أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 16th January,2002 العدد:10702الطبعةالاولـي الاربعاء 2 ,ذو القعدة 1422

العالم اليوم

القمة العربية وقائمة الخلافات الطويلة
عبدالكريم العفنان
يبدو ان الخلافات العربية التي ترافق عادة القمم العربية اتسمت هذه المرة بأنها أتت مبكرة اولا، وأكثر حدة ثانيا، واوسع نطاقا ثالثا.
ففي الوقت الذي تتواصل فيه التحضيرات لعقد القمة العربية التي من المقرر عقدها في بيروت اواخر مارس المقبل لا يزال الجدل دائرا على مستويات مختلفة حول خلافات وتوترات ذات ثلاثة مستويات:
المستوى الاول: لبناني لبناني تمثل في الجدال الدائر بين اطراف لبنانية حول موعد القمة ومدى استعداد لبنان لاستضافتها.
المستوى الثاني: لبناني عربي تمثل برغبة بعض الاطراف اللبنانية بعدم اشتراك ليبيا في القمة.
المستوى الثالث: عربي عربي تمثل بظهور خلافات مبكرة حول بعض القضايا التي ستناقشها القمة، كالموقف من دعم عرفات والتهديدات ضد العراق والموقف من الحملة ضد الإرهاب.
فعلى المستوى الاول تستمر التجاذبات بين الاطراف اللبنانية المختلفة حول وجوب انعقاد القمة في موعدها المحدد.. فقد اكد رئيس الحكومة اللبناني رفيق الحريري ان القمة ستنعقد في موعدها وان هذه المسألة قد (حسمت)، كما اكدت مجموعة من الاحزاب السياسية والاسلامية في اجتماع عقدته في طرابلس تمسكها بالموعد المحدد للقمة. وفي المقابل جدد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري موقفه من إرجاء انعقاد القمة مؤكدا انه مع التأجيل.
وعلي المستوى الثاني ما زالت تتداعى القضية التي فجرتها بعض الاطراف الشيعية في لبنان بالاعراب عن رغبتها بعدم حضور ليبيا القمة. ويأتي هذا الموقف من ليبيا على خلفية اتهامها بأنها وراء إخفاء موسى الصدر، وتأتي هذه التصريحات من قبل بعض الاطراف اللبنانية بالرغم من الوعود العربية واللبنانية التي تلقاها القذافي بعدم إثارة قضية (إخفاء موسى الصدر) على هامش القمة، فقد تلقى اثناء القمة العربية في عمان وعوداً مباشرة من الرئيس اللبناني إميل لحود بأنه لن يتعرض أحد له بالهجوم والانتقاد في لبنان، كما تلقى القذافي ضمانات من الرئيس السوري بشار الأسد الذي أكد له بأن قضية موسى الصدر لن تُثار أثناء القمة من قبل أية جهة. ولكن يبدو ان هذه الوعود والضمانات لم تفلح في اقناع بعض الاطراف اللبنانية بعدم الاعتراض على حضور ليبيا القمة.
وفي مقابل التهديدات التي تعرضت للقذافي، إذا حضر القمة، قررت ليبيا مقاطعة القمة في حال عقدت في بيروت وطالبت بنقلها إلى جهة اخرى، فقد اكد وزير شؤون الوحدة الافريقية في ليبيا علي عبدالسلام التريكي إصرار بلاده على ضرورة نقل مكان القمة إلى جهة اخرى مضيفا ان دولاً عربية اخرى مثل قطر والسودان وجيبوتي أيدت الاقتراح الليبي بالنقل.
ومن جهة اخرى اكد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ان تصريحات بري سلبية وستكون (مسؤولة عن دمار خطير للعمل العربي المشترك)، كما اكد على ضرورة عقدها في الموعد والمكان المحددين لها وأن اي إرجاء سيؤدي إلى خلخلة وعطب للعمل العربي المشترك.
أما على المستوى الثالث فإن الخلافات أعقد وأخطر واكثر عددا فهناك:
1 الخلاف المرتقب حول مدى دعم ياسر عرفات، اذ ترى بعض الاطراف العربية بأن دعم عرفات في القمة سيضفي مشروعية على التنازلات التي قدمها عرفات للإسرائيليين والأمريكيين في التعامل مع الفصائل الفلسطينية المعارضة وفي وقف العمليات ضد اسرائيل دون ان يحصل على أي مقابل، في حين ترى بعض الاطراف ان الشأن الفلسطيني شأن داخلي وان العلاقة بين عرفات والفصائل الفلسطينية ليست من الموضوعات التي يمكن ان تناقش في القمة.
2 الخلاف حول الموقف من الحملة ضد الارهاب، ففي حين تتحفظ بعض الاطراف العربية على هذه الحملة وتعدها موجهة ضد المصالح القومية العربية وانها ترفض تقديم تعريف واضح للإرهاب الصهيوني الذي يدمر كل اشكال الحياة في فلسطين، نجد ان دولاً عربية اخرى توافق على الانضمام الى هذه الحملة ودعمها وإن كل ذلك لا يعني القبول بعدم التمييز بين المقاومة المشروعة والإرهاب.
على هذا النحو يبدو ان الانقسامات العربية ستكون اكثر حدة وعمقا في هذه القمة من القمم السابقة. فالخلافات العربية السابقة في القمم العربية كانت عادة ما تثار حول البيان الختامي؛ اما بالنسبة للقمة المرتقبة فالخلافات سبقت حتى التحضيرات، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على تردي وتفكك الاوضاع العربية هذا التفكك الذي لن يستطيع تقديم اي دعم يذكر للفلسطينيين الذين يعانون الامرين ويعيشون ظروفاً وأوضاعاً صعبة لم يمروا بها منذ عام 1948.
لقد كانت المسألة بالنسبة للقمم العربية السابقة هي ماذا ستقدم هذه القمة او تلك للقضايا المطروحة عليها؟ اما اليوم فقد أصبحت المسألة هل ستنعقد القمة في مكانها وموعدها المحددين ام لا؟ ليصبح انعقاد القمة في موعدها هو بحد ذاته إنجاز كبير. كان السؤال المطروح على القمم السابقة هو ما مقدار التضامن الذي ستحققه القمة؟ اما اليوم فأصبح السؤال ما مقدار الخلافات التي ستخلفها القمة؟ وهذا تراجع موجع وخطير ينبىء بأن العرب سيمرون خلال المرحلة المقبلة بظروف صعبة وحرجة للغاية.
*بيروت
karim@postmaster.co.uk

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved