Friday 29th March,200210774العددالجمعة 15 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

آخر الأسبوعآخر الأسبوع
الدواجن: صناعة على كف عفريت!!
د. صنهات بدر العتيبي

تكون الصناعة أية صناعة، على كف عفريت وتشوبها حالات من عدم الاستقرار والتدني المريع في الاسعار ومستويات الربحية عندما تكون حواجز الدخول إليها منخفضة وحواجز الخروج منها مرتفعة (نسبيا) والمنافسة فيها حادة كشفرة السكين.. هذه الخصائص المرعبة تتكالب نوعا ما ودفعة واحدة على صناعة الدواجن الوطنية فتجعل منها «ضحية» قادمة لعدم فهم والتفاعل مع تأثيرات هيكل الصناعة وحركة قوى السوق وكذا الاعتماد المبالغ فيه على المنافسة السعرية والإغراق وغيرها من الاساليب الأحادية وعديمة الابتكار . وهكذا يكون الأمر أكبر خطورة واجدر بالاهتمام خاصة وانه يتعلق بمستقبل صناعة كاملة وليس منتج واحد أو عدة منتجين.
مثل صناعة الألبان، دخلت صناعة الدواجن في دهاليز المنافسة السعرية المظلمة ولكن في المسألتين اختلاف بسيط.. في موضوع الألبان كنا (نحن المستهلكين) تعجبنا تخفيضات الأسعار ونفرح بها لان المنافسة في جلها كانت محلية وطنية تعكس مفهوم السوق الحر والمفتوح والمستهلك قد يتحول من زيد الى عبيد فلا تكون الصناعة برمتها تحت كابوس التراجع والانحدار اما في صناعة الدواجن فالمسألة أدهى وامر حيث اتجه منافسون خارجيون الى الاغراق بمفهومه التدميري على صناعة مرتبكة وبالكاد تقف على قدميها بسبب عوامل انتاجية وتسويقية وهيكلية عدة. من هنا تتمثل الخطورة كالشبح لان الاغراق من منتجين اقوياء على صناعة ضعيفة هيكليا ويعيش فيها منتجون لا يقوون على المنافسة هي بمثابة المسمار الأخير في نعش هذه الصناعة وبهذا اختلفت الدواجن عن الالبان.
وزارة التجارة أخطأت عندما حاولت التدخل في موضوع الالبان عن طريق اللجنة الوزارية المشهورة فلم تجد من كبار المنتجين آذانا صاغية لاسباب فرضتها رغبتهم في المنافسة المفتوحة وتنظيف الصناعة من «تجار شنطة» يعيثون في الحليب فسادا بدون التزامات استراتيجية كبيرة..
وقد تخطىء وزارة التجارة مرة اخرى عندما ترفع يدها عن التدخل وحماية صناعة الدواجن قياسا على تدخلها غير الناجح في صناعة أخرى ذات خصائص وظروف مختلفة.
صناعة الدواجن تحتاج الى حماية مدروسة ومنسقة لا تتعارض مع مفهوم السوق الحر ولا تكون مثل حماية السكر التي أبدعتها لجنة وزارية اخرى فخربت ديار اناس يستخدمون السكر كمواد أولية لصالح منتج واحد فقط في البلاد طولا وعرضا!! لحماية صناعة الدواجن قد يكون من الاجدى تشجيع الاندماجات والتحالفات الاستراتيجية ما بين المنتجين الوطنيين وتشديد اجراءات فسح الدواجن الأفرنجي ومنع الممارسات الاغراقية عندما تثبت بالدليل القاطع.. ولا شيء في ذلك فهذه أمريكا زعيمة الحرية الاقتصادية تحمي فولاذها وتغضب منتجي الحديد الاوروبي والروسي ولم يقل احد ان هذا تدخل سافر في عمل آليات السوق.
ولا يجب ان يقف المنتجون في صناعة الدواجن مكتوفي اليدين بل يجب ان يعملوا على تقوية مخالبهم وحماية أنفسهم عن طريق تحسين (دواجنهم) والعمل الجماعي المشترك نحو إزالة الشكوك التي تنتاب المستهلكين حول الدواجن الوطنيةوتحملهم أحيانا على الهروب بصحتهم الى الدجاج الأشقر!!

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved