أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 10th January,2002 العدد:10696الطبعةالاولـي الخميس 26 ,شوال 1422

مقـالات

نوافذ
نقطة نور
أميمة الخميس
مأزق الفنان في كل جيل هو قدرته على التحرر من النمطي السائد والمتداول، ومن ثم ابتداع لونه الخاص، ومنظوره الطازج الى الحياة والكون، هو خلخلة الكمون الذي يقترب من الموات ومن ثم اعادة نبض الحياة اليه.
والمأزق الأكثر تحدياً بالنسبة اليه هو اجتياز القمم والاسماء الفكرية التي تحجب الأفق والتي سبقته بغرض استشراف أراضٍ بكر للإبداع والعطاء.
ولعل أكثر الشعوب العربية قدرة على صناعة تماثيلها وإعلانها وإضفاء الهيبة والخلود عليها، هو الشعب المصري، فبقدر ماتعطي تلك الأرض الخصبة من طفرات للمبدعين والنوابغ والعباقرة، فبقدر ماتقع في نمطية الاسماء الكبيرة في تراتب «بيروقراطي» يبدو التخلص منه نوعاً من المعجزة التي تحتاج اجيالا بل قرون.
ورواية «نقطة نور» للروائي المصري بهاء طاهر، وقعت في منطقة شبه الظل التي يكونها تمثال مهيب كنجيب محفوظ.
فقد كنت حريصة على اقتناء اعمال هذا الفنان بعد قراءتي لروايته الجميلة «خالتي صفية والدير» والتي كان يكتبها بنزف نوبي جميل وشجي، وتميز من خلالها بخصوصية نادرة مشبعة بأسرار «النجوع» ونقوش الطمي النيلي على القرى المصرية.
ولكن مع قدوم بهاء طاهر الى القاهرة «أعني هنا روائيا»، تفلتت من بين يديه اسرار الحبكة لعله ظل غريبا او مغتربا هناك، فتتالت الاحداث في روايته «نقطة النور» بشكل يقترب من السردية الفاقدة للاجواء الروائية المفعمة بالحياة والفكر والفلسفة، وإن كان الروائي قد حاول ان يتوسل النفس الروحاني الصوفي كاطار فلسفي للرواية، الا ان هذا لم يجعل الرواية تمتلك نفس الزخم الروحاني النوراني كما هي في روايات نجيب محفوظ مثلا، وهنا تأتي معضلة القمة، القمة التي تتحدى الكاتب كي يتجاوزها وتتحدى القارئ كي يكف عن المقارنة!!
بهاء طاهر في روايته نقطة نور غادر اعماق الصعيد وحضر الى المدينة فبدت شخصياته تجميعاً لعدد من الشخصيات المكرورة التي نشاهدها في الأفلام، ونقرأ عنها في الروايات المصرية، وكان للكاتب فيها جهد لتجميع فقط فبدت كقصاصات من كولاج «متجاور» يفتقد العجينة الروائية المتماسكة، والنفس السحري الدقيق الذي يربط اجزاء الرواية.
الحارة المصرية تمنعت على «بهاء طاهر» رفضت ان تخبره تفاصيل حكايتها، كما هو بالشكل الأخاذ والمبهر الذي نقرأه عند «نجيب محفوظ» قد تكون المقارنة مجحفة بالتأكيد ولكنها كانت حتمية، فما من كاتب او روائي مصري سيدخل بوابة الحارة المصرية دون المرور بقوس «نجيب محفوظ» المهيب.. عندها من النادر ان ينجو من طلاسمه وتعاويذه التي تمسخه قزماً امام قامة عملاقة، في موقع تجيد فيه مصر ان تصنع عمالقتها وأصنامها.
omaimakhamis@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved