Wednesday 17th July,200210884العددالاربعاء 7 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

منعطفات منعطفات
رأيي لا رأي العلم!
د. فهد سعود اليحيا

في الاجتماع الصباحي، توجه استشاري الطب النفسي الكبير جسماً ومظهراً -لأن البغاث بأرضنا يستنسر- بسؤال إلى الأخصائي الاجتماعي المبتدئ عن نوعية الأسر في المملكة. وتطوع بالإجابة، لا فضّ فوه، وسُفِّر حاسدوه: ثلاثة: الأسر المودرن.. والأسر التقليدية.. والأسر البين بين.
وأدار الحضور، من أطباء في بداية السلم وأخصائيين مبتدئين في علم النفس والخدمة الاجتماعية، عيونهم في محاجرها، وومضت في أذهانهم فكرة ساحرة، يا سلام! هذا أيضاً رأيي! إذاً أنا ذو علاقة بالصحة النفسية بالسليقة. وقدولدتُ جاهزاً لأن أتخصص في مجال الصحة النفسية.
وإحقاقاً للحق، تدخل الاستشاري الآخر، وتساءل متعجباً: انت قريت الكلام ده فين؟.. والا دا رأيك. فرد الأول بسرعة «لا دا رأيي!»، وكروت الموضوع، قافزاً إلى موضوع آخر.
وفي عدد يوم الجمعة 24/4/1423هـ الموافق 5/7/2002م من جريدة الوطن السعودية. تحدث د. رياض الونين، في مقالة غراء عن عددٍ من المظاهر المرضيّة في ممارستي الطب النفسي والعلاج النفسي، ومن ضمنها أن يبدي ضيف التلفزيون أو الإذاعة- وكذلك الصحيفة- رأياً لا علاقة له بتخصصه، أو باهتماماته الفرعية ضمن ذات التخصص زاعماً- ضمناً أو تصريحاً- بأنه رأي العلم الذي يمثله.
وتحوي مقدمة البرنامج التلفزيوني الناجح جماهيرياً «مستشارك»، - وكذلك خاتمته-، مقاطع صوتية لعدد ممن استضافهم البرنامج. ويقول أحدهم- ولعله د. طارق الحبيب، المعذرة إن أخطأت في معرفته- ما بما معناه: «أقول هذا رأيي، وليس رأي الطب النفسي»، ولو كنت مخرج البرنامج لاكتفيت بهذه المقولة الموشاة بالذهب، وجعلتها تتردد طوال المقدمة، لتكون شعاراً للبرنامج، وليتذكر من «نسي»، من الضيوف أن عليه وجوباً أن يوضح لجمهور المشاهدين إذا كان هذا رأيه الخاص، أو رأي العلم الذي ينتسب إليه.
وفي رأيي الخاص، أن الطب النفسي والعلاج النفسي لدينا يزخر بكثير من أمور الخداع، والتضليل، والممارسات المنافية لمُثُل المهنة، إنْ في القطاع الخاص أو في القطاع العام.
ولا يبرر ذلك أنه وباء مستشرٍ في سوق التخصصات الأخرى، فهو وإن كان يعنيني كمواطن تؤلمه جراح الوطن، إلا أني أزعم أنه واجب الأطباء في كل تخصص، أن يدعوا إلى وضع النظم، والقواعد، ومواثيق الشرف، الخاصة بتخصصهم.
ومشكلتنا، في أحد وجوهها، أننا انسقنا وراء دعوة أسيء استخدامها عمداً وسهواً، وهي أن الطبيب السعودي أكثر إخلاصاً ووفاءً وتفانياً، وكأنه مغسول بماء الكوثر، أو كأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. بينما ما أدخله الكلية أساساً هو مجموع علاماته لا صفاته وسجاياه.
وهي من وجه آخر أننا وجهنا نقدنا ودعاوانا تجاه ممارسي الجدل والخداع باسم الطب الشعبي فحسب، وتركنا الباب مفتوحاً لممارسة التضليل والغش، بل والنهب، باسم الطب الحديث.
ومجالس التخصص الطبي في الهيئة السعودية للتخصصات الصحية مطالبة بأن تعقد لواء هذه الدعوة. وهي - أي المجالس- مخطئة إذا ظنت أن دورها ينحصر في عقد الامتحانات ومنح الشهادات. وهي بلا شك مقصرة إذا ادعت، صادقة، بأن القوانين لا تعطيها قوة وحركة، لأنها مطالبة بتقديم مشاريع القوانين المناسبة لوزارة الصحة، كما أن بوابة اتصالها بمديريات الوزارة مفتوحة على مصراعيها. ناهيكم عن أن عدداً من أعضاء هذه المجالس، هم في نفس الوقت أعضاء في لجان استشارية عليا بوزارة الصحة.
ولكي تكتمل الصورة على المجالس أن تطهر نفسها من الداخل، بادئ ذي بدء، كي تكسب المصداقية التي تؤكد نزاهتها. وأرجو ألا يظن القارئ الكريم أني أغمز من قناتها وألمز، معاذ الله، ولكننا كلنا بشر سواء كنا في الشارع، أو في مجالس متخصصة مكيفة الهواء، ومعرضون بنفس القدر لفيروسات الأهواء الشخصية. إضافةً إلى أن التعيين في تلك المجالس يتم حسب معايير لا يدركها سوى أولي العزم الراسخين في العلم، في الهيئة.
وبعض أعضاء المجالس تم تعيينه بفعل الصدف السعيدة، لأنه الوحيد- أو كان- في المستشفى الذي يمثله.
وفي السياق ذاته، فإن الجمعيات الطبية المتخصصة معنيةٌ وبقوة بهذا الأمر، فدورها لا يقتصر على عقد الندوات السنوية فقط، إذ إنها تقوم بدور النقابة التي تحافظ على مُثُل العمل وأخلاقياته.
وجمعية الطب النفسي قادمة على الطريق وأرجو أن تكون بمستوى الآمال والمسئولية.

فاكس: 4782781

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved