Thursday 25th April,200210801العددالخميس 12 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

اختراعات خليجية اختراعات خليجية
محمد زايد الالمعي

ستمر سنوات قبل ان يقتنع مخترعو الجوائز والمؤسسات الثقافية في البلدان النفطية انهم يحرثون في البحر وان لا جدوى فعلية مما يقيمونه من مهرجانات وجوائز ومؤسسات، فهم من جانب لا يمتلكون مشروعاً مستقلاً له اهداف محددة علمياً، وهم بكافة اطيافهم وحسن نواياهم ليسوا سوى هدف لمطامع الانتهازيين من هوامش الحركة الثقافية في مراكزها التقليدية، كما في بلدان الخليج.
الجانب الآخر من هدر الطاقات والامكانات هو تلك المشاريع التي لا جدوى منها، كالموسوعات الشعرية، والمختارات وملتقيات التكريم التي تبدو بروتوكولية ومفتعلة ومفرغة من المضمون ناهيك عن افتقادها للمصداقية لدى الشريحة الفاعلة في حركة الثقافة العربية اليوم.
ان المتأمل لنوعيات الاكاديميين والكتبة العرب المتعاملين مع هذه النشاطات يراهم مثار التندر والسخرية من الاوساط الثقافية في بلدانهم الاصلية فهم مدانون بارتزاقهم المادي من الخليجيين، من جانب، ومن جانب آخر لم يكونوا ليذهبوا الى هذا المدى من البحث عن جوائز ومهرجانات في بلدان الخليج لو كانت ادوارهم اساسية في بلدانهم ذات المؤسسات الاعرق والاكثر نضجاً.
ان ما يصرف سنوياً من قبل رجال اعمال ومؤسسات اهلية، على جوائز ومهرجانات تتوسل الثقافة كمشروع لها في بلدان الخليج العربي هو اضعاف ما يصرف على مؤسسات ثقافية ذات صيت عالمي وفعل ثقافي حقيقي وملموس كجمعية المحيط الثقافي في اصيلة بالمغرب ومهرجانها على سبيل المثال، ومع ذلك لم تحقق المؤسسات المنطلقة من بلدان الخليج ما تحققه اصيلة من مسئولية وفعل ثقافي اصبح موسماً دولياً هاماً، واستشهد هنا باصيلة، لاؤكد ان المسألة ليست مادية بالدرجة الاولى، انها مسألة مصداقية فاضافة الى الصورة النمطية التي تديننا مسبقاً لدى المثقف العربي.
يضيف بعض رجال الاعمال وذوو النفوذ المزيد من التلويث لهذه الصورة باصرارهم على تسويق اسمائهم كشعراء مهمين مثلاً وهم في افضل الاحوال يكتبون منظومات وخواطر رومانسية ساذجة، ثم يمنحون باموالهم الجوائز ويعقدون المنتديات ويدعون كبار الكتاب والشعراء وفجأة تجد اسماء محترمة تمنح هؤلاء السادة بالمقابل القاباً مجانية وتضعهم في مصاف الريادة، وفي اجواء هذا الكرنفال المفتعل يضيع كتاب مبدعون حقيقيون من بلداننا.
وهكذا تستمر الدائرة، تجارنا يمنحون الاعطيات ويقيمون الولائم والمهرجانات، والعالم العربي يمنحهم صفات الادباء ورواد الفكر وكل ما صنعوه للمستقبل انهم كرسوا للصورة النمطية لشعوبنا، التي تشتري بمالها الوجاهة وتسوّق بوجاهتها الكتابة الباهتة والسذاجة الفكرية.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved