Friday 10th May,200210816العددالجمعة 27 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الطريق الأمثل لغرس الفضيلة الطريق الأمثل لغرس الفضيلة
د. جوهرة بنت مسعود المقاطي

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(192) نّزّلّ بٌهٌ پرٍَوحٍ الأّمٌينٍ (193) عّلّى" قّلًبٌكّ لٌتّكٍونّ مٌنّ پًمٍنذٌرٌينّ (194) بٌلٌسّانُ عّرّبٌيَُ مٍَبٌينُ (195)}.
وقال صلى الله عليه وسلم عن القرآن «إنه حبل الله المتين، وصراطه المستقيم، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله».
وقد حث الله عز وجل على تلاوة القرآن الكريم حيث قال: {وّاتًلٍ مّا أٍوحٌيّ إلّيًكّ مٌن كٌتّابٌ رّبٌَكّ}. وقال على لسان نبيه:
{إنَّمّا أٍمٌرًتٍ أّنً أّعًبٍدّ الله... وّأّنً أّتًلٍوّ پًقٍرًآنّ}.
وقال: {وّاذًكٍرًنّ مّا يٍتًلّى" فٌي بٍيٍوتٌكٍنَّ مٌنً آيّاتٌ پلَّهٌ وّالًحٌكًمّةٌ}. وقال: {وّرّتٌَلٌ پًقٍرًآنّ تّرًتٌيلاْ} وقال: {وّقٍرًآنْا فّرّقًنّاهٍ لٌتّقًرّأّهٍ عّلّى پنَّاسٌ عّلّى" مٍكًثُ}.
وقد أعد الله عز وجل الثواب العظيم لمن يتلو القرآن الكريم، والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفاً من كتاب الله جعل الله له بكل حرف عشر حسنات، لا أقول «ألم» حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف».
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوة القرآن بقوله: «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه».
وقال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة».
وقال: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل أتاه الله مالا فهو ينفق منه على هلكته في الحق، ورجل أتاه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل وأطراف النهار».
وقال: «إن العبد يقال له يوم القيامة اقرأ وارق، فمكانك عند آخر آية تقف عليها».
كما حث النبي صلى الله عليه وسلم على حفظ القرآن الكريم وتعلمه، حيث قال :«خيركم من تعلم القرآن وعلمه».
وجعل حافظ القرآن أهلاً لأن يغبطه الناس على عظيم النعمة التي منحها الله له، كما جاء ذلك في الحديث السابق.
وقد قامت الدولة بسياستها الرشيدة وحكمتها السديدة بحث المواطنين على حفظ القرآن العظيم وحرصت الحكومة على حض الناس على الإقبال على كتاب الله حفظا ودراسة، استكمالاً للدور الكبير الذي تضطلع به في الحكم بشرع الله وتطبيق أحكامه.
وانطلاقاً من هذه الرغبة الأكيدة، والخطة الحميدة، انبثقت مسابقة الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله لحفظ القرآن الكريم للفتيان والفتيات.
وقد لاقت هذه الدعوة صدى طيبا وأرضا خصبة في نفوس الناس، فأقبل المتسابقون من كل صوب، وفي كل عام يقبل جمع غفير للانتظام في عقد المسابقة، ومن ثم حصد الجوائز الثمينة والمكافآت العظيمة في الدنيا، والتمتع بعالي الجنان وجزيل الأجر والثواب في الآخرة.
وسمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله معروف بحبه الشديد للخير، ودعوته الدائمة إلى البر وسعيه الحثيث لغرس حب القرآن في نفوس الناشئة بنين وبنات، يقينا منه بأنه الطريق الأمثل لغرس الفضيلة في النفوس، وترسيخ الخير في السلوك، وبناء الشخصية المسلمة التي تلتزم المنهج الرباني الذي يرضاه الله ورسوله.
وقد رصد سموه لذلك الأموال الطائلة والجوائز العالية يقينا منه بأن ما ينفقه في سبيل الله سيخلفه الله عليه في الدنيا وسيثيبه عليه في الآخرة. قال تعالى: {فّإنَّ پلَّهّ لا يٍضٌيعٍ أّجًرّ پًمٍحًسٌنٌينّ}، ووضع لها الضوابط القويمة، والحدود المستقيمة والشروط اللازمة، والمستويات المتعددة، لكي تؤتي ثمارها يانعة طيبة زكية، يجنيها ويقطفها كل من أعد نفسه، وشمر عن ساعد الجد، وتاقت نفسه لحفظ كتاب الله، فيفوز في الدنيا والآخرة ويظفر برضا الله، ويكون من أهله وخاصته.
وسمو الأمير سلمان أحد الشخصيات البارزة والمهمة في هذا الوطن المعطاء، وقد حباه الله حلماً وعلماً، وحكمة وأدباً، إلى جانب ما اكتسبه من خبرة نادرة في الإدارة، وكفاءة عالية في الأداء، إضافة إلى ما يتمتع به من أخلاق سامية وشيم رفيعة، وسمات بارزة مما جعله أهلا لأن يتبوأ مكانة مرموقة في المجتمع، حيث أسند إليه مقاليد إمارة الرياض، للنظر في شؤون الرعية.
ومن خلال عمل سموه في إمارة الرياض عرف بعمله المتواصل ودأبه المستمر وسعيه الحثيث، وحرصه الشديد على خدمة المواطنين وتسهيل أمورهم، وحل قضاياهم، والتعجيل بقضاء مصالحهم وإنجاز مطالبهم، وبذلك نال محبة أهل الرياض، بل اكتسب محبة عامة المواطنين، لما لمسوه منه من حميد الصفات.
وانطلاقاً من هذه التي يتمتع بها كان طموحه لا يحده حد. ومن هنا برزت لديه فكرة هذه الجائزة، والمكرمة العظيمة لخدمة كتاب الله لما له من دور فاعل وأثر بالغ في توعية الشباب وهدايتهم وحمايتهم من غوائل الشرور المحدقة، والمبادئ الهادفة، والأفكار السيئة والسلوكيات المنحرفة.
وصدق الله إذ يقول عن القرآن الكريم: {إنَّ هّذّا پًقٍرًآنّ يّهًدٌي لٌلَّتٌي هٌيّ أّقًوّمٍ} .
ويقول: {ذّلٌكّ پًكٌتّابٍ لا رّيًبّ فٌيهٌ هٍدْى لٌَلًمٍتَّقٌينّ }.
وهذه الجائزة من أعظم الجوائز التي استقطبت اهتمام الناس، وهي جائزة لها وزنها وثقلها في موازين المبادئ والأخلاق والقيم.
وقد خط التاريخ بحروف من نور ومداد من ذهب أربع سنوات مباركة لهذه المسابقة العظيمة.
وحق لها أن يجدها التاريخ، فقد سار يذكرها الركبان، وأشاد بخيرها القاصي والداني، وهي إنما أقيمت تمثلا لقوله تعالى: {فّاسًتّبٌقٍوا پًخّيًرّاتٌ}.
وانطلاقا من قوله سبحانه وتعالى :{وّفٌي ذّلٌكّ فّلًيّتّنّافّسٌ پًمٍتّنّافٌسٍونّ} .
ولا شك أن اهتمام أولي الأمر بأمر الشباب وما يعود عليهم بالنفع والخير في الدنيا والآخرة لأمر عظيم يحمد لهم.
وهو من الإخلاص في الرسالة الجليلة التي يحملونها، وهي رسالة الإسلام، وهدي خير الأنام، محمد صلى الله عليه وسلم.
وتحقيقاً لقوله صلى الله عليه وسلم : «الدين النصيحة»، وقوله عليه الصلاة والسلام: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».
فإن مرحلة الشباب مرحلة دقيقة، ومنحنى خطير في رحلة العمر، وهي فترة معروفة بخصائصها وسماتها، وهي بحاجة ماسة لكتاب الله ليجيب عن أسئلتها، ويهدي بنوره حيرتها، ويضيء بقبسه ظلمتها.
ولا ريب أن إشغال الشباب بمسابقة حفظ القرآن الكريم يعود بالنفع العظيم والخير العميم عليهم وعلى المجتمع بأسره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ».
وهذان الأمران متوافران في مرحلة الشباب، كأحسن ما يكون عليه الحال، ولعل أعظم ما يملأ به وقت الفراغ للناشئة هو حفظ القرآن العظيم والإقبال عليه وتعلمه وتدبر معانيه، لأن ترك الشباب وحدهم دون توجيه أو إرشاد لكيفية ملء وقت الفراغ يعود على الأمة بالويل والثبور، وعظائم الأمور، وسيء الشرور.
يقول الشاعر:


إن الشبابُ والفراغَ والجدة
مفسدةٌ للمرءِ أيّ مفسدة

فالانشغال بحفظ القرآن العظيم من أحسن الوسائل المفيدة، وأجمل العوامل الحميدة، لملء وقت الفراغ، وهو ما يحفظ الفتيان والفتيات من هدر أوقاتهم وإضاعة شبابهم فيما يضر ولا يفيد.
وفي الحديث: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع.. منها «شبابه فيما أبلاه».
ولا شك أن الشباب هم سلاح الأمة، ويدها الضاربة، وقوتها العظيمة، وعقلها المفكر، ورأيها الحصيف، وحماسها الشديد، فإذ ما صلح الشباب واستنارت عقولهم بهدي القرآن ونوره صلحت الأمة كلها، وعم الهدى والنور سائر أرجاء المجتمع.
وبعد فإنها خطوة مباركة وعمل عظيم يضطلع به سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ليصلح به شأن طائفة كبيرة من المجتمع، وشريحة غالية من شرائحه وهم الشباب.
وبهذه المكرمة لتحقيق حفظ كتاب الله عز وجل ينال سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز «الخيرية» التي وعد بها النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه».. وهو نوع من التأكيد على حفظ كتاب الله عز وجل، مصداقاً لقوله جل جلالة: {إنَّا نّحًنٍ نّزَّلًنّا پذٌَكًرّ وّإنَّا لّهٍ لّحّافٌظٍونّ} .
كما أن سموه ينال الشرف الرفيع والذكر الخالد لعنايته بهذا الكتاب العظيم «القرآن الكريم» تحقيقاً لقوله تعالى مخاطبا رسوله عليه الصلاة والسلام: {وّإنَّهٍ لّذٌكًرِ لَّكّ وّلٌقّوًمٌكّ}.
فالقرآن شرف للحافظ وللقائم على ذلك بماله أو بعلمه.. فهنيئا له هذا العمل الجليل لخدمة كتاب الله ورعايته.
والله الموفق،،
* عميدة كلية التربية للبنات بجدة الأقسام الأدبية

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved