Thursday 2nd May,200210808العددالخميس 19 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

المسلمون في الأدب العالمي المسلمون في الأدب العالمي
محمود قاسم

جوته
«الديوان الشرقي للمؤلف الغربي»
عظمة الإسلام بالنسبة لعلاقته بالغرب، انه اقترن بما كنه شوامخ رجال الفكر الغربي من اعجاب بالإسلام والرسول عليه الصلاة والسلام، والكتابة عنه دوما.
وهل هناك من هو أهم من اسم الكاتب والشاعر والمسرحي جوته، الذي كتب «فاوست» و«آلام فرتر» و«تاسو»، فكانت علامات في الإبداع الإنساني؟
وجوته هذا صاحب كتاب مهم يحمل عنوان «الديوان الشرقي للمؤلف الغربي» اهتم فيه بتاريخ الإسلام، وبسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام، ولم ينشغل جوته فقط بدراسة الأديان، بل اهتم بدراسة التاريخ والاساطير، ويقول المؤرخون الذين تابعوا علاقة جوته بالإسلام انه كان شديد الاهتمام بدراسة الشخصيات التاريخية، وعظماء البشر، وشده في الرسول عليه الصلاة والسلام انه رجل مفتاح التعرف عليه هو قدرته على التسامح مع خصومه. وقد اكتسب هؤلاء الخصوم فصاروا من اشد الذين يناصرونه.
لفت الإسلام أنظار جوته في سنوات مبكرة من حياته، عندما كان طالبا بجامعة ستراسبورج، ومع التوغل والتعمق في دراسة الإسلام كانت المراجع تزداد عددا في مكتبة الشاعر الشاب، وقد تتبع هذا انه درس ثقافة الشرق التي ينتمي اليها الرسول عليه الصلاة والسلام.
وفي مرحلة متقدمة من حياته قرأ جوته قصائد الشاعر الفارسي حافظ الدين الشيرازي، وتأثر بموهبة الشاعر الفذة. وأحس بالرغبة في الفرار من الرجل الغربي الذي يسكنه، وقرر ان يكتب كتابه عن الشرق، وهو في الخامسة والستين.
ويقول جوته في كتابه «الديوان الشرقي للمؤلف الغربي»: الشرق والغرب والجنوب، كل هذا يتحطم ويتناثر، فلتهاجر اذن الى الشرق في طهره ونقائه، كي تستروح جو الهداة والمرسلين. هنالك حيث الحب والغناء، سيعيدك ينبوع الخضر شابا من جديد، الى هنالك حيث الطهر والحق والصفاء.
اود ان اقود الاجناس البشرية، فأنفذ بها الى اعماق الماضي السحيق حيث كانت تتلقى من لدن الرب، وحي السماء بلغة الأرض، دون ان تضني رأسي بالتفكير.
وفي كتابه، بدا جوته كأنه قد وقع تحت سحر الشعراء المسلمين، خاصة من بلاد فارس، منهم الفردوسي، وعبدالرحمن الجامي، ويقرر الشاعر في كتابه ان هؤلاء الشعراء المسلمين قد اتسموا بالنبل الإنساني العميق، ويعترف جوته ان حافظ الشيرازي هو استاذه، ومنه استمد منهاجه في الحياة، وتعلم الحكمة ويردد: من قصائد الشيرازي يتدفق سيل من الحياة لا ينقطع، حافل بالاتزان، كان راضيا ببساطة حياته، فرحا، حكيما، يشارك في خيرات العالم، ويلقي بنظرة بعيدة على أسرار الالوهية. ومن عنوان الكتاب الديوان الشرقي للمؤلف الغربي، فإن المؤلف الغربي المقصود بالطبع هو جوته نفسه الذي يكتب قصيدته التي يستجمع فيها كل خبراته الحياتية، وكل حبه للشرق مردداً:
غربت الشمس
لكنها لا تزال تلمع في مراكش
فالى متى
سيستمر يلمع هذا البريق الذهبي؟
وأهمية هذا الكتاب انه النبراس لأكثر من مائتي عام لرجال الغرب المعجبين بجوته، والذين لم يكفوا في الرحيل الى الشرق، او الكتابة عنه وعن عقائده.
برناردشو المليونيرة
Bernard shaw _ The millionnair
الكاتب البريطاني الساخر جورج برناردشو، هو واحد من أبرز كتاب العالم الذين تعاطفوا مع الإسلام، وذلك في العديد من مسرحياته، ورواياته، ومنها على سبيل المثال: «تلميذ الشيطان» و«جينيف» و«أندروكليز والأسد» و«المليونيرة»، بالاضافة الى ما كتبه من مقالات، ومقدمات طويلة لمسرحياته.
وفي هذا الصدد فإن الكاتب المصري المقيم في جينيف، محمود علي مراد، قد اعد رسالة دكتوراه تحت اسم «برناردشو والإسلام»، ذكر فيها ان الكاتب الذي حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1925 قد اتخذ دائماً مواقف مناصرة للمسلمين، خاصة في حركاتهم التحررية ضد الاستعمار البريطاني.
كما ان برناردشو قد وقف بشدة ضد سياسة بلاده في حادثة دنشواي عام 1906. اما مسرحية «المليونيرة» فقد كتبها عام 1935، أثناء المباحثات البريطانية المصرية، التي اسفرت عن المعاهدة المشهورة في العام التالي. وكان الهدف من كتابتها هو تصوير الصراع الأزلي بين ماديات الحضارة الغربية وبين روحانيات الشرق.
بطل المسرحية هو طبيب مصري مقيم في بريطانيا وهو مؤمن بالعديد من القيم اهمها الايمان بالله، عز وجل، والرسول عليه الصلاة والسلام. وهو في ذلك يتبع تعاليم القرآن الكريم، والسنة المشرفة.
وفي نفس الوقت فإنه عالم متفتح على ما أنجزته الحضارة الغربية من تقدم علمي، وتطور في مختلف مجالات التقنيات، لكنه في نفس الوقت لا يقرب الخمر، ولا المحرمات المتمثلة في الاقتراب من النساء دون رابط شرعي. لذا فإن الطبيب المصري يقاوم بشدة كافة الإغراءات التي تقدمها له امرأة جميلة، تملك الحسن والملايين، وتحاول ان تضمه الى عالمها. وفي إطار من الحبكة المتقنة فإن المليونيرة تدبر الكثير من المقالب، لكن الطبيب منتبه تماماً الى ما تفعله، ولأنه طبيب فهي تأتي له في العيادة وتعرض عليه ما تتمتع به من أغراء لتضعفه، لكن الطبيب لا يمتثل، ويحاول هو بدوره ان يعرض عليها ما أتى به من الشرق، من روح طاهرة وتعاليم مقدسة، فيكشف لها ان الجسد الانساني ليس مشاعا للآخرين، وأن حماية جسد المرأة صيانة لها.
وأهم ما في المسرحية ان برناردشو البارع في السخرية، وكتابة الحوار، يبتعد تماماً عن المباشرة، فالطبيب لا يستخدم النصح المباشر، بل هو يبدو في تصرفاته، كما يقول الكاتب: «انسان ناصع البياض»، وتحس المرأة ان السعادة ليست في الملايين التي استخدمتها كسلاح اغراء، بقدر ما هي في التزام الإنسان بمجموعة من القيم.
لذا فهي تضع كل هذا جانبا، وتعلن ان لديها ثروة جديدة، من القيم الروحية، وهنا يتم الزواج بين الحبيبين، علما بأن مسألة زواج المسلم الشرقي من امرأة غربية امر نادر الحدوث في الكثير من كتابات الغرب عن الشرق.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved