Monday 28th January,200210714العددالأثنين 14 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وسميات
وإذا الشيخ قال.. أفٍ
راشد الحمدان

قال أحد الأصدقاء زرت الشيخ ابن باز رحمه الله ذات يوم.. فقال.. «وكان يعرفني».. كم عمرك يا فلان.. وسمَّاه باسمه.. فقلت بلغت الستين يا شيخ.. فقال.. ألا تعلم أن الله قد أعذر لابن الستين قال صديقي.. تمنيت أنه لم يسألني.. وما قال ذلك كراهية لما قال الشيخ رحمه الله. ولا رغبة عن سماع ما يقوله الشيخ.. لكنه ركبه الوجل تلك اللحظة.. كأنما الشيخ قد أنذره بدنو الأجل.. وحذّره من الإهمال في بقية عمره.. وكأنما.. ذكَّره بالجنة أو النار. فإن أعمار أمة محمد بين الستين والسبعين وقليل من يتجاوز ذلك.
قلت: هذه قصة فيها عبر كثيرة، لعل أهم ما فيها الحذر عن الغفلة يكفي ما ركضه الإنسان من عمره قبل الستين.. وما فعله من خلط وظلم، وضياع. وأخطاء قبل الستين.. وعليه أن يمسح السبورة القديمة.. ويبدأ سبورة جديدة، كل ما فيها حسب قدره زاهٍ وسار ومرضٍ لله.
وقد رأيت كثيرين يتحوّلون بعد هذه السن إلى أناس آخرين، فيميلون إلى الدعة والراحة والسكينة وحب قراءة القرآن ولزوم المسجد، والحرص على العبادة، والرأفة والرحمة بمن حولهم.. وترك الفظاظة والغلاظة وسوء الخلق، ويقتربون من أمهم الأرض، لأنهم بإحساسهم يدركون أن العودة إليها قريبة ولازمة وقد قال أحد الأقدمين عندما جاءه صحبه على عادتهم يدعونه للسمر وتضييع الوقت فيما يغضب الله. قال.. يا صحبي الليلة بلغت الأربعين.. والرجل إذا بلغ الأربعين يستحي من ربه. وقد استحيت من ربي، فاتركوني فانصرفوا، وقد رن في قلوبهم جرس الإنذار ذاك.
ويفسِّر البعض خمود الإنسان في أخريات عمره واقتصاره على مسافات قليلة من الركض في دروب الحياة وميله للسكينة واجتناب المجتمعات الضاكة... يرجعون ذلك إلى الوهن والتعب والملل الذي يصيبه عندما يشعر أنه يترك أيام الشباب وزهوه وقوته وصلفه يقول المتنبي:


وإذا الشيخ قال أفٍ.. فما مل
حياة وإنما الضعفَ ملاَّ
آلة العيش صحة وشباب
فإذا ولَّيا.. عن المرء..ولَّى

قلت.. وهذا أحد الأسباب.. لركون الإنسان بعد كهولته وشيبه وميله إلى الهدوء، والاستقرار والتفكّر في آخرته. وهو من حسن الحظ.. لأن الله سبحانه ينهى عن الغفلة.. فيقول: «ولا تكن من الغافلين..».

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved