Friday 12th April,200210788العددالجمعة 29 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

آخر الأسبوع آخر الأسبوع
صناعة البيروقراطية في المنشآت الحديثة!!
د. صنهات بدر العتيبي

البيروقراطية هي مفهوم تنظيمي سلبي في الغالب يعني الوضوح الشديد في خطوط السلطة داخل التنظيم مما يؤدي إلى زيادة غير عادية في درجة الرسمية من حيث القيادة والاتصالات واتخاذ القرارات.. الخ، وذلك يؤثر حتما على الأداء والنتائج وحالات الرضا ومستوى الابتكار في التنظيم. ولكن السؤال المهم يقول كيف تظهر البيروقراطية وكيف تنمو في المنشآت الحديثة؟
لدينا تبذر البيروقراطية في «الأنا» بفعل مؤثرات شخصية ثم تنمو بفعل مؤثرات «شللية» وبيئية ولذلك أمثلة حية. فنحن مثلاً لدينا ديموقراطية مجالس ولكن بيروقراطية مكاتب.. بمعنى أن المدير العام في مجلسه الخاص يكون «عسلا في عسل» ويكون قمة في تعامله وحديثه وأسلوبه، ولكن ما إن يدخل المكتب حتى تتقمصه حالة من الهوس البيروقراطي فلا يكون الدخول عليه سهلاً ولا الحديث معه ببساطة فهو «سعادة الدكتور» أو «سعادة المدير» أو «معالي» أو «...»
وهكذا كما أنه لا يحب أن يسمع سوى «سم طال عمرك» و «الشور شورك» و «أنت أبوها وسمها» وغيرها من عبارات التفويض المطلق. ولن يفوتني الإشارة إلى أشياء دقيقة مثل المظهر والملبس وطريقة الكلام وغير ذلك من ضروريات الزركشة مما تسبب في بروز ظاهرة «البيروقراطية البشتية» نسبة إلى البشت المطرز.. فبقدرة قادر أصبح نوع البشت أهم من الإنتاجية والكفاءة والإنجاز وغيرها من معايير الأداء!!
في هذه المسألة بالذات أعتقد أن البيروقراطية وجدت بسبب المحيطين بالمسؤول وليس المسؤول نفسه، لكل مسؤول أو مدير أو حتى رجل أعمال مجموعة من الأشخاص يؤدون دور «البطانة» كما في الثقافة الاجتماعية والتاريخية منهم ما يسمى مدير المكتب والسكرتير ومدير العلاقات العامة إضافة إلى الزملاء المقربين والأصدقاء الحميمين وغيرهم.
هذه البطانة تشكل ضغوطاً نفسية ومسلكية على المسؤول وتخلق لدينا بيروقراطية المكاتب وبسببها أيضا تزداد الفجوة ما بين المسؤول وأصحاب الحاجة أو المصلحة. وأعتقد أن استفحال الواسطة في الأخضر واليابس، في الحكومة والقطاع الخاص، يرجع في جزء منه إلى الدور التدميري للبيروقراطية المصطنعة المبنية، على «ثقافة وصولية» استمرأت بناء العلاقات أكثر من بناء الكفاءات.. وعليه ضاعت الجدارة في دهاليز العبارة الشهيرة «تعرف أحد»!!
نظرياً البيروقراطية تشير إلى التكلس الشديد في النهج التنظيمي والتقعر المحبط في الممارسة الإدارية ومن مظاهرها التعقيد والروتين والتجهم والبطء والرسمية وغير ذلك. وعملياً نجدها في الباب المغلق وتقلص الصلاحيات الممنوحة للمستويات الإدارية الأدنى وعدم المرونة في اتخاذ القرارات وأكوام المعاملات التي تنتظر توقيع الموافقة أو إشارة «لا مانع» أو كلمة «يعتمد»!!
ومن ذلك نلاحظ أن البطانة المتسلقة التي تشجع أو تنمي الأسلوب البيروقراطي لدى المدير أو المسؤول هل التي تخسف به تنظيميا إلى مجاهل التخلف الإداري الموجع. وبمناسبة الحديث عن التخلف الإداري فإنه من أكبر المشاكل التي تواجه التنمية الوطنية في كافة القطاعات الحكومية ومؤسسات الأعمال خاصة الشركات المساهمة، وتبدو بوارق الحل في التطوير والتدريب الجاد والتنظيف الإداري للمحيطين بسعادة السيد المدير العام حفظه الله!

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved