Tuesday 18th June,200210855العددالثلاثاء 7 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

منعطفات منعطفات
قمر الدين!
فهد سعود اليحيا

قررت أن لا أشغل رأسي بإسرائيل فقد ثبت لي أن الإسرائيليين «فاضين، وما عندهم سالفة» تصوروا بلداً يعيش على التبرعات (وهي تبرعات هائلة بلا شك) وعلى الإعانات الأمريكية الضخمة، التي لولاها لتسول الإسرائيليون في الشوارع، تدفع 60 مليون دولار على صاروخ لإيصال قمر صناعي إلى مدار يبعد عن الأرض 500 كيلو ليتجسس على الدول العربية.
هذه فقط كلفة الصاروخ ناهيكم عن كلفة القمر نفسه، بالإضافة إلى تكاليف الأبحاث المتصلة والخبراء والعاملين، مضافاً إليها كلفة أربعة صواريخ سابقة وبضعة أقمار صناعية.
وأعجب للمواطن الإسرائيلي الذي يعيش في إسرائيل الديموقراطية العظمى أنه لا يحتج على هذا التبذير. فأمريكا بآلتها الجاسوسية العريقة وبأقمارها الصناعية، تغذي إسرائيل بأخبار المنطقة العربية يوماً بيوم، وتطوّع كل طاقتها عند اللزوم لصالح إسرائيل حتى في التشويش والتقاط الرسائل.
بل عندما تفرعنت إسرائيل، وعضت اليد التي تطعمها، وأغرقت سفينة التجسس «ليبرتي» في البحر المتوسط، وقتلت أفراد طاقمها الأمريكيين، أثناء حرب الأيام الستة، تم لفلفة القضية، ويا تحقيق كن برداً وسلاماً على قلب إسرائيل، وضرب الحبيب ألذ من أكل الزبيب.
إسرائيل بأفعالها هذه تهدر مالها وجهدها، وتعرّض شعبها وشعوب المنطقة للخطر، وتبيّن عدوانيتها السافرة على الملأ بتأكيدها ان الصاروخ للتجسس. والحمد لله الذي لم يهدها إلى الوسيلة الأفضل التي اتخذناها فقد «تخاشرت» الدول العربية واستأجرت مجموعة من العلماء والتكنولوجيين وصنعت لهم قمراً لأغراض تجارية منزهاً عن أية شبهة جاسوسية، واشترت صاروخاً فرنسياً، وتعاقدت مع الفرنسيين على إطلاقه بعيداً عن الدول العربية «عشان لو انفجر أو لا قدر الله صار ها وألا ها.. يصير عندهم» ولا يتعرض أحد من الشعب العربي الأبي للخطر، أو للشظايا، أو للغازات الضارة.
وفشل الصاروخ الأول! وماذا في الأمر حتى الصاروخ الإسرائيلي الرابع فشل، ولم يصل القمر إلى مداره، ونجح الثاني فالثالث واستمرت القافلة تسير وأجَّرنا القمر الصناعي مفروشاً للقنوات الفضائية، وغطينا الخسائر والتكاليف وشرعنا في جمع الأرباح. حتى ان من يقل أدبه من المستأجرين، يرد من غير رحمة. بل وجعلنا من القناة الفرنسية عبرة لمن يعتبر، فباسوا القدم وأبدوا الندم حتى تعلمت الأدب.
فالحمد لله الذي سخَّر لنا علوم الروم، و«طحوش» الفرنجة وبني الأصفر، وباقي الأجناس، نستأجر عقولهم فنحفظ عقولنا نظيفة على الزيرو، ونتعاقد معهم لخدمتنا، ويلبون لنا ما نريد من أجل راحتنا، ويصنعون لنا ما نريد من الإبرة حتى ماكينات المصانع الضخمة.
أطلقت إسرائيل قمراً صناعياً! وليكن، أطلقنا، منذ زمن بعيد قمر الدين، يدور عبر القرون من الشام فتطوان، ومن اسكندرية فكردفان، ومن الموصل فعُمان، يؤكل شرائح، ويعمل منه عصير تطيب به الأكباد، ويصنع منه الخشاف مكسواً باللوز فيحلي الحلقوم، ويجلو المعدة، ويمد الأبدان بالطاقة والفائدة.
يصنعون القنبلة الذرية! ليكن، لدينا الذرية الصالحة، وتكلفتها أقل، وصناعتها لذيذة وممتعة، وانتاجها مطرد. ألا تراهم يقذفون الدبابات الإسرائيلية بالحجارة، فإذا قتل أحدهم تم تعويضه بعشرة. وألا تراهم يقاطعون المنتجات الإمبريالية. وألا تراهم.. وإلا بلاش!
فيا إخوتي العرب الكرام، لاتشغلوا أفئدتكم بما صنعت إسرائيل وما تصنع. تمتعوا بخيرات مارزقكم الله شاكرين، واتبعوا نصيحة «الزهاوي» - رحمه الله - قانعين:
ناموا ولا تستيقظوا ما فاز إلا النّومُ
فناموا، ومزقوا جدار الليل المهيب والصمت المريب بالشخير، واملأوا الدنيا شخيراً تتجاوب صداه الثريا فيردده - عمركم الله - سهيل.
ناموا، فالفجر قادم لا محالة، ولكن حتى يحين ذلك ناموا وتغطوا «كويس»، لأن القمر الإسرائيلي شغال ليل نهار، وتصبحون على ألف خير وسعادة وهناء.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved