Saturday 6th July,200210873العددالسبت 25 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

منعطفات منعطفات
سوقنا المفتوحة!
د. فهد سعود اليحيا

لم أر في حياتي سوقاً مثل سوقنا، فهي مفتوحة على البحري لكل من يريد أن يعمل وفي أي مجال اللهم إلا تلك المسورة بخطوط حمراء من الشرع والقانون. فقط قل ماذا تريد أن تفعل، وستجد من يدلك إلى أقصر السبل، وكأن هناك تعاقداً غير مكتوب بين الحكومة والناس شعاره «من سمح لك؟.. ما أحد ردني».فأجهزة الحكومة بحسب اختصاصاتها تصدر قوانين لتنظيم العمل، وتحديد من يحق له أن يعمل، ومن لا يجيز النظام عمله، وتضع شروطاً لطبيعة العمل، ومواصفات لنوعية العمل، ومواصفات لمكان العمل، وكل الجوانب المتعلقة بالعمل.
والناس بدورهم تعلموا أن يلبوا الحد الأدنى من المطلوب، وأن باقي المطالب من باب الحشو والإطالة و«يا رجال ما عندك أحد». وهكذا فإن القوانين تضيع في مثلث برمودا في رحلتها بين الإصدار والتطبيق. وعلى هذا مضى العقد الاجتماعي بين الدولة والناس.
لنبدأ بسرد أمثلة هي غيضٌ من فيض:
عندما تخرج من مطار الرياض وربما من أي مطار في السعودية تجد، بحسب النظام، صفين أحدهما لسيارات الأجرة والآخر لسيارات الليموزين. ولكن ما أن تتجاوز باب الوصول الزجاجي حتى تقابلك الوجوه الباسمة: «سيارة يا أستاذ؟» ويستمر العرض خارج مبنى الوصول، وأنت واقف تنتظر، أو تدفع عربتك إلى أحد الصفين، أو متجه إلى سيارتك يتوالى عليك السائلون يعرضون توصيلك إلى بيتك بسياراتهم الخاصة لقاء أجر.
قد تكون معلم مدرسة، ولكن لا بأس أن تطبع بطاقة شخصية تحمل اسمك وتكتب تحته قواعد/ علوم/ رياضيات وتحته أرقام هواتفك للمفاهمة على مواعيد الدروس الخصوصية وأجرها.
ولنعرج على الطب والعلاج:
وربما تكون حاصلاً على شهادة ماجستير أو دكتوراه في علم النفس الصناعي، أو علم النفس التربوي. لا بأس! معك شهادة معترف بها؟ تستطيع أن تمارس العلاج النفسي لأن المسألة ليست علماً، ولكن موهبة وكلام حلو ونصائح.. والرزق يحب الخفية.
وإذا كنت طبيباً فلا تحمل همّ الترخيص. زملاؤك الطيبون يتولون تشغيلك معهم بنسبة 50% أو حسب المفاوضات، وتكتب الوصفات براحتك. وإذا أردت كتابة وصفة لأدوية تخضع للرقابة فزميلك سيمدك بوصفات موقعة وجاهزة. والناس بالناس والكل بالله.
أما إذا كنت طبيباً في الجامعة فالترخيص في جيبك، وأنت وضميرك. تستطيع أن تقوم بواجبك اليومي، أو تستطيع أن تضرب مثلاً رائعاً في مساعدة زملائك الصاعدين فتكتفي من العمل في مستشفى الجامعة ببضع ساعات في الأسبوع فيتولون عملك شاكرين خصوصا لو رتبت لهم عيادة أو عيادتين في الأسبوع في مجمع العيادات الذي تعمل به.
وحتى لو لم يكن الطب مجالك، وكنت دكتوراً أكاديمياً فبإمكانك أن تولي المحاضرات للمعيدين، وتلقط رزقك عند مزاحم الأقدام، وتصبح مستشاراً غير متفرغ في عشر جهات. بل لو كنت شاطراً بإمكانك أن تضغط كل عملك الجامعي في يوم واحد وتستمتع بباقي الأسبوع.وإذا كنت موظفاً حكومياً في أي مجال عليك أن تكون واقعياً وأن تعرف أن إنتاجية الموظف السعودي هي 45 دقيقة في اليوم. فلماذا تقضي باقي الدوام في تصفح الجرائد؟ ناهيك أن لديك باقي اليوم من الثانية والنصف حتى الهزيع الأخير من الليل.
لذا عليك أن تعرف عزيزي القارىء أن هؤلاء الذين لم يجدوا وظائف حكومية أو أهلية، وينتظرون ديوان الخدمة ولجان السعودة، مجرد فئة كسولة لم تع أبعاد السوق المفتوحة. ولا تصدق عزيزي القارىء أن هذه السوق المفتوحة، هي من أسباب البطالة المتفشية.ماذا تنتظر؟ هيا! شمر عن ساعديك.. توكل على الله ولا تخش نظاماً أو قانونا!

فاكس: 4782781

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved