أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 15th January,2002 العدد:10701الطبعةالاولـي الثلاثاء 1 ,ذو القعدة 1422

متابعة

بعد فشل المخابرات الأمريكية في الوصول إليه (22):
أمريكا رصدت 12 مليار دولار لمعرفة مكان ابن لادن واستخدمت 6 أقمار صناعية دون جدوى
* * القاهرة مكتب الجزيرة عبدالله الحصري:
لا يعلم أحد أين قد يكون أسامة بن لادن بعد أن اعلنت السلطات الافغانية انه قد غادر افغانستان الى جهة مجهولة.. فالبعض يرجح ان يكون في باكتسان والبعض يرى انه في اليمن والبعض يرى أن يلجأ الى العراق خاصة ان العراق في صدام واضح مع امريكا.. ولكن امريكا ما زال لديها اعتقاد قوي انه لم يغادر افغانستان وهي حجة قوية لامريكا لمواصلة قذف افغانستان.. وبين ترجيحات البعض والبعض الآخر يبرز السؤال: إلى أين غادر اسامة بن لادن؟ هل عاد الى السودان موطنه السابق خاصة ان السودان لن يسلمه إلى الأمريكان. ام تسلل الى باكستان، مختفيا في أحد منازل مدينة بيشاور؟ ام سافر الى جنوب اليمن تحت حماية جيش عدن؟ ام غادر الى إيران، لأن الإيرانيين لن يسلموه الى الأمريكان؟ ام انه لم يغادر أصلا افغانستان وإنما خدعة من طالبان لايهام أمريكا بأنهم ضد الارهاب وأنهم يريدون تحسين علاقاتهم مع الغرب.
التعرّف على هاتف ابن لادن
حين نجحت الطائرة (ساريج) الفرنسية في تحديد رقم تليفون ابن لادن ومطابقة بصمة صوته المسجلة مع الصوت الصادر من هذا الرقم وتأكد انه بالفعل صوته، بدأ ابن لادن يستخدم التليفون لتضليل الامريكان، فراح يجري مكالماته عبر 30 مرحلة من خلال الاتصال بأرقام مختلفة بالعالم لديها خاصية التتبع.. فكان يتصل مثلا باندونيسيا برقم له خاصية التتبع، فيتحول الرقم تلقائيا لتليفون آخر في الصين ثم ثالث في باكستان ثم امريكا، وفي النهاية لا يتكلم ابن لادن وإنما يصدر اوامره بصوت انفاسه التي قد تكون مسجلة، وبالتالي تتوهم الاجهزة ان ابن لادن موجود في مكان هو اصلا غير موجود به.. واحيانا كان يرسل اوامره من خلال عدد مرات رنين التليفون.
وهذا ما يفسر الانباء المتضاربة التي كانت تتوهم خلالها اجهزة الاستخبارات وقيادات البنتاجون انها نجحت في تحديد مكان ابن لادن، وأنها على وشك الايقاع به بين لحظة وأخرى.. فكانت تعلن هذه الاجهزة انه موجود بمنطقة وعرة تبعد 40 كيلومترا شرق مدينة جلال آباد الافغانية وانه يختبىء هناك في تحصينات شيّدت في الثمانينات وتضم كهوفا متداخلة وعميقة، وتارة تؤكد انه غادر قبل سقوط كابول الى احدى جمهوريات منطقة آسيا الوسطى مثل اوزبكستان او طاجيكستان، وتارة ثالثة تصر على انه مختبىء بالقرب من تورا بورا في اقليم نانجهار شرقي افغانستان بالقرب من الحدود الباكستانية.. الخ.
الصقور لتضليل أجهزة التجسس
ومن العجيب ان ابن لادن استطاع استخدام الصقور لتضليل اجهزة التجسس، اذ قام بزرع هوائيات الاتصال على ذيل صقور مدربة، ومن ثم كانت اجهزة التصنت ترصد مكان وجود الصقر على شجرة او فوق قمة جبل، فتتحرك الطائرات لضرب الشجرة او الجبل او المكان الذي يوجد فوقه الصقر، وهو ما يفسر لنا كيف تم ضرب مقر مخزن الاغذية التابع للامم المتحدة في افغانستان.
ومن المفارقات المضحكة التي نتجت ايضا عن استخدام ابن لادن لهذه الخدعة الذكية ان القوات الامريكية وطائرات التجسس رصدت مكان التليفون في الشيشان، وهو ما جعل جريدة (صن) تفكر ان ابن لادن في ضيافة المقاتل الشيشاني (ابن الخطاب) ولكن بعد ايام تم رصد تليفون ابن لادن في مرتفعات (قره باج) بين ارمينيا واذربيجان، فتصورت امريكا انها حددت مكانه، ولكن تبين في النهاية ان تليفونه فقط هو الموجود هناك، ثم تم رصد رقم تليفونه في جبال تركمستان الشرقية، ثم داخل باكستان بين اللاجئين الافغان.. والعجيب انه تم رصده كذلك داخل فندق شيراتون باندونيسيا، ثم تبيّن فيما بعد ان هذا المكان جناح رئاسي يصعب اختراقه، مما زاد الامر غموضا.
وكان من اهم المكالمات التي رصدت في هذا السياق مكالمة تضمنت اوامر بجمع السماد الكيماوي ومعالجته بمواد كيمائية ثم حقنها بغازات قابلة للاشتعال، كما رصدت مكالمة تفيد توجيه صاروخ، سكود نحو محطة (سانت لوسي) النووية والى كوبري (جولدن جيت) خلال شهر نوفمبر الماضي، مما دفع (جراي ديفس) حاكم كاليفورنيا للتحذير من وقوع عمليات ارهابية اخرى، مؤكدا ان الكباري ستكون مستهدفة في اوقات الذروة طبقا لمعلومات إف بي اي، وبالتالي اصيب الامريكيون بالرعب.. بينما استغل ابن لادن اقمار التجسس وأجهزة التنصت لبث الذعر في نفوس اعدائه.
فشل العنصر البشري
واذا كانت هذه التكنولوجيا الهائلة والمتطورة قد فشلت تماما في تعقب ابن لادن، فان العنصر البشري قد فشل بدوره في اقتفاء آثار ابن لادن وقيادات القاعدة في افغانستان، رغم تدعيم فرق القوات الامريكية الخاصة فيما بعد بنحو 1600 عنصر جديد من مشاة البحرية الامريكية مدربين تدريبات رفيعة المستوى، وهو ما جعل صحيفة نيويورك تايمز تذكر ان تحديد مواقع بن لادن تمثل صعوبة شديدة، وأن على الامريكيين ان يتحلوا من الآن بقدرات متزايدة على تحمل الفشل، مشيرا الى ان الرئيس كلينتون سبق ان اطلق صواريخ كروز على معسكر كان فيه ابن لادن، لكنه اخطأه بتوقيت ساعة كاملة.
وكانت صحيفة (الجارديان) البريطانية قد ذكرت ان العراق عرض استقبال ابن لادن مقابل مساعدته بغداد في هجمات على اهداف اميركية. وقالت الصحيفة ان فاروق حجازي السفير العراقي في تركيا التقى ابن لادن بهذا الهدف في منطقة جبلية قرب مدينة قندهار الافغانية الا ان ابن لادن رفض رفضا قاطعا المقترحات العراقية لانه يعارض عقائديا المبادىء العلمانية لحزب البعث.
وفي اليمن يبرز من حين لآخر رفاق سابقون لابن لادن في افغانسان حيث كانوا يشاركون في محاربة السوفيت، في عمليات خطف اجانب.. حيث يشتبه بأن ابن لادن نفّذ ايضا هجوما على المدمرة الاميركية (كول) في ميناء عدن في اكتوبر الماضي اسفر عن سقوط 17 قتيلا.
ونقلت احدى صحف باكستان عن مصادر مقربة من ابن لادن انه ينوي التوجه بصحبة الآلاف من اتباعه الى اليمن ليقيم فيها ويشن منها حربا حقيقية ضد اسرائيل، وأضافت الصحيفة نقلا عن تلك المصادر ان اقرباء ابن لادن اشتروا احدى الجزر القريبة من الساحل اليمني ودعوه للاقامة فيها.
هل يذهب إلى السودان؟
ويرى البعض ان السودان هو الملاذ الذي قد يكون لجأ اليه ابن لادن خاصة انه كان قد توجه اليه في بداية خروجه من السعودية كأحد الخيارات المطروحة امامه ليس لانه قاعدة جديدة لمشروع جديد ولكن لأنه سمع الكثير عنه وعن حماسه للاسلام والمسلمين وحرصه على تطبيق مشروع اسلامي. وظن اسامة انه يستطيع ان يقدم شيئا لهذه الدولة من خلال قدراته التجارية والانشائية، وعلاقاته في المملكة والخليج فضلا عن انه يؤمن ملاذا له بديلا عن افغانستان.
وكان قد أسامة توجه فعلا الى السودان بطيارة خاصة وفي رحلة سرية عام 1991 ميلادية، حيث اصطحب معه عددا من رفاقه الى السودان والتحق به آخرون بطرق اخرى، وفي السودان احسنت الحكومة السودانية وفادته ولكنه في تلك المرحلة لم يكن بحاجة لأي دعم مادي لأن امواله لا تزال تحت سيطرته وتمكن بشكل طبيعي من نقل جزء من ارصدته ومعداته من المملكة الى السودان.
ولم يساهم اسامة في السودان بأي عمل عسكري لكنه ساهم بقوة في مشاريع طرق وانشاءات ومزارع وغيرها، وكان اشهرها طريق التحدي من الخرطوم الى بورتسودان.
العلاقة مع باكستان
يحظى ابن لادن باحترام كبير في اوساط الباكستانيين العاديين وفي اوساط الجيش الباكستاني وعدد كبير من علماء باكستان، لكنه لم يقم اي علاقة مع جهات باكستانية رسمية وكان على وعي تام انهم متفاهمون مع الامريكان والسعوديين وان العلاقة معهم لن تأتي بخير لكن احترامه لدى الجيش والعلماء نفعه كثيرا سواء ايام الجهاد او الآن، وذلك لان الجيش الباكستاني مؤسسة يلعب فيها الدين دورا مهما وفيها عدد من القيادات المتعاطفة مع قضايا الجهاد، ويمكن القول ان هذا الاحترام أمّن لابن لادن دعما غير مباشر في عدة مراحل سواء من جهة المعلومات او من جهة دعم لوجستي.
العلاقة مع الأفغان
أحب أسامة الشعب الأفغاني وأعجبه فيه كثير من الصفات وتمنى لو استطاع المساهمة في تخفيف الجهل والفقر الذي يعاني منه الشعب الافغاني، ولا ينكر اسامة تفشي البدع والخرافات وطغيان بعض العادات القبلية على الدين لكنه يعتقد ان في المجتمع الافغاني مزايا تغطي هذه المساوىء، ويعتقد كذلك ان إصلاح هذه المشاكل لا يتم بإنكارها المباشر، بل هي بحاجة لمشروع شامل لن يتم الا على مدى اجيال، اما بالنسبة للافغان كجماعات فقد كان اسامة يحرص بشدة ألا يصنف مع اي مجموعة حتى لا يخسر المجموعات الاخرى، وسعى مع الشيخ عبدالله عزام للصلح بين المجموعات ومحاولة توحيدها كما سعى لاصلاح ذات البين بعد تفجّر الخلافات عند سقوط الشيوعية ولم يفلح فقرر مغادرة افغانستان، عندما عاد الى افغانستان وقبل ان يصبح تحت حماية طالبان استمر على موقفه وارسل الى كل الفرق التي بقيت هناك انه ليس مع طرف ضد الآخر وتسلّم طمأنة من تلك الفرق انه سيكون محميا اينما حل واينما ارتحل وهذا فعلا كان موقف كل الجماعات، ومن يعرفه من الشعب الافغاني فهم ينظرون له مستوجبا للحب من جهتين كونه عربياً اتى من بلاد الحجاز بلاد الحرمين وكونه ترك الغنى والترف من اجل ان يجاهد عدوهم معهم.
علاقته بطالبان.. وتطبيق الشرع
بعد تقلد طالبان الامور في افغانستان تغيّرت المعادلة لأن معظم افغانستان اصبح مع طالبان، لكن مع ذلك تريث ابن لادن ولم يتخذ قرارا بتغيير سياسته والوقوف مع طالبان حتى اطمأن الى سياستهم وتوجههم وتيقن ان مشروعهم هو تطبيق الشرع في افغانستان وأنهم لم يصابوا بما اصيبت به الاحزاب الاخرى وزعاماتها من حب السيطرة المجردة والاستعداد لحرق البلد من اجل التنافس على الحكم واهمال تطبيق الاسلام، في بداية الامر كان الطالبان داعمين له على طول الخط فرحين بارث ضيافته ممن كان يسيطر على جلال أباد قبلهم، ورغم ان دعم طالبان لابن لادن قائم على اساس مبدئي الا ان عوامل اضافية دخلت في المعادلة ساعدت على توثيق العلاقة، احد هذه العوامل دور جماعة ابن لادن في انقاذ كابل مرتين تقريبا من هجوم أحمد شاه مسعود بعد انكشاف احدى الجبهات، عامل آخر كان دوره في اقناع عدد من الشباب العرب المتخصصين بتقديم المشورة لطالبان بشأن برنامجهم لإعادة اعمار البلد.
وكذلك كان لابن لادن دور في تنبيه طالبان الا تستغفلهم شركات الغاز التي كانت تريد مد الانابيب من آسيا الوسطى للمحيط الهندي عبر افغانستان وباكستان ومساعدتهم في جلب نماذج لعقود عالمية من هذا النوع، كان الطالبان مؤيدين له حتى بفكرة اخراج القوات الكافرة حسب وصف بن لادن من جزيرة العرب واستمر هذا موقفهم حتى اعلان الجبهة العالمية حيث بدأوا يتحفظون على اعماله وخاصة نشاطه الإعلامي الذي يضعهم عادة في حرج شديد، لكن تحفظهم عليه لم يعن ابدا اي استعداد لتسليمه لأي جهة اخرى. وينطلق طالبان في رفض عملية التسليم من منطلقين، الأول عقدي وهو عدم جواز تسليم اي مسلم للكافر مهما كان، فضلا عن ان يكون مجاهدا، والثاني ان طالبان من اشد الافغان تمسكا بالشهامة والمروءة ويعتبرون حماية الضيف مهمة لا يمكن التخلي عنها حتى لو قتل المضيف، وهذا ما قاله الشيخ يونس خالص للسفير السعودي انه لو لجأ لبيته حيوان لم يكن ليسلمه فكيف بمجاهد ترك بلده وماله من اجل الجهاد.
الجماعات الإسلامية تتعامل معه بحذر
لم ينتم اسامة لأي جماعة اسلامية وربما كان له علاقات قوية مع بعض الشخصيات المحسوبة على بعض الجماعات لكن لم يكن هناك انتماء وحاول اسامة المحافظة على علاقة احترام لهذه الجماعات وحافظ على سياسة عدم الحديث عنها او انتقادها اللهم إلا في دوائر خاصة وفي سياق اكاديمي منهجي لا في سياق التشهير والسب. ورغم احترام الجماعات الاسلامية لأسامة شخصيا فقد كانت تتعامل معه بحذر ليس تحفظا عليه، بل خوفا من النشاط المخابراتي العربي المحيط به، لكن موقف الجماعات الاسلامية تغيّر بالطبع مع تغيّر الاحداث خاصة بعد ان ربط اسم اسامة بحادثي كينيا وتنزانيا.
العلاقة مع إيران والعراق
لا توجد اي علاقة مع ايران والعراق وقد ظهرت مزاعم عن ذلك في بعض كتابات اليهود الامريكان لاعطاء انطباع ان ابن لادن وايران والعراق وحزب الله وحماس والترابي و.. و.. وأنها جماعة ارهابية عالمية واحدة مختلفة في العلن متفقة في السر!!
الحكومة الكردية تنفي وجود ابن لادن
استبعد الدكتور برهم احمد صالح رئيس الحكومة الكردية في المنطقة التي يديرها حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني احتمال لجوء اسامة بن لادن الى مدينتي بيارا وتويلا في كردستان العراق حسب زعم صحيفة الجارديان البريطانية.
وأكد رئيس الحكومة التي تشرف على المنطقة التي تضم هاتين المدينتين ان حكومته ستتصدى لمحاولة اشخاص مسلحين خارجين عن القانون لزعزعة الامن في المنطقة بكل ما اوتيت من قوة، وأضاف ان السلطات الكردية تتابع تقارير حول تشكيل تنظيم باسم جند الله، في مناطق حدودية وورود مقاتلين اجانب وأنها ستتخذ الاجراءات المناسبة لفرض سيادة القانون هناك.
واكد انه لا يمكن ان تكون كردستان العراق ملاذا لابن لادن ولا يمكن لنا ان نقبل بتحويل بلدنا الى قاعدة للارهاب والارهابيين، وسنتصدى بكل ما اوتينا من قوة لمحاولات تؤدي الى زعزعة امن واستقرار المنطقة واضاف ان الشعب الكردي لا يمكن ان يساند وجود جماعات تتبنى العنف ضد الابرياء والمدنيين كوسيلة لبلوغ غايات سياسية، ونحن ايضا في حكومة اقليم كردستان نؤمن بحكم القانون الذي لا يجيز وجود اجانب مسلحين خارجين عن القانون في مناطقنا، وبرر ذلك بأن المنطقة الكردية تمثل حالة خاصة نجمت عن الانشقاقات التي تعرضت لها الحركة الاسلامية في كردستان العراق.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved