحرية يتخلى عن رسالته الاعلامية الصادقة من اجل دعم الموقف السياسي للحكومة المركزية ومن اجل تبني بعض الآراء الصهيونية التي ارادت ان تصطاد في الماء العكر لتشوه صورة كل ماهو اسلامي وعربي ولتروج للاكاذيب التي تحاول النيل من هذه البلاد المباركة، والاشد من ذلك انها رفضت اعطاء الفرصة للاصوات المعتدلة التي تحاول تحليل الازمة بموضوعية ومنطقية متخلية بذلك عن مبدأ حرية ابداء الرأي الذي كنا نظن انه مبدأ متأصل لا يمكن التنازل عنه ومن مبادئ الديموقراطية الرئيسة التي سقطت ضحية لأحداث الحادي عشر من سبتمبر حق الانسان في الاختيار الذي سقط بعد ان فرض الموقف الامريكي الصلب على العالم بأسره ان يختار بين الوقوف بجانب امريكا او الوقوف بجانب الارهاب دون ان يترك الحرية لمن يريد الوقوف في الوسط. ولقد وضع هذا الموقف المتشدد دول العالم في حرج كبير خاصة بعد ان طالت دائرة الارهاب وفقا للتعريف الأمريكي منظمات اسلامية معروفة بمقاومتها للاحتلال الصهيوني الجاثم على صدرالامة الاسلامية، وفي اعتقادي ان مبادئ الديموقراطية تكفل لنا كمسلمين الحق في مناقشة التعريف الامريكي للارهاب كما تكفل لنا الحق في قبول او رفض التعريف الذي يحاول الاعلام الصهيوني فرضه على العالم الان ان سقوط الديموقراطية بمبائها المختلفة قد جعل من المجال الدخول في صراع لفظي لتقنين الحدود الفاصلة بين الجهاد والحق في المقاومة من جهة وبين الارهاب المذموم في كل الشرائع السماوية والانظمة والقوانين الدولية من جهة اخرى. ومن الصور الغربية في منظومة الديموقراطية الجديدة الموقف الغريب الذي اتخذته الولايات المتحدة الامريكية مؤخراً عندما قتلت طموح الشارع الفلسطيني باستخدامها لحق النقض الفيتو ضد الاستعانة بقوة اشراف دولية تحميه من الاعمال الاجرامية التي يقوم بها مجرم الحرب شارون تحت ذريعة حقه المشروع في الدفاع عن كيانه الصهيوني دون ان يكون للطفل الفلسطيني الحق في الدفاع عن نفسه ولو بعصا يهش بها على الخنازير المحتلة. واذا اردنا ان نستدل على سقوط الديموقراطية فإن خير دليل يتمثل في المعاناة التي يعانيها المسافر العربي والمسلم الذي اصبح متهماً بالارهاب حتى تثبت براءته واصبح عرضة لأعمال التفتيش والتحقيق والايقاف دون برهان او ذنب ارتكبه سوى كونه عربياً او مسلماً. الم يشاهد العالم بأسره كيف كان التعامل الحضاري مع الاعمال الارهابية التي تعرضت لها المملكة العربية السعودية على ايد اجنبية بريطانية وكندية واسترالية تنسب الى العالم المتحضر؟ هل اصبح المواطن الاجنبي الابيض ارهابياً بمجرد كونه ينتمي الى تلك الدولة التي ينتمي اليها الارهابي؟ وهل نادينا بحقنا في تعديل مناهج التعليم في الدول التي ينتسب اليها المجرمون بحجة كونها تساهم في صياغة العقلية الارهابية الاجرامية؟ وهل تسلطت اقلامنا ووسائل اعلامنا على كل ما ينتسب او ينسب الى تلك الدول؟ وهل اصبح المواطن الغربي السوي يعيش تحت نار نظرات الحقد والتشكيك داخل وطننا وبلادنا الابية؟ اسئلة عديدة تكشف لنا هشاشة الديموقراطية الغربية وعظم منهجنا الاسلامي الذي في ظله لا تزر وازرة وزر اخرى. فهل نطرب بعد ذلك لأنشودة التغني بالديموقراطية الغربية؟
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الامنية

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved