Sunday 17th March,200210762العددالأحد 3 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

حديث الشبكةحديث الشبكة
إنترنت الجيل التالي (34)
خالد ابا الحسن

أواصل الحديث إليكم عن إنترنت الجيل التالي (NGI)، والتي تحدثت في حلقتيها الماضيتين عن أهدافها وعرفت بطبيعتها وجهات تمويلها ونطاق خدماتها.
وأعرض اليوم جانبا من التطبيقات العملية التي باتت عنصرا فاعلا ومهما في عمل الحكومة الأمريكية والتي تمثل إنترنت الجيل التالي ومثيلاتها من الشبكات فائقة السرعةأساسا لها.
وسيكون الحديث عن التطبيقات العسكرية والصحية على إنترنت الجيل التالي ومثيلاتها من الشبكات، علما بأن وزارتي الدفاع والصحة قد اشتركتا في تنفيذ وتمويل مشروع إنترنت الجيل التالي مما يفسر منطقية استفادتهما منها، لقد كان ظهور إنترنت الجيل التالي سببا جعل عمل الحكومة الأمريكية أكثر سرعة وإتقانا من ذي قبل.
ومن أهم الوزارات المعنية بإنترنت الجيل التالي وزارة الدفاع الأمريكية والتي تمثل الجهة الحكومية الأبرز في دعم مشروع إنترنت الجيل التالي، فهي تعد المستفيد الأول والأكثر استثمارا لما ستقدمه إنترنت الجيل التالي لأعضائها والمستفيدين منها.
وفي ظل وجود إنترنت الجيل التالي والشبكات فائقة السرعة والقادرة على نقل بيانات ومعلومات بشكل آني وسريع وواسع النطاق، فإن المقاتل الأمريكي أصبح أكثر قدرة على خوض معارك أشبه ما تكون بالعالم التخيلي، فالجندي الأمريكي يتلقى تدريبه على أجهزة المحاكاة في كليات التدريب العسكرية والتي تضعه في أجواء المعارك وهو في جهاز تخيلي وعالم افتراضي وحسب، وبعد أن يتقن تدريبه، فإنه لا ينتقل إلى ميدان المعركة مباشرة، بل تنتقل معه التقنية إلى ميدان المعركة، كي تعينه على التعرف على الأهداف المعادية ويتمكن من إصابتها عن بعد دون أن يكلفه هذا الأمر حياته بالاحتكاك المباشر معها، أي أن الجهات المعادية لا تقاتل بشرا كما هو الحال في الحروب التقليدية، بل تقاتل أجهزة وشبكات وأقمارا وتقنيات، فوجود مثل هذه التقنيات يتيح للقطع العسكرية الأمريكية أن تسير في مختلف بقاع الأرض على هدى من الأقمار الصناعية التي تزودها بمعلومات ثرة ومفصلة عن خطوط سيرها وتتلقى عبر الشبكات فائقة السرعة معلومات واستشارات بل وأوامر عسكرية مباشرة لتنفيذ مختلف العمليات وبشكل آني، وقد برزت أمثلة على مثل هذه السيناريوهات أثناء حرب الولايات المتحدة الأخيرة في أفغانستان منها على سبيل المثال تسيير طائرات استطلاع بدون طيار يمكنها إرسال معلومات إلى غرف العمليات والتي تعطي أوامرها لهذه الطائرات بإطلاق صواريخ لإصابة تلك الأهداف من دون أن يكون لجندي واحد علاقة بما يحدث، فالعملية برمتها تتم آليا ويكون التدخل الوحيد في مركز السيطرة والذي يدير هذه القطع العسكرية عن بعد. ومن الواضح أن لإنترنت الجيل التالي دور كبير في نقل بيانات هذه الأهداف وتبادلها بين جهات وزارة الدفاع الأمريكية المختلفة، بحيث أصبح بإمكان جنرالات الجيش الأمريكي إدارة معارك لا يلزمهم أن يكونوا هم أو أحد من جنودهم في خطوطها الأمامية، بل يمكنهم خوض تلك المعارك من مكاتبهم أوغرف العمليات التي تتولى إنترنت الجيل التالي ربطها عبرالأقمار الصناعية بمختلف الوحدات العسكرية في الميدان، وبالتالي يمكنهم اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت والكيفية المناسبين وبسرعة فائقة دون حاجة للمخاطرة، وبهذا، يتبين لنا أن التقنية والشبكات ساهمت في تقليل نفقات الحروب وتجنب المواجهات المباشرة والاكتفاء بخوض الحروب عن بعد مع تحقيق نتائج أكثر فاعلية. ومن أوجه الإفادة من إنترنت الجيل التالي (NGI) والتي بدأ العمل عليها يؤتي ثماره منذ عام 1996، إجراء العمليات الجراحية عن بعد، وقد ذكرت ذلك مثالا على ذلك لماما في غضون مقالة سابقة.
وكان ذلك عن نجاح جراح نيويوركي في إجراء عملية متقدمة لمريض في ستراسبوج بأوروبا، ولكي تتضح الصورة أكثر، فقد قام هذا الجراح بالعمل على جهاز مرتبط بالإنترنت مباشرة، ويحمل هذا الجهاز مقابض وأزرارا يفترض أن يؤدي الضغط عليها إلى قيام جهاز روبوت آخر في ستراسبورج بتنفيذ أوامر معينة من ذلك الطبيب الذي يوجهه عبر الإنترنت، ولو تخيلنا أن ذلك يتم عبر الإنترنت العتيقة البطيئة التي نعرفها، فإن ذلك يعني أن الجراح حين يعطي أمرا ما، فإن هذا الأمر سيستغرق وقتا كي يصل إلى الجهة الأخرى ويقوم الروبوت بتنفيذه، لكن الحقيقة أن العملية تمت على شبكة سرعتها تتيح لهذا الجراح القيام بهذه العملية وكأن المريض يرقد بين يديه، فالسرعة المذهلة التي وفرتها إنترت الجيل التالي جعلت من هذه العمليات أمرا ممكنا.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.comعناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved