في كل عدد حرف
«م» الموسوعات العلمية
د. محمد شوقي مكي

لقد تعددت في عصرنا الحاضر الجهات التي تصدر موسوعات علمية وثقافية. وتجد هذه الموسوعات سوقاً طيبة لها، وهذا دليل على وعي المجتمع وحبه للاطلاع والثقافة. وفي الواقع إن صدور موسوعات علمية أو ثقافية في موضوعات أو تخصصات جديدة أمر لا غبار عليه، بل هو مطلوب ويحتاج إلى التشجيع والدعم، ولكن صدور موسوعات في موضوع واحد دليل على عدم القدرة على الابتكار، بل التعدي على الحقوق الفكرية للآخرين. والتساؤل يبرز هنا هو لماذا لا تتعاون الجهات التي تصدر موسوعات مكررة في تطوير الموسوعة الأم، ومجالات تطويرها لا شك متعددة. وأذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر المشروع الذي قامت به الجمعية الجغرافية السعودية والمتمثل في إصدار الموسوعة الجغرافية للأماكن في المملكة العربية السعودية، والذي جمعت فيه معظم ما صدر من معاجم مهمة للأماكن في المملكة في موسوعة واحدة شاملة، وهو مشروع ريادي، وإن كان فيه بعض نواحي القصور التي يمكن أن تتطور بسرعة لو وجد ذلك التعاون والدعم. لقد صدرت هذه الموسوعة في سنة 1419هـ، وبعدها صدرت عدة موسوعات تهتم بالمكان، ولا تزال جهات تعمل على إصدار موسوعات أخرى تختص بالمكان. وعلى حد علمي أن الجمعية الجغرافية السعودية تعمل جدياً في الوقت الحاضر في البحث عن دعم مالي لمرحلة جديدة من تطوير الإصدار الأول للموسوعة. والرأي عندي أن تتضافر جهود الجهات التي لديها الإمكانات المادية مع الجهات التي لديها الإمكانات العلمية المتخصصة للخروج بأعمال ريادية تخدم المتخصص والمثقف بدل تكرر المشاريع الصغيرة التي لا يمكنها أن تصل إلى طموحات المستخدم واحتياجاته. ولا شك أن المعرفة الدقيقة بتحديد الأماكن ومسمياتها هي من الأبجديات التي يهتم بها الجغرافيون والمتعاملون مع المكان من مخططين وأصحاب قرار، وحتى السائحين ومحبي المغامرات والرحلات. فحتى تكون أعمال هذه الفئات دقيقة وآمنة لابد من توفير المعلومات السريعة، مما يبرر التعاون بين المتخصصين ومؤسسات المجتمع الذي يعيشون فيه، وهذا ما نأمله من الجمعيات والمؤسسات المتخصصة في التوجه للتعاون وعدم نسيان احتياجات المجتمع بشكل عام.