Thursday 7th February,200210725العددالخميس 25 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مداد العقل
الإرهاب مقلوباً
د. سليمان الرحيلي

تعلق الكنيسة آمالاً كبيرة على الغربيين في العالم ومنه العالم الإسلامي والعربي الذين جاؤوا إليه في هيئة أطباء أو ممرضين أو مهندسين أو معلمي لغات أو خبراء أو موظفي هيئات ومساعدات دولية ونحوهم وذلك لمعرفتها للدور والتقدير والمكانة التي يحظى بها هؤلاء في تلك المجتمعات وسهولة التغلغل وقوة التأثير والتأثر بهم هناك وكذلك عدم لفت هؤلاء الانتباه أو الإثارة للرأي المحلي لهم ومن ثم نجاحهم المؤكد في تمرير دورهم التنصيري بهدوء من خلال أعمالهم الأساسية.
وتنطلق الكنيسة الحديثة في سياستها الجديدة تلك من عدة منطلقات مثل تعاليم رجال دينها الأوائل من أمثال بولس الذي أدرك خطورة هذا الدور وأهميته ونادى منذ زمن مبكر (بضرورة خدمة الرب أثناء تأدية العمل) ثم إن التبشير بصوره السابقة ووسائله التقليدية لم يلق النجاح المأمول ولاسيما في العالم الإسلامي والعربي بالذات وأخيراً فإن جيوش هؤلاء بمختلف وظائفهم ومهنهم أكثر نضجاً وتعليماً وثقافة من كثير من المبشرين وأساليب تنصيرهم المكشوفة وكذلك فإن هؤلاء في الغالب استقدموا بطلب من تلك المجتمعات ومؤسساتها العامة والخاصة ثم إن تغلغل هؤلاء والحاجة إلى أعمالهم وبالذات في المجالات الحرجة كالصحة والفقر والجهل تجعلهم أمكن من غيرهم في تمرير رسالتهم التنصيرية، وتقول إحدى المنظمات النصرانية التي ترعى هذا النوع من التنصير من خلال هذه الوسائل وتعد التخطيط والتوجيه والدعم له (نحن لانعتبر هؤلاء يقضون نصف الوقت في العمل من أجل الرب ولانعتبرهم ماديين يعملون من أجل مهنتهم فقط. نحن نؤمن ان هؤلاء مدعوون من الرب لخدمته سبعة أيام في الاسبوع وحيثما كانوا: في منازلهم أو أماكن عملهم أو مدارسهم) وتقول منظمة أخرى (نحن نؤمن ان على كل نصراني ان يستغل عمله اليومي كبرنامج وخطة للدعوة إلى النصرانية ونشرها، حيث يجب ان يبلغ رسالة المسيح من خلال العمل في متجر أو وظيفة في شركة أو حكومة أو في أي حقل آخر.
أما البرنامج والتعليمات التي تقدمها هذه المنظمات والمؤسسات والمعاهد والكليات التنصيرية فتتلخص فيما يأتي:
ان تعمل المجموعة في البلد الواحد كفريق متكامل يتبادلون المشورة والخبرات والبحث عن الحلول وإعطاء إشارات الخطر فيما بينهم.
ضرورة الحذر الشديد في البداية حتى لايكشفوا عن هويتهم التنصيرية ويظهروا على أنهم علمانيون لا علاقة لهم بالدين إلى ان تحين الفرصة التي قد تأخذ وقتا طويلا ولكن لديهم نفس طويل وذلك حسب الحاجة وحسب الوضع الذي يواجههم أو مدى استجابة المدعوين.
محاولة عدم المساس بالثوابت لدى المسلم المدعو ومحاولة إثارته في بعض القضايا العقدية وطبعا فالثوابت هنا يختلف مفهومها من مسلم إلى آخر وذلك عائد إلى درجة تمسكه بإسلامه وعلى العموم فهؤلاء يبدؤون من الأطراف متجهين نحو العمق بمعنى أنهم يبدؤون بالأشياء الجانبية وحسب الاستجابة يصلون إلى العقيدة.
محاولة الاندماج مع زملاء العمل من الوطنيين ومعرفة اتجاهاتهم وأذواقهم وتوجهاتهم العقائدية وذلك من خلال إقامة بعض الحفلات والاجتماعات خارج نطاق العمل.
المرحلة التالية مايمكن ان نسميه مرحلة التركيز على شخص أو عدة أشخاص يكون قد تم انتقاؤهم بحذر شديد وهنا تبدأ عملية الاتصال الشخصي.
من خلال الاتصال الشخصي قد يعرض هذا الموظف أو ذاك على فئة من الأشخاص بعض العناوين أو تمنح البعثات الدراسية في الخارج.
ترى لو قلبت الصورة وأعدت هذه البرامج وأصدرت هذه التوجيهات إلى العاملين في الغرب من المسلمين ودعمتها هيئات ومراكز إسلامية ألا تعتبر إرهاباً في منظور الغرب وإدارته للأزمة والعلاقات الحالية بينه وبين العالم الإسلامي الحديث ومن ثم فإما أن يحدد مفهوم الإرهاب ويأخذ معناه الحقيقي أو ان الغرب ومؤسساته ومجالسه الكنسية ترعى الإرهاب على نحو أكبر وأوضح وبعمق تاريخي أبعد نحو الآخرين في كل القارات وبالذات في أفريقيا وآسيا.. إن محاولة تغيير عقائد الآخرين إلى عقائد تركتها مجتمعاتها وفصلتها عن حياتها واستغلال ظروف تلك المجتمعات وتشويه ديانتها السابقة وإعداد كوادر وبرامج وانفاق أموال طائلة وإمكانات ووسائل في سبيل ذلك هو نوع من إرهاب تلك المجتمعات وقسرها في النهاية ضمن خطط بعيدة واستراتيجيات معدة على خضوعها للآخر وبسط نفوذه المادي والحضاري عليها وكل مفهوم أو برنامج أوخطة سواء أكانت عاجلة أو آجلة وفق هذا المفهوم وتحقيق النفوذ والاحتواء للآخر هي صورة من الإرهاب نحوالآخر وسلب مقوماته الذاتية وقتلها ومن ثم على الغرب ألا يطرح الإرهاب بهذا المفهوم والشمول الواسع في علاقته بالعالم الإسلامي حتى لايتحول هو في علاقته وسياسته نحوه خلال العصور التاريخية إلى بطل إرهاب وسفاك في آن واحد.. إنه بعبارة أدق الوجه الآخر لكثير من موظفي الغرب في وطننا الكبير بشهادة مؤسساته أو الإرهاب مقلوباً ومقلباً ضدنا.
انظر: عبدالرحمن الزامل : كتيب (الخيامون).

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved