Sunday 26th May,200210832العددالأحد 14 ,ربيع الأول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

حديث الشبكة حديث الشبكة
موقفنا من التقنية
خالد أبا الحسن

ذكرت في مقالة سابقة عن إدمان الإنترنت سؤالا يقول: (ما السبيل لتفادي مشكلة سوء استخدام التقنية؟): إن البحث عن معطيات الموقف السليم والمناسب من التقنية هو السبيل الأنجع للوصول إليه، وقبل أن نتساءل عن سوء الاستخدام، ينبغي أن نبحث في مسبباته.
بالنظر إلى واقعنا وموقفنا من التقنية، فإنه ثبت لدينا بأن مجمتعنا يعاني من سوء استكشاف التقنية، وأن قاسما مشتركا يجمع بين طرقنا في تلقي التقنية وبين استخدامنا لها، وهو وجود فئة غير يسيرة تنزع إلى سوء استخدامها، وقدتلقينا في تعليمنا ان الإسلام يدعونا إلى أخذ الجوانب الإيجابية في الحضارات الأخرى، وعدم رفضها بالكلية، لكن واقعنا يشير إلى أن من بيننا من لا يحسن تلقي تلك الوسائل والتقنيات المفيدة، ومن وجهة نظري، تكمن المشكلة في كيفية تلقي تلك التقنيات، ودعوني أضرب مثلا على هذه الفرضية.
بدلا من الحديث عن الإنترنت، سأضرب مثلا على السيارة، فلو نظر كل منا إلى الوراء، ليرى كيف دخلت السيارة إلى حياته، فإننا نجد خللا غير يسير، فالصورة النمطية لدخول السيارة في حياتنا هو أننا نركبها مع آبائنا وإخواننا الذين قد لا يكون استخدامهم للسيارة صحيحا أو مقبولا، وقد تعتريه الأخطاء وربما المخالفات الصريحة والمخاطرات الكبيرة، ثم ننتقل للركوب مع اصدقائنا بعدأن نكبر، ثم نبدأ في تعلم القيادة مع أقراننا عبر المحاولة والخطأ في الساحات أو البراري، وربما في الشوارع مباشرة حتى نتمكن من فك لغز السيارة، ونبدأ في ارتكاب الأخطاء الأكثر خطورة، وربما أودت هذه المحاولات بحياة الكثيرين من أبنائنا، بينما كتب الله للكثيرين السلامة وتعلموا وأتقنوا القيادة، لكن الأمر لا يزال على ما هو عليه حيث لا يزال كثيرون منا يتركون أبناءهم يتعلمون بنفس الأسلوب الذي تعلموا به.
البديل الصحيح لمثل هذا الأسلوب في تلقي واستخدام تقنية السيارات هو أن يكون كل منا قدوة صالحة لأبنائه، فيقدم لهم نموذجا صحيحا للقيادة السليمة للسيارة، بحيث ينشأون وهم يرون نموذجا مميزا للقيادة الصحيحة مع منعهم من ركوب السيارة مع من لا يقودها بشكل سليم كالسرعة وغيرها، حين ينشأ الشاب على مثل هذا النموذج، فإنه ينشأ وفي ذهنه طريقة سليمة مع توعيته بالطرق غير السليمة التي لن يعاني أحد في الوقوع على أمثلة لها في شوارعنا، بعدها، يدخل الشاب من أبنائنا مدرسة لتعليم قيادة السيارات، ويكون اطلاعه الأول على السيارات من خلال مدرسة متخصصة تبين له قواعد السلامة ويدخل فيها برنامجا توعويا يطلعه على مخاطر القيادة وحجم تأثير حوادث السيارات على التعداد السكاني في بلادنا، ثم ينتقل بعدها للقيادة في الطرقات الحقيقية خارج المدرسة وتحت إشراف مدربين مختصين، بعد ذلك، يسمح لهذا الشخص ببدء القيادة بشكل معتاد بعد أن يكون قد تلقى التدريب الكافي والتوعية الصحيحة بحقيقة هذه التقنية التي يستخدمها.
بالنسبة للإنترنت والحاسب الآلي، فإن الآباء قبل الأبناء بحاجة لمثل هذا البرنامج التدريبي الذي ذكرته في معرض الحديث عن السيارات، فلتدريب الآباء والأمهات دور مهم في منع أبنائهم من الوقوع في الاستخدامات الخاطئة للإنترنت أو الحاسب الآلي، ويدخل ضمن ذلك الدورات القصيرة التي تعقدها الجمعيات المحلية والجهات التعليمية المختلفة بخلاف التجارية والمهنية التي تقدم التدريب الضروري للأفراد مما ينعكس إيجابا على تربيتهم لأبنائهم، إن دخول مثل هذه الدورات وتوجيه الأسئلة للمدربين للتعرف على ما يلزمنا معرفته كآباء بشأن تقنية الحاسب الآلي والإنترنت من شأنه أن يعيننا على أداء دورنا آباء وأمهات لتدعيم الاستخدام الصحيح والمفيد لهذه التقنيات لتصبح إضافة مهمة ومفيدة لتعليم أبنائنا.
وفي تعليمنا الأساسي، أصبح الحاسب الآلي جزءا رئيسا في مناهج التعليم، لذا، فمن الضروري أن يكون للإنترنت أيضا نصيب وافر من تلك المناهج لكي يتعرف الطالب على الإنترنت من خلال القناة التعليمية لينطلق على أساس متين من المعرفة والترشيد والإيجابية، كما ينبغي أن يمنع دخول المقاهي التقنية لمن هم دون الثامنة عشرة وأن يتم تفعيل هذا المنع ومراقبة تطبيقه في المقاهي ولا يكتفي بلوحة تكون على المدخل وحسب، كل ذلك كي نضمن بداية صحيحة لأبنائنا لاستخدام الحاسب الآلي، فالبداية تحدد الطريق إلى حد كبير، حين يتحقق هذا التوجيه لاستخدام أبنائنا للإنترنت، فإنه سيكون من اليسير علينا تعريفهم بالضار والنافع، وتربيتهم على اتخاذ قرار الامتناع عن الضار بأنفسهم دون أن يكون لدينا بروكسي يتولى منعهم من ذلك، بل يكون هذا البروكسي في قلوبهم وأعينهم ويكون الرادع داخليا، إنهم حين ينشأون على الاستخدام الصحيح للإنترنت، فإنهم لن يلجأوا إلى الاستخدام الخاطئ بل سيدركون خطر ذلك من تلقاء أنفسهم، والله لن يضيع ما نقوم به من جهد توعية وإرشاد وتوجيه لهم من خلال التعليم والتنشئة في المدرسة والمنزل.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved