Wednesday 20th March,200210765العددالاربعاء 6 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الأمير عبدالله وميثاق السلامالأمير عبدالله وميثاق السلام
منى عبدالله الذكير

دون شك ان مشروع الأمير عبدالله ولي عهد المملكة العربية السعودية هو ميثاق القرن الواحد والعشرين حيث كل القلوب في كل العالم تتطلع الى بداية عصر يتسم بالهدوء والسلام الذي تاقت إليه النفوس طويلاً واصبح مجرد حلم طوال القرن العشرين المنصرم ذلك السلام الدامي الذي كم سقط في دروبه من ضحايا ولم يزل.. وجاء اقتراح الامير عبدالله مثل بلسم يمسح جرح العالم برمته، لذلك تلقفته آذان البشر بكل اللهفة وكثر تداول مدلولاته ومحاولة فهم مابين سطوره رغم ان الطرح كان واضحا جليا اللبس فيه غير موجود ولا نكاد نلمح ابهاما بين ثناياه.. السلام مبتغى الجميع بعد ان طالت المسافة بين السكينة التي يحتاجها العالم لبناء حضارته الانسانية وبين ضجة السلاح ورعب الفناء الذي يتهدد المنطقة كلها.
الأمير عبدالله القائد السعودي المحنك كان شجاعاً وجريئاً عندما قبل خوض الرهان بأن يقابل العالم بأجمعه حاملاً راية السلام البيضاء مادا يده في فضاء العالم ممثلا كل اولئك الراغبين في العيش ضمن حدود القانون والعدالة والاخاء الروحي، لقد قدم الامير عبدالله قاعدة وميثاقا عالميا لايمكن تخطيه او تجاوزه لاي سبب ومهما كانت المصالح الاقليمية او الدولية، ان ذلك الميثاق يسعى بالدرجة الاولى الى حفظ الصالح العربي كله وتحقيق التقارب في وجهات النظر العربية العالمية في الدرجة الثانية واخيراً بسط مبدأ السلام والرخاء فوق مجمل منطقة الشرق الاوسط ومن ضمنها اسرائيل بالطبع متجاوزاً كونها دولة غير شرعية اغتصبت ارضا عربية وشردت شعبا شقيقا عربيا ولم تزل آلة الحرب الاسرائيلية تدمر منازل المواطنين الفلسطينيين وتهجرهم خارج وطنهم الام ولكن العالم سأم حديث الحرب وكان لابد من ايجاد طريقة جذرية وحازمة لانهاء ذلك الصراع الذي يكاد يكون ازليا بين العرب واليهود وكان السؤال الى اين تسير بنا ازمة الشرق الاوسط؟ وكان الجواب هذه المبادرة الميثاق التي طرحا ولي عهد السعودية مؤخراً التي استقطبت اهتمام المحافل الدولية السياسية وطرحت على بساط البحث والنقاش في اكثر من منتدى ومؤتمر عالمي ولم يزل يتفاعل ويعتبره الكثيرون اي الميثاق عاملا ديناميكيا ضاغطا لايمكن وقفه ولاحتى التقليل من قوته على جميع الاطراف المعنية سواء في منطقة الشرق الاوسط او حتى الولايات المتحدة الامريكية التي لها دور يستحيل تجاهله في حل الازمة، رغم ان البعض يقول بان امريكا لاتستطيع ان تكون طرفا محايدا فهي منحازة تلقائيا لاسرائيل ، مبادرة الامير عبدالله تحمل مطالب صريحة أهمها ان تتراجع اسرائيل عما استحوذت عليه من اراض عربية فلسطينية منذ العام 1967م وهي قطاع غزة والضفة الغربية والجولان التي تتبع سوريا وبناء الكثير من المستوطنات عليها واحلال سكان يهود بدلا من السكان العرب الاصليين مالكي الارض. ان قضية المستعمرات هي ايضا مشكلة حتى لاسرائيل نفسها وهناك ازمة اجتماعية بين جمهور المستعمرين اليهود سكان المستوطنات وبين مؤسسة الحكم وعلى رأسها آرييل شارون رئيس الوزراء الحالي بعد تزايد العمليات الاستشهادية والتفجيرات الاخيرة داخل اسرائيل من قبل بعض السكان العرب الذين وصلوا الى حافة اليأس نتيجة الاوضاع المزرية التي يعيشونها وبذلك نشبت الخلافات بين الفئات والاحزاب المختلفة حلول اسلوب الاستيطان واسلوب التعامل مع الازمة الراهنة ومع السلطة الفلسطينية والسكان العرب في الداخل بعد ان أثبت شارون فشله الذريع في التصدي لأي من تلك المشكلات ويتساءل الكثيرون من السكان اليهود الى متى سيظل يعتمد الكيان الصهيوني في خططه التوسعية على المنجزات العسكرية التي يكون لها ردود فعل عنيفة من السكان العرب الذين اتخذوا من الموت وسيلة للحياة وللمواجهة بعد ان فقدوا الامل في حلول منطقية تعيد اليهم شيئا من حقهم، ومن هنا جاءت مبادرة الامير عبدالله كحل أخير ووحيد بعد ان وجد انه لايمكن التفكير بالمستقبل الا من منطلق مبدأ السلام لأنه اصبح هاجسا مستقرا في اذهان جميع العالم الذي فهم انه من حق الفلسطينيين ان يعاد لهم جزء من ارضهم وتاريخهم وكانت خطوة ذكية فبعد ان كانت اسرائيل تدعي برغبتها في تبادل التمثيل الدبلوماسي مع العديد من الدول العربية وانشاء مصالح اقتصادية وثقافية معها في محاولة لخلق سياج من الامن المعنوي بدلاً من السياج العسكري الذي بات يرهب سكان اسرائيل من اليهود اكثر من العرب ولكن كل ممارسات قادة اسرائيل تؤكد بانهم يرغبون الحرب اكثر من رغبتهم في السلام الذي يدعون.. انهم يسيرون عكس التاريخ المنطقي تمثلاً بقائدهم «بن غوريون» الرئيس الاول لدولة اسرائيل الاستيطانية في فلسطين مطلع القرن العشرين الذي كان هدفه انشاء دولة يهودية مهما بلغ صغر حجمها وتوقع انها ستكبر وتنمو فيها بعد لهذا كان مستعدا مبدئياً للاستقرار في جزء من الارض لاتشكل الوطن المرغوب وقد اقتضت خطته جلب اكبر عدد من يهود العالم الذين عرفوا بالمهاجرين من كل اصقاع الارض من كل الاجناس والقوميات ثم سعى الى بناء اقتصاد يهودي مستقل بعد ان كان يعتمد على تبرعات الدول والافراد ثم تنظيم جيش وقال: بعد ذلك سنصبح قادرين على الاستيطان في جميع انحاء الدولة سواء عن طريق اتفاقيات وتفاهم متبادل مع جيراننا العرب او باتباع طرق اخرى وكان يعني بهذه الطرق القضاء على الشعب الاعزل بالسلاح. وهكذا استمر الحال مع جميع قادة الكيان الصهيوني حتى اليوم متمادين في صفة التملك وفعل الاغتصاب والتسلط المتطاول في زمنه متجاهلين زحف الزمن وتغير العقليات وتعمق الوعي القومي حتى بين اليهود ذاتهم الرافضين لمبدأ العنف اليومي ضد العرب من خلال المواقف الاستيطانية وتدمير ونسف المنازل ومحاولة ابادة الجنس العربي او ترحيله على اقل تقدير الى البلاد العربية المجاورة ورئيس الوزراء الحالي شارون لم يزل يعيش بعقلية بن غوريون.
وفي عودة لمشروع ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير عبدالله نجد انه محاولة لتوحيد كلمة العرب تجاه قضاياهم المصيرية وحتى لايكون الرفض العربي لمجرد الرفض لأي بادرة سلام ولكي لاتترك الساحة خالية لاسرائيل تصول فيها وتجول وتدعي امام العالم كله ان العرب لايريدون السلام وفي كتاب صدر عام 1983م من مركز دراسات الخليج العربي بجامعة البصرة في العراق قرأت حول «مشروع السعودية للسلام» الذي قدمته الحكومة السعودية حينذاك واثار ردود فعل عالمية واسعة في كثير من الاوساط الدولية وتضمن المبادئ الاساسية لاحلال السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الاوسط ومن خلال تلك المبادرة والحالية يتضح ان الطرح السعودي ليس فكرة وقتية او مشرعا شخصيا بل ان الامير عبدالله حولها الى اعلان للمبادئ الاساسية للسلام الدائم والراسخ وكميثاق عالمي يراد منه ان يتحول الى خطة عربية متماسكة تلقى التأييد من جميع الاطراف في المنطقة خصوصا مع التصعيد العسكري الاسرائيلي الوحشي في جنوب لبنان وداخل فلسطين مع هدم وتفجير منازل الفلسطينيين وتشريد المزيد منهم فكان لابد من رد كبير بلوره الأمير عبدالله لبرنامج سياسي محدود وواضح للتعامل مع اسرائيل التي عارضت من قبل كل محاولات السلام بعنجهية لأن السلام حسب وجهة النظر الصهيونية اخطر على اسرائيل من الحرب.
الأمير عبدالله طرح المبادرة بشكل مشروع متكامل الاركان ليشكل ارضية صالحة لسلام شامل وعالمي وغير مسبوق ليخرج جميع الاطراف من اسر مواقف اسرائيل المتشنجة التي تعود على الجميع بالضرر وبذلك فان مشروع الأمير عبدالله للسلام سوف يفند ادعاءات اسرائيل في ان العرب ضد السلام. انها لحظة المواجهة التاريخية وعلى اسرائيل ان تدخل الامتحان ان كانت جادة في مزاعمها.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved