Wednesday 23rd January,200210709العددالاربعاء 9 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وسميات
عن الأدب العربي
راشد الحمدان

كنا في أوائل السبعينيات للهجرة نتذوق الأدب العربي ونتلذذ به شعراً ونثراً ونحس أن كل حاسة فكرية لدينا تمتص رحيقاً رائعاً لذيذاً.. حتى بدأ عصر الثورات أو الرجل الشعبي الذي ورط الكثيرين وأنهى الكثيرين وحجم أرزاق الكثيرين.
وأذكر أنني كنت أقف ضد كثير من الزملاء أيام ثورة عبدالناصر والهرطقة الكلامية التي كانت تستخدم أثناء الخطب لتربيط عقول العرب المتعبة، كان الأدب المصري، قبل ذلك حلو العبارة رائع الفكرة دسماً في الصياغة، يهزك نثره ويحلق بك شعره، كان المازني، والبشري، والعقاد، وبيرم التونسي. وكانت الحياة الهادئة المستقرة تحرك المشاعر فيزكو العطاء الأدبي، كانت الأندية والمقاهي التي كانت ملاذاً ومحل التقاء للكثير من مشاهير الأدب والفكر، كانت المداعبات الشعرية تهز الوجدان وتفرح القلوب وتعكس القدرة في العطاء.
وجاءت الثورات العربية في كثير من البلدان فكانت الطامة الكبرى. وخرج قادة ثقافتهم ضحلة وتفكيرهم سطحي ومعظمهم كان تبعياً سرعان ما ينقاد لعدوه وعدو شعبه.. ثم ماتت تلك الفورة الكاذبة وطمع من يسمون أنفسهم بالثوريين في استخلاف أقرب الناس إليهم وبرز أكثر وضوحاً كذب تلك الثورات وأنماط الثوريين. وكتمت تلك الثورات أفواه الكثيرين من أهل الفكر والأدب.
وحجمت الصحافة ووسائل الإعلام.. وبقيت الدول التي سلمت من بهرجة تلك الثورات هي الدول الآمنة، وأصبحت هي الملاذ الآمن لقادة تلك الثورات. ومن حين إلى آخر نجد من ينعق. ويحمل على بعض تلك الدول التي سلمت من زيف تلك الثورات. ثم يعودون للاستغفار لذلك. مات الأدب. وتحجم. وضاعت الكلمة الصادقة التي تهز الوجدان وتحرك القلب. وقفل التاريخ صفحاته التي كانت تساير الرخاء والأمن للدول العربية.. وتسجل نتائج ذلك الأمن وذلك الرخاء.
وبدأت المشاكل تكبر. وحرص الغرب بعد فترة على تمزيق تلك الدول وشحنها بعضها على بعض. واملاء شروطه من أجل مدها بما تريد أو مساعدتها لتثبيت دعائم سلطتها.. ولم يسلم عامة الناس والشعوب مع آثار تلك الإنعكاسات. وأصبحنا نسمع عن الحروب والتمزق والاعتداءات والتقتيل وضياع الحقوق وما ذاك إلا بسبب تلك الفرقة والكراهية التي أحدثتها تلك الثورات.. فمتى نحس ونجد أدباً آمناً.. يساعد النفوس البشرية المتعبة على الاستقرار والتلذذ برواياته وعجائبه؟!

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved