Tuesday 12th February,200210729العددالثلاثاء 29 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مداد العقل
مسؤولية الأمانة في تعميم سمو ولي العهد حفظه الله
د.سليمان الرحيلي

أصدر صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله تعميما في الآونة الأخيرة (الوطن عدد 495 وتاريخ 23/11/1423ه) دعا فيه منسوبي المصالح والدوائر الحكومية إلى ضرورة الالتزام بالأمانة الإدارية والمهنية في مفهوم الوظائف وإدارة مصالح الناس وحل مشكلاتهم.
وفي البداية نبه رعاه الله إلى مكانة الأمانة عموما باعتبارها اساساً وركنا مكينا في مفهوم الإسلام وموقفه من إدارة الحياة في مختلف المجالات، لا تقف مراعاته والالتزام به عند الحياة الدنيوية ومناشطها العديدة وإنما يتجاوز ذلك ثوابا وأجرا ومنزلة في الآخرة ولا يقف العمل به عند حد أو منشط أو فرد أو جماعة أو في علاقة خاصة أو عامة وإنما في الكل إزاء الكل، حتى كانت من صفات عباد الله المخلصين وأحد أسماء نبيه محمد خاتم الأنبياء والمرسلين لتبقى راسخة دون نسخ أو تحوير أو حد لمفهومها إلى يوم الدين.
ومن ثم نبه سموه الكريم على ضرورة ان يعي كل موظف صغرت درجته أو كبرت، علت أو دنت خدمته لمصالح الناس أو مجتمعه ووطنه في ليل أو نهار، مستديمة أو مؤقتة في الداخل والخارج، المفهوم الشامل الكامل للأمانة ودلالاتها وتطبيقاتها المختلفة المشار إليها آنفا وألا يقع هذا الموظف أو ذاك في توجيه راع وخشية أبوية من سموه تحت رغبة حب الوظيفة والمراتب العليا والوظائف الكبيرة والمهمة دون الالتزام بحقوقها وواجباتها وتبعاتها من الأمانة في أداء كل ذلك في فهم ووعي وتقى وإخلاص عملي وفعلي لايحده الزمن أو المكان أو اللون أو القربى.. إلخ، أو الوقوع تحت طائلة الوعود والأقوال والتلون والانتقاء في أداء الأمانة ومقتضيات الوظيفة وغير ذلك من معوقات مفهومها ومصادمة دلالاتها في التطبيق اليومي والجهوي والعمري في العمل فوق كل أرض وتحت كل سماء في رقابة ذاتية وخشية من الله لا تفارق صاحبها طرفة عين في السر والعلن، وأن يستلهم الموظف أنى كان ومتى كان كما يرى سموه المبدأ الالهي الخالد في ادارة كل الأعمال {\عًمّلٍوا فّسّيّرّى پلَّهٍ عّمّلّكٍمً وّرّسٍولٍهٍ و ّالًمٍؤًمٌنٍونّ} .
ثم يضع سموه الكريم الموظفين بمختلف درجاتهم وأعمالهم ومؤسساتهم أمام الخيار الرباني في تقدير هؤلاء أو حتى بقائهم من عدمه وهو (إن خير من استأجرت القوي الأمين).
ثم بعد ذلك يحذر من العواقب والتبعات التي تنتج من مخالفة هذا المفهوم والتفريط في دلالاته عند العمل والتطبيق وأولها أن هذه البلاد قامت على العدل والأمانة وأن المسؤولية في حملها وتطبيقها إزاء شعبها هي عهد وميثاق يدين بها قادته ومن يولونهم في رعاية شؤون الناس ورعاية أحوالهم وإدارة مصالحهم المختلفة ولهذا حذر سموه الكريم الجميع من الوقوع في عدم حمل الأمانة الوظيفية والاخلاص فيها وعدم أدائها كما ينبغي فإن ذلك هو الظلم بعينه (اياكم وظلم الرعية في حقوقها وعلى كل مسؤول كبر أم صغر أن يدرك بثاقب بصره.. خدمة لدينه ثم لوطنه ولشعب أولاه خدمته).
كذلك يحذر سموه الكريم فئات كثيرة وربما تراكمت مع الوقت في بعض الدوائر والمصالح العامة والخاصة أخلت بأداء الأمانة وقصرت في خدمة مجتمعها ووطنها وحرصت على الوظائف لمجرد الكسب وتحسين المستوى أو حتى ادعت الأمانة قولا لا عملا، مظهرا لا مخبرا، يحذر هذه الفئات والمناصب ومن شاكلهم بأنه ( لا مكان لهؤلاء في مملكة حكمت شرع الله وأقامت وحدتها على كلمته العليا) شرعة ومنهاجا وادارة وحكما قولا وعملا. حتى يقول وفقه الله بحق وقدرة على التنفيذ والحرص على التغيير وحمل هؤلاء على الأمانة وضرورة التحلي بها (ودولة مثل هذه لن يعجزها بحول الله وقوته أن تستبدل القوي الامين بمن اختبرته الايام فأعجزته كفاءته وجار على أمانته وعزف عن مرضاة ربه) إذ إن هذه الدولة تملك من الوسائل والادوات التي تستطيع أن تحقق ذلك بكل اقتدار وتمكن ولاسيما في ظل مفهومين أساسيين هما أننا في عصر كثر فيه الأكفاء والأمناء والطلب على الوظائف في مختلف مجالاتها ومستوياتها ومن ثم فإن هذا يتيح فرصة التبديل للمقصرين واختيار الافضل من المتقدمين. واحلال الموظف المناسب أمانة وأداء وكفاءة في العمل المناسب. أما المفهوم الثاني فهو أن لدينا من الادارات الرقابية والحقوقية عند تفعيلها وتوسيع صلاحياتها ورفع كفاءتها أن تحقق الكثير من أداء الأمانة بمختلف صورها والانضباط الاداري المهني والمالي الوارد في فحوى تعميم سموه الكريم الجامع، فإن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved