أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 15th January,2002 العدد:10701الطبعةالاولـي الثلاثاء 1 ,ذو القعدة 1422

الثقافية

قراءةفي نص صالحة السروجي:
نصوص المجموعة نبض إنساني يحاكي الظلم والقهر والاستلاب..
المرأة قصة أثيرة في نص صالحة السروجي ترزح تحت قسوة الواقع
أحمد الدويحي
1/ الرحلة:
يعمل في مهنة التدريس زوجان، بدآ رحلة الى منطقة جبلية سياحية ممطرة وخضراء، دون صورة واضحة عن ماهية المكان، يعطي انطباعاً بأنه مكان سياحي يرتاده الناس، ومنهم ابطال هذا النص، ومنهم العم يونس المصاب بداء السكن الذي عطل مسيرة «الرحلة» اكثر من اربع مرات..
السائق صلة الوصل بين كل حوارات، ركاب الرحلة الرافضون لتكرار مرات التوقف، وتوقف الحافلة النهائي بموته..
لست ادري السبب النهائي لإشارة الكاتبة، والنهاية بموت سائق الحافلة، صرخة العم يونس الاعتذارية للركاب، المريض بالسكر بأنه ليس السبب في توقف الحافلة النهائي، واعتذار الزوج لزوجته المعلمة، بسبب عدم تنفيذ رغبتها، والسفر بالطائرة..!!
أميل إلى الأخذ بالإشارة الى الزمن، في خطاب القاصة في هذا النص، وضرورة إعطاء الأخذ برأي المرأة وحقها في استشارتها..
2/ الظل..
يظل البطل الحالم في نص صالحة السروجي، الرجل الحالم المسيطر، ظل فيه «البطل» عواد، يحلم بسقوط المطر الذي سقط في نهاية العمر..
3/ تداعيات مابعد الحلم..
يعزز هذا النص دلالة كبيرة، مهدت له الكاتبة في النصين السابقين، فالمرأة التي ظلت في «ظل» الرجل البطل في كلا النصين السابقين «الزوج، المدرس، وعواد كبير رجال القرية» تطل بدورها الاجتماعي كطبيبة: «لمياء أمسكت موشاة بالزخارف كعروس تفننت الأيدي في تزيينها الى عريسها كان ذلك دليل تفوقها العالي وباليد الأخرى الزي الذي داعب خيالها يوم رافقت والدتها الى المستشفى..» ونلخص في نهاية هذا النص الى المواجهة التي وجدتها «بطلة» النص، واقتحامها ميدان العمل ومواجهة عوائق تقليدية اجتماعية، هزمت شقيقها «اخو الممرضة»، اذ يتضح في هذا النص «تداعيات مابعد الحلم» المسار الكتابي في نص صالحة السروجي، وقدرتها على إمساك باللحظة السردية، في نصها دون اغراق في تعدد الشخوص، بلغة سلسة ناضجة، لاتخلو من خطابية احيانا..
4/ ليلة القبض على أمي..
سعاد في حفلة زوج امها تقنص الكاتبة ببراعة هذه اللحظة دون الغوص في التفاصيل «الزمكانية» واللجوء الى زخرفة لغوية، لحظات الطفولة «الابداعية» البريئة.. لكنه يؤكد مسار وهم كتابي ناضج.
5/ حيرة..
ومثله هذا النص الذي يغرق على ذات الوتر بصوت «بطل» هذه المرة، اليتيم «أحمد» الذي تزوح «اللقيطة» احلام، اذ تستغني الكاتبة هنا عن الحدث بالمنلوج الداخلي والاسئلة المتراكمة لتؤنس المشهد القصصي اللازم لشروط النص..
6/ وكان حلماً..
لابد أن هذا النص الذي وسمت به مجموعة قصصية، شكلت نصوص المجموعة الثلاث عشرة، يحمل دلالاته الكثيرة حول تجربة الكاتبة ونسقها الفني، وفي البدء أسجل هنا ان هذا النص، يشكل فعلاً «علامة» في تجربة الكاتبة الفنية، وأول تلك الدلالات ان لهذا النص زمناً، يتشكل من ثلاثة اجيال، وثانياً تعدد الشخوص في هذا النص، وهدوء الحوار الصاخب بين الرجل والمرأة، السمة البارزة في نصوص صالحة السروجي الأخرى، وتتجلى في هذا النص ميل الكتابة الى الحكاية، خلق حكاية مع ذات المنلوج الداخلي الشفيف، كما في كل النص ميل الكاتبة الى الحكاية، خلق حكاية مع ذات المنلوج الداخلي الشفيف، كما في كل النصوص والسمة الاخيرة، لفتت انتباهي إلى ان هذا النص بالذات، يكاد يكون مشروع «رواية» وأيضاً يشير الى انتقاء الكاتبة لموضوعات كتابتها، وحرصها على نمط كتابي يعبر عن فكرة محددة، تفيض بلغة متدفقة ومستبطنة اسئلة قلقة، ربما لهذا السبب خفت صوت الحوار الصاخب بين الرجل والمرأة، وفي هذا النص ايضاً، «وكان حلماً»، وامل النظر في حرف «الواو» الذي يحمل العنوان قبل مفردة «كان»، وحلم سلوى بطلة هذا النص الذي وسمت به المجموعة، «البنت» يتيمة الأم، تربي اخوتها من ابيها، فتاة جميلة في عمر الزهور، زفت الى «ماجد» اللاهي العابث.. مالبثت ان عادت الى وسائدها، تحاكيها على انها «محسن» ابنها الذي فقدته بطلاقها، وفصله نهائيا عنها بدخوله ملجأ للايتام وإعلان موتها..
ثم زفت مرة ثانية «وكانت في مجملها جثة في ثوب عريس، ومع ذلك وجد عريسها «فياض» فيها الزوجة المناسبة بعد ان حرمه الموت من زوجة طيبة تركت له طفلين بأمس الحاجة لأم تحنو عليهما وترعاهما..»
وكانت سلوى تلك الأم، تطرب وتنتشي احاسيسها، وهما يناديانهما بماما. وحين دب الشيب الشيب في رأسها انبثق اول النهار، إذ التقى «فياض» العجوز بالشاب «محسن بن ماجد» صدفة صدفة، بعد حياة الملاجئ وقد أصبح استاذا في الجامعة، وفين في المسجد..؟ لتحدث المفاجأة، وتعيش سلوى وتشبع بحياة وغريزة الأمومة التي حرمت منها طويلاً.
7/ معاناة الحلم القادم
اخترت ان تكون آخر نقاط التوقف في نصوص صالحة السروجي في هذا النص بالذات وقد تشكل لدى رؤية شكلها الكتابي..
وتحمل نصوص المجموعة التي لم يتم التداخل معها «لفت نظر النظارة السوداء الشبحان المتوازيان الشك القاتل انقذوني من أبي..» اللمحة الانسانية، إذ عمدت الكاتبة ان تظفر بها نصها، فكل نص له هم تنطوي بين حواراته القليلة جداً، حفلت بها المجموعة اذ نادراً مايكون هناك حوار، اما النص عند الكاتبة، فحالة سردية لغوية دون ان تحفل بإعطاء الزمان او المكان أهمية، بقدر ذات القصدية التي تعمدها في ابراز الحالة، والهم، والألم، وربما الفجيعة في ذات بطلة النص..
ويعود سبب خياري الوحيد لهذا النص، ليكون خاتمة مداخلة نص الزميلة صالحة السروجي، لكون هذا النص كتب بضمير المتكلم «أنا»، بعكس النصوص الاخرى..
وتأتي شفافية «معاناة حلم قادم»، وردة لتكمل عقد جماليات حقل تجربة الكاتبة، فوردة فقدت امها «يوم لفتني بقماشة نظيفة وأرسلتني الى ابي عقاباً له..»
وردة وجدت كل شيء، وفقدت اهم شيء، الضوء الذي ينير لها الحياة..
وقفت في عتمة الليل الطويل «سنوات طويت من دفتر ميلادي.. » الى النافذة العنيدة لفتحها، ومن دفتر الايام لصالحة السروجي، نقرأ لحظة «يوم حكمت علي امي قهراً وقسراً بالاعدام من حياتها..» ولأن البنت شقيقة كما يقولون.. ولأن وردة لاتريد ان تكون امها، قدرة لها بقسوتها، فقد سمحت لقطتها بأن تدخل الى غرفتها، لتخبئ ابناءها.. وسمحت لهناء صديقتها «أنها مستودع اسراري..»
بأن تفتح النافذة القاسية، وتفتح قلبها لتدخل اشعة الشمس «هنا قولي لأخيك توفيق التي تغلبت على مزلاج النافذة العنيدة فتحتها.. لتقتلع الرياح جذور الحزن الذي يوشي كافة نصوص المجموعة..
وقفة أخيرة:
نصوص الراحلة الزميلة صالحة السروجي رحمها الله تستحق قراءة عميقة، فهي نتاج مرحلة ابداعية طويت، وصارت ركاما في ذمة التاريخ، لساحة ثقافية جاحدة، لأن لاعيون فيها من اجل الادب، نصوص صالحة في هذه المجموعة الوحيدة، للأسف حصلت عليها اعارة، وهذا وجه آخر لشأننا الثقافي، مايميز نصها رحمها الله أن هناك قضية وهم إبداعي وحياتي، حملته كمبدعة يتعلق بواقع المرأة في مجتمعنا، ولم تكن صالحة ترفع شعارات، لتلفت النظر الى نصها، فكل النصوص تحمل قضايا وحكاية، وبطلات نصوصها يواجهن الحياة القاسية والصعبة بتحد، البطلات اللاتي ظهرن في النصوص كضحايا مجتمع، في واقع نلمس فيه الجانب التربوي مباشرة، سواء كان ذلك من الزوج والأب، وربما كانت الأم..

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved