Sunday 16th June,200210853العددالأحد 5 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

في كل عدد حرف في كل عدد حرف
«غ» الغش:
د. محمد شوقي مكي

إن أبرز مظاهر الغش والخداع في عصرنا الحاضر ما تقوم به السلطات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. إن التعاليم التلمودية تقوم على تحريم الغش لليهودي، غير أن هذا الغش مقبول، بل مطلوب للأجانب، ويقصد بهم هنا المسيحيون أو المسلمون أو ما يسمى بالكنعانيين القدامى والأمم الأخرى مثل العمالقة الذين كانوا يعيشون في فلسطين قبل أن يدخلها يشوع بن نون. فقد ورد في الإصحاح:« ألا يغبن أحد أخاه»، لكن الأجنبي الذي يخدع يهودياً يجب أن يجبر على إصلاح غشه، بل إن هذه التعاليم تنص على إبادة هذه الأمم كافة عن بكرة أبيها، حيث جاء في بعض آيات الإصحاح :«لن تترك منهم شيئاً باقياً على قيد الحياة».
وهكذا نجد أن عبارات السلام ومفاوضات السلام ما هي إلا غش وخداع للمجتمع الدولي لتحقيق مصلحة مؤقتة للكيان الصهيوني في الأرض المحتلة. ولهذا نجد أن الحاخامات ذوي النفوذ والعسكريين والمتطرفين من اليسار واليمين وحتى الذين يدعون مناصرة السلام هم لا يقومون بذلك من أجل الحق وتطبيق القرارات الدولية وإنما لتحقيق مصلحة للشعب اليهودي وإبعاد خطر الإصابات عنهم.
إن التعاليم السابقة تكتسب شيئاً من الأهمية والتطبيق في وقتنا الحاضر من قبل الطغمة المسيطرة على الحكم في الكيان الصهيوني، ورغم ذلك فهم ينشرون ويذيعون البيانات الكاذبة والمخادعة التي يبلغ فيها فن المرواغة ذروته.
فمثلاً يتهمون العرب بالهمجية ويصفونهم بإخوة الحيوانات والكلاب ومعاداة السامية، ويطالبون بتغيير تعاليم الشريعة الإسلامية وما ورد في القرآن الكريم من وصف لليهود، وما ورد في المناهج التعليمية من الحث على الجهاد للعدوان الصهيوني. إن هذه المطالبات لم تصدر عن جهل بأن القرآن هو كتاب من عند الله لا يمكن تبديل كلماته، وإنما للتمادي في غش وخداع البسطاء، ولا يتورعون من تغيير بعض عبارات التوارة والتلموديات حسب ظروف الزمن الذي يعيشون فيه، أو إعادة كثير من العبارات المحتقرة لشعوب العالم التي حذفت من تعاليم حاخاماتهم لتحقيق مصلحة عدم التأليب على اليهود في القرن الثامن عشر والتاسع عشر.
ولا يزال اليهود التقليديون يحافظون على تعاليم عدم صداقة اليهودي للأجنبي وعدم مدحه وإذا ما اضطر إلى ذلك فإن هذا المديح يجب ألا يتفوق على مديح مماثل لليهود. إن تطبيق هذه التعاليم واضح وضوح الشمس في وقتنا الحاضر، حيث نجد أنه رغم الادعاءات بالرغبة في مواصلة عمليات السلام، إلا أننا نجد العوائق توجد بسبب ودون سبب ضد هذه العمليات، ومهما عمل الفلسطينيون من تنازلات فإن هذا لم يرض الصهاينة. وعلى الرغم من اتخاذ السلطة الفلسطينية لإجراءات أمنية قمعية للحركات الفدائية إلا أن القيادة الفلسطينية لا تلقى إلا الشجب وتحميلها مسؤوليات ما يسمى بالعمليات الإرهابية. ويدعم هذا الخداع بعض التيارات في الدول الغربية التي تؤيد التوجهات الإسرائيلية بناءً على مفاهيم عقدية تؤمن بأن العالم يسير إلى نهاية محتومة سيظهر فيها المسيح المخلص ليسود فيه السلام والعدل، ولكن كل فريق يؤمن بأن اتباعه من اليهود أو المسيحيين هم الذين سينشرون هذا العدل.
والذي يأمله المواطن العربي هو تعاون السلطة الفلسطينية وأجهزة المقاومة الشعبية والوقوف صفاً واحداً في مواجهة هذه التحديات التي لا تستند إلا على الغش والخداع، كما أنه من المؤمل قيام أجهزة الإعلام الفلسطينية والعربية والإسلامية بحملات مكثفة بمختلف اللغات الحية المهمة في العالم لفضح هذه التناقضات والغش والخداع بين الأقوال والأفعال للعدو الصهيوني، والتي أصبح إعلام العديد من الدول الغربية يكررها ويروِّج لها وكأنها حقيقة واقعة وتناسى العمليات الإجرامية التي تقوم بها الآلة العسكرية وما تسببه من قتل وتدمير للأرض والممتلكات.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved