Thursday 16th May,200210822العددالخميس 4 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

لا للعنف لا للعنف
أميمة عبد العزيز زاهد

لقد استوقفتني كثيراً مجموعة الأحداث العنيفة التي حدثت مؤخرا في بعض المدارس بين الطالبات والمعلمات أو بين التلاميذ والأساتذة أو العكس حتى تعدت وتجاوزت الحدود لتصل إلى أولياء الأمور والتي تكررت في أكثر من منطقة بصورة مثيرة للقلق رغم قلتها.
لست متشائمة ولا مبالغة ولكن تعدد هذا العنف ولو بنسب بسيطة جدا معناه ظهور سلوك جديد من العدوانية على مجتمعنا بشكل يصعب علينا تجاهله أو عدم الاهتمام به.
علينا ان لا نستهين بالموضوع أو نقلل من شأنه أو نغض الطرف عنه تحت مسميات متعددة بأنها حالات فردية أو مجرد مشاحنات عادية أو هناك ضغوط نتجت لظروف معينة لأشخاص محددين..فالمتابع لهذه الحوادث يكتشف انها لا تخص مرحلة عمرية معينة أو حالة اقتصادية مرتفعة أو منخفضة او مستوى ثقافياً عالياً أو منخفضاً.
انها سلوكيات غريبة عن مجتمعنا ولم نتوقعها يوما ولا يمكن ان نتقبل فكرة وجودها بيننا ترتع وتمرح حتى تكبر وتنمو وتستفحل.. وهي سلوكيات تسللت في غفلة منا، لتهدم مبادئنا.. وتهدد اغلى ثروة لدينا.
هناك خلل نعلم ذلك ولكن علينا مواجهته وعلاجه، انها اجراس الخطر وسط ذلك الكم الهائل من المشاكل التي تواجهنا ووسط ذلك الصراع الملتهب من أجل البقاء ولابد ان نتصدى لها بشكل مناسب..
فالامر خطير حيث ان الحوادث ما زالت مستمرة ولا زالت تحدث سواء داخل المدرسة أو حتى خارجها، علينا الانتباه، ومعنى ذلك بأن هناك شيئاً ما يثير القلق مما يستوجب عمل دراسة وفحص في الأسباب والدوافع والدلالات والنتائج، فلا يمكن ان نسكت او نتفرج ونتكلم فقط، فلا يمكن ان يرضى احد منا على هذا الوضع ولا يمكن مجرد حتى قبوله..
فالسلوك المنحرف لا يصدر فجأة من أي انسان بالتأكيد ان له مسببات وسابق انذار، وديننا يحتم علينا بأن لا نغمض اعيننا ونكتف ايدينا معتقدين بأنها سحابة صيف وستمر مرور الكرام.
علينا النظر ليس فقط في اللوائح التي تم وضعها منذ بداية التعليم ولم تتغير حتى فقدت مفعولها وقيمتها، علينا ان نعيد للمدرسة وللمعلم هيمنته بعد ان فقد بعض المعلمين والادارة سلطتها كمؤسسة تربوية وتعليمية وتوقفت عن اداء واجبها الاجتماعي والانساني على الوجه المطلوب كمنارة للتعليم والتربية والتثقيف، كما يجب ان تكون، وكما هو مخطط لها كأهداف اساسية وخطوط عريضة لاي مؤسسة تعليمية.. علينا ان نحسن اختيار الكفء من المعلمين والمشرفين، فلم تحدث هذه الحوادث الا عندما فقد بعض التربويين ايمانهم بمهنة مقدسة وعظيمة وتحولوا الى مجرد آلات مبرمجة لالقاء الدروس دون ان يمثل وجودهم قدوة حسنة.
ولن انسى اهم مؤسسة وهي الأسرة والتي نما وتربى فيها الطفل في ظل اهمال وغياب الرعاية الكاملة حتى انحصر دورها في توفير المسكن والملبس والمأكل وتناسوا بأن الطفل عادة يسعى لاثبات ذاته ووجوده وتكوين شخصيته المنفردة وهويته من خلال القدوة.
نسي الآباء والأمهات واجبهم الطبيعي في العناية بأبنائهم كما يجب، ومتابعتهم ومراقبتهم ونصحهم وتوجيههم وتقويمهم وابعاد الأفكار المشوشة والقيّم المغلوطة واصدقاء السوء، ولكن في ظل غياب الرقابة وغياب القدوة يصبح الطفل خائفاً من المجهول وفاقداً الثقة في نفسه حتى يتأهل لدخول المدرسة ليبدأ بعدها يبث ما زرعته اسرته في اعماقه.
لحظة سكون:
نحن بحاجة الى تعديل حقيقي في أسلوب التعامل مع الطلاب وفي اشراف الأسرة ورعايتها ومراقبتها لسلوكياتهم.. فتكاتف المنزل والمدرسة ووسائل الاعلام في التوجيه والارشاد الى السلوكيات الايجابية وبث الثقة في نفوسهم وخلق القدوة الصالحة لهم وتليها مراكز البحث والدراسة والتحليل التي أسست من أجل دراسة وبحث الظواهر التي تطفح على سطح الحياة وتهدد المستقبل، انها مسؤولية الجميع.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved