Tuesday 4th June,200210841العددالثلاثاء 23 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

في كل عدد حرف في كل عدد حرف
ذ - الذرائع
د. محمد شوقي مكي

مع تزايد آمال قرب أن تضع الحرب الظالمة في أفغانستان أوزارها بدأت الآلة الإعلامية الغربية تضع شتى الذرائع التي تبرر القيام بهذه الحرب، وتظهر الأدلة في أحقية الولايات المتحدة الأمريكية في خوض هذه الحرب، وأن شبهتها كانت صائبة حيال المتهمين بأحداث 11 سبتمبر. هذه الأدلة المضحكة التي أصبحت تحاسب الناس حتى على مشاعرهم وسعادتهم. ولا ننسى أنه بعد أحداث 11 سبتمبر، ورغم استنكار العالم لهذه الأحداث التي أصابت أناساً أبرياء، إلا أن الكثيرين كانوا مسرورين للصفعة التي أصابت الإدارة الأمريكية ليس تشفياً وانما نتيجة طبيعية لمواقف هذه الإدارة الظالمة من كثير من قضايا العالم واستغلال الدول النامية التي لا حول لها ولا قوة. فهل يعني ذلك أن كل هؤلاء هم ارهابيون ومشاركون في أحداث 11 سبتمبر؟ ونتيجة لهذه الأدلة المزعومة ظهرت ذرائع أخرى من قبل بعض مستشاري الرئيس الأمريكي وأعضاء من مجلس الشيوخ بامكانية تطبيق السيناريو الذي طبق في أفغانستان على مناطق أخرى في العالم متهمة بايواء الارهاب أو عدم تطبيق قرارات الأمم المتحدة، وكأن هذه الولايات أصبحت الوكيل الشرعي الذي يتكلم باسم منظمة الأمم المتحدة حتى قبل أن تتخذ هذه المنظمة قراراتها، مما يشكل ايحاءات خطيرة لتسيير العالم ومنظماته حسب رغبات الولايات المتحدة الأمريكية.
إن هذه الاعتداءات على سيادة الدول وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، ومناقضة كل ما بنته الدول الغربية في عقود عديدة ماضية من حقوق مزعومة للإنسان، وفرض حكومات يظهر من تصريحاتها أنها موالية أشد الولاء للولايات المتحدة الأمريكية، والتي كان يجب أن تكون أكثر حذراً واعتدالاً في دولة كافحت الاستعمار والاحتلال لعقود عديدة، كل ذلك أوجد الذرائع لدول أخرى معتدية للاحتلال والتنكيل بالشعوب واغتصاب الأرض والممتلكات كما تفعل اليوم الآلة الصهيونية في فلسطين المحتلة.
إن المآسي التي تعرض لها الشعب الأفغاني من قتل آلاف المدنيين الأبرياء، واستخدام أكثر الأسلحة فتكاً ودماراً ضد أناس لا حول لهم ولا قوة، وحجب نقل ونشر المعلومات عن هذا الدمار من قبل وسائل الإعلام الغربية والطلب من الآخرين باستعمال التعتيم نفسه على ويلات هذه الحرب، لهي أبشع جريمة ترتكب في تاريخنا المعاصر، ولا أشك في أن المتسببين في هذه الحرب والقائمين بها والمتحالفين معها لابد أن يقدموا للعدالة يوماً ما أمثال رموز منظمة القاعدة، وقادة الحرب الأمريكية أمثال رامسفيلد وأشكروفت.
كل ما يخشاه المرء ألا تنجح هذه الحرب المزعومة ضد الارهاب، وألا تكون لها نهاية بعد انتشار الفوضى، واعمال القتل دون محاكمة، والسلب والنهب، والاقتتال على السلطة، وفرض حكومة انتقالية تحت ضغوط دولية، هذه الحكومة التي تحوم حولها الشبهات ومدعومة من التحالف الغربي ومن تحالف الشمال، الذي أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه غير نزيه حيث لم يستطع اقناع الأفغان بالالتفاف حوله فلجأ للاستعانة بأعداء الإسلام ضد اخوته في الجهاد ضد الانجليز والسوفيت، وتسبب في حل عقد وحدة وأمن البلاد.
والسؤال هنا هل ستكون بيئة الحرب والانقسامات والولاءات العشائرية ذريعة أخرى لقوى التحالف الغربي للبقاء في أفغانستان للسيطرة على البلاد بالحديد والنار، اذ قد تتحول فترة شهر العسل بين التحالف الغربي والزعامات المحلية الى صدامات دموية. ودلائل ذلك واضحة للعيان من بناء قواعد للقوات الأمريكية يبدو وكأنها مستدامة، ومن تصريحات بعدم السماح لقوات حفظ السلام الدولية بالتمركز في الأماكن التي توجد فيها القوات الأمريكية، وكأن هذه القوات في كفة وقوات كل العالم في كفة أخرى أدنى مستوى، وكذلك من تصريحات بعض أمراء الحرب في أفغانستان من عدم قبول قوات دولية من بعض الدول، أو قبول عدد محدود جداً منها.إن هذه العربدة السياسية والعسكرية تزيد من كره العالم لدولة الحريات المزعومة سابقاً، والتعديات المكشوفة على حقوق الفرد حالياً، وخاصة اذا كان عربياً مسلماً،
ولا تكفي كل الذرائع التي تبتكرها الآلة الإعلامية الغربية في تلميع صورة هذا المارد المتعطش للسيطرة والهيمنة على العالم وموارده واعادة عصر الاستعمار بأشكاله المعهودة وغير المعهودة عسكرياً واقتصادياً ومعلوماتياً.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved