Saturday 22nd June,200210859العددالسبت 11 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

في كل عدد حرف في كل عدد حرف
«ن» النفاق
د. محمد شوقي مكي

*. وقال تعالى:{إنَّ المٍنّافٌقٌينّ فٌي الدَّرًكٌ الأّسًفّلٌ مٌنّ النَّارٌ} *النساء:145* . وجاء في صحيح البخاري عن حذيفة قال: «إنما كان النفاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأما اليوم فإنما هو الكفر بعد الإيمان».
ولكننا نجد في عصرنا الحاضر ظهور وانتشار النفاق، وخاصة النفاق والكفر الدولي بشكل ظاهر للعيان دون خجل أو وجل، وما كان لهذه المظاهر أن تطفو على السطح لو آمن أصحابها بمثل هذه الآيات الكريمات والأحاديث الشريفة. ومن مظاهر هذا النفاق:
* أخذت الإدارة الأمريكية من رئيسها وسفرائها في العالم الإسلامي بدعوة المثقفين والمفكرين المسلمين سواء داخل الولايات المتحدة الأمريكية أو في الدول الإسلامية لحفلات استقبال يتم فيها تناول طعام الإفطار في شهر رمضان المبارك الماضي. وينبري في مثل هذه الاجتماعات الرئيس أو السفير بإلقاء كلمة بين المدعوين توضح أهمية الإسلام وتسامحه وفضله على الحضارة الإنسانية وضرورة العمل مع الديانات الأخرى للتعاون بين أفراد المجتمع الواحد والمجتمع الدولي.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: لماذا لم تتم هذه الدعوات والاجتماعات في السنوات الماضية؟، وهل لم يوجد الإسلام والمسلمون إلا في السنوات الأخيرة؟، ولماذا لم يظهر هذا الكرم إلا في رمضان 1422هـ/2001م؟، ولماذا لم يظهر ذلك إلا في شهر رمضان المبارك؟. هل المسلمون في حاجة إلى أن يوضح لهم تسامح الإسلام وفضله؟، فهذا أمر مفروغ منه بالنسبة للمسلمين منذ 14 قرنا ونيف، المهم أن يعي هذه الأمور الطرف الآخر «الداعي» ويعمل به. وهل الوقت مناسب لمثل هذه الدعوات، وأن يدعى المسلمون في مناسبة دينية تخص المسلمين من قبل غير المسلمين لتناول طعام الإفطار؟.
فالنفاق والتزلف واضحان وضوح الشمس في رابعة النهار لمثل هذه الدعوات. واللوم يتجه لمن يلبي مثل هذه الدعوات المشبوهة، ويتباهى بظهور اسمه على صفحات الجرائد ضمن ضيوف هذا الرئيس أو ذاك السفير.
* ومن مظاهر النفاق البغيض ظهور بعض الدول المستكبرة بقوتها بمظهر المناصر للحق والمناهض للإرهاب وتسخير كل الطاقات، وفي وقت قياسي، لملاحقة المظاهر والحوادث التي تسمى بالإرهاب، وتكمم الأفواه في وقت قياسي أيضا، لقلب الحقائق وحجب الأصيل منها مما يتم على أرض الواقع، وتناسي كل ما كانوا ينادون به من شعارات حقوق الإنسان. لماذا كل هذا؟، لأن هذه المظاهر والحوادث تمس هذه الفئة أو تلك الدولة المتصفة بالنفاق. ولكن عندما تمر فئات أو دول أخرى بمثل هذه الحوادث وربما أشد تتلكأ هذه القوى في اتخاذ قرارات حاسمة لمقاومة الآثار الناجمة عنها، ويطلب من الدول أو الإدارات المستضعفة بالجلوس لمفاوضات تستغرق سنوات وسنوات، ولا يثير فيها سيل القتلى والجرحى والمشردين وتدمير البيئة التي تحدث نتيجة هذه الخروقات والاعتداءات. أليس هذا الكيل بمعيارين: معيار معلن وسريع، وآخر مستتر يسير سير السلحفاة مظهراً من مظاهر النفاق الدولي اللاأخلاقي؟. ألا يخشى من يتبنى مثل هذه الازدواجية أن تغير المواقف مستقبلاً ويتحرر العالم ومنظماته من التسلط ويقف هؤلاء أمام العدالة الحقيقية ليقتص منهم لما سببوه نتيجة نفاقهم من دمار وخراب وتقتيل لعزَّل آمنين؟!

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved