Sunday 2nd June,200210839العددالأحد 21 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

حديث الشبكة حديث الشبكة
مقهى إنترنت ولا مقهى معسل!
خالد أبا الحسن

أسمع بين فينة وأختها عبارات يرددها البعض حين يلفت نظرهم إلى مبالغتهم في استخدام الإنترنت، فيردون بقولهم (يا ابن الحلال الإنترنت أهون من غيرها)، وقولهم (مقهى إنترنت ولا مقاهي المعسل)، وكذلك (وإيش البديل؟)، وعبارات كثيرة لعلكم تعرفون طبيعتها مما ذكرته آنفا.
لماذا نتخلص من المشكلات بمشكلات أخرى قد تكون أكثر سوءاً؟ إن المعاناة من عدم وفرة الأماكن الترفيهية، تعكس أن في وقت أولئك فضلا كبيرا يحتاج منهم إلى إعادة نظر في حياتهم وأعمالهم، فالحياة تعج بالمشاغل ويعجب المرء من مقدرة هؤلاء على قتل كل ذلك الوقت، إن قتل الوقت في مقهى إنترنت أو معسل لا يختلف كثيرا، فالضحية هو الوقت الثمين الذي سيسألنا الله عنه في الآخرة.
ويتردد هذه العبارات أيضا على ألسنة بعض أولياء الأمور، فبعضهم يختار لابنه الإنترنت كبديل مفتوح للخروج من المنزل واصطحاب أصدقائه إلى مختلف الأماكن الترفيهية أو غيرها بحجة أن الإنترنت تتيح له أن يكون على اطلاع بما يفعله ابنه، أو هكذا يظن، مثل هذا الأب أو هذه الأم، قد لايدركون أن خطر بقاء الابن في البيت قد يكون أكبر إذا صاحبته الإنترنت، وذلك مرهون بما يعمله هذا الشاب أو تلك الفتاة على الإنترنت، فقد لا يكونون بالضرورة مشغولين بحفظ القرآن أو أداء الواجبات المدرسية من خلال المواقع الحوارية!!.
يجب أن يكون الأب على علم بسلوك ابنه الإنترنتي من غير مضايقة أو جرح لشعوره، ويمكن القيام بذلك بوسائل شتى وأدعو المهتمين لاستشارة المختصين للتعرف عليها، يجب أن نقترب من أبنائنا بشكل أكبر، وأن نطرح جانبا ما يقدمه الغربيون من أفكار كضرورة احترام خصوصية الأبناء، فقد رأينا نتائج احترامهم لخصوصيات أبنائهم، وفي ظل معطيات العصر الحالي، فإنه يجب أن ينفتح الآباء على أبنائهم ويبنوا جسور الثقة والتواصل معهم كي نتجنب مغبة الانفصام بين الآباء والأبناء.
وفيما يتعلق بالإنترنت، فقد نصح بعض الآباء في مجتمعنا السعودي المبارك بوضع جهاز الحاسب الآلي في صالة المنزل أو في أي مكان مفتوح كي يكون استخدام الأبناء للإنترنت منحصرا فيما لا يخجلون منه، ونحن نخرج من هذا بنتيجة هي أن الاطلاع على سلوك الأبناء ضروري لحمايتهم من مغبة أخطائهم، والمصارحة مع الأبناء ضرورية كي يتسنى للآباء الوصول إلى قلوبهم، لأن الشاب لا يحب المنع غير المبرر، والذي لا يقبله إلا الأبناء الذين أنعم الله عليهم وعلى آبائهم بالهداية وقبول كل ما يوجههم إليه آباؤهم دون تساؤل أو تردد.
يجب، وأؤكد مرة أخرى، أنه يجب أن يدرك الآباء أن الإنترنت وجهاز الكمبيوتر ليست كالتلفاز الذي يأتي به أحدنا ويلقي به في البيت ويمضي لأعماله، حتى التلفاز لم يعد كما كان، ففي زمان القناة الأولى والوحيدة، كان المرء في أمن فكري وأخلاقي على أهله وبنيه، ولكن في هذا الوقت، فإن المرء لايأمن على نفسه أو بيته من السموم الفضائية، لذا، فإن كثيرا من الناس أدركوا متأخرين أن جلب أطباق الاستقبال للبيت كان غير محسوب المخاطر، وحين نقيس هذا على الإنترنت، فإن مما يؤسف له أن كثيرا من الناس ينظر إلى الحاسب الآلي والإنترنت على أنها وسيلة تعليمية وحسب، وأنه حين يجلب ذلك إلى بيته فإنما يعين أبناءه في دراستهم، لكن حقيقة الأمر أن إدخال الإنترنت إلى البيت وتسليمها للأبناء والبنات أشد خطرا من الأطباق الفضائية ومقارنتهما غير واردة، فعلى سبيل المثال، الإنترنت مجال تفاعلي فيه أخذ ورد، بينما أطباق الاستقبال لا تتيح ذلك التفاعل وإنما تحصر دور المشاهد في زاوية المتلقي وحسب، فمع من يتفاعل ويتواصل أبناؤنا على الإنترنت؟ ثم إن التلفاز محدود الموارد ومحدود المعلومات مهما تزايد عدد القنوات الفضائية، بينما الإنترنت عالم رحب مفتوح لا يقارن بالقنوات الفضائية، وهذا يعني أن احتمالات الانحراف من خلال الإنترنت وارد بشكل أكبر لا يمكن مقارنته بالتلفاز.
والشخص المسؤول يحسن توزيع وقته وإشغال نفسه بما هو إيجابي، وليس كافيا، أن نردد ما يقوله بعض العامة إن الإنترنت للأبناء (أحسن لهم من الشارع)، هذا منطق عجيب، فالإنترنت ليست أحسن من الشارع دائما، وتقديم الإنترنت تحت عين الرقيب هو ما نحتاجه في وقتنا هذا، كما أن مقولة (مقهى إنترنت ولا مقهى معسل) لا تقل سذاجة عن سابقتها، فمن يعرف التقنية جيدا، يدرك أن بإمكان المستخدمين تخطي الحواجز والوصول إلى عوالم مظلمة من خلال البروكسيات التي يتبادلها الشباب لتخطي جدران المدينة التي لا تزال مجتهدة في رفعها أكثر وأكثر، لا يكفي أن يردد المرء أن الإنترنت (بحر) ويتوقف هنالك معلنا عجزه، بل ينبغي أن يتعلم السباحة فيه حين تصبح الإنترنت جزءا من بيته وحياته وتعليم أبنائه.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved