Sunday 29th September,200210958العددالأحد 22 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

حوار حول الإسلام من داخل قاعة الأطباء حوار حول الإسلام من داخل قاعة الأطباء
د.منذر علي القباني

كنت جالساً في قاعة الأطباء في أحد مستشفيات كندا ومعي عدد من الأطباء الكنديين عندما دخلت القاعة طبيبة مسلمة ترتدي الحجاب. ولم يكن ذلك الحدث غريبا فقد اعتاد الكنديون على رؤية المحجبات ولكن يبدو أن رؤية تلك الطبيبة المسلمة أثار حفيظة إحدى الكنديات في القاعة فأخذت تتساءل بعد خروج الأخت المسلمة عن ما الذي يجعل امرأة متعلمة في بلد مثل كندا يحترم كافة حقوق النساء أن تجبر على طمس هويتها؟؟؟هنا سألتها «لماذا لم تسألي الطبيبة المسلمة قبل أن تخرج؟» فردت بأنها لم تشأ أن تسبب لها أي احراج. فأخذت أشرح لها بأنها لن تتسبب في أي احراج لأنها محجبة عن محض إرادتها بل إنى أعرف أسرة تلك الطبيبة المسلمة وهم يتمنون لو أنها تفك حجابها خصوصا في ظل الأجواء المشحونة ضد المسلمين في الغرب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ولكنها هي التي تصر على الحجاب.
أثار كلامي هذا استغراب بعض الجالسين فالصور التي في ذهن الكثيرين من أبناء الغرب هي أن المرأة المسلمة مهضومة الحق، يفرض عليها تغطية الرأس، وأن التي ترغب في تطوير نفسها هي التي تبتعد عن الدين. وربما لا ألومهم كثيرا على هذا الرأي لأنه مع الأسف هذه هي الصورة السائدة في الغرب عن المرأة في الإسلام. فما الذي يجعل أي امرأة أن تستر مفاتنها؟ لماذا لا تستطيع أن تذهب أمام الجميع إلى الشاطىء وترتدي «البكيني» و«تستمتع بشبابها»؟ هذا جزء من أسئلة كثيرة تحير عقول الكثير من نساء الغرب، فلا يمتلكون غير إجابة واحدة عن هذه التساؤلات «لابد أنه قهر الرجل المسلم للمرأة».
أخذت هنا أشرح لمن بدأ يشد انتباهه هذا النقاش بأن الحقيقة مختلفة تماما عمّا يحاول تصويره الإعلام. فمع الأسف أصبح من أسهل الطرق لضرب صورة الإسلام هو الترويح عن أكاذيب اختلقت لطمس دور وحقوق المرأة في الإسلام. فإن كنا نتحدث عن الحقوق، فما هي أول شريعة أعطت للمرأة أبسط حق من حقوق الإنسان وهو أن يكون كائنا مستقلا. إنه ليس الدستور الأمريكي ولا الدستور الكندي ولا حتى الدستور الفرنسي أو الانجليزي أو اليوناني أو الروماني. إنه الإسلام. المرأة في الغرب لم يحق لها أن تكون كائنا مستقلا لها كافة حقوق الإنسان إلا في القرن العشرين. أما الإسلام فقد أعطاها ذلك الحق البسيط منذ أربعة عشر قرناًَ. المرأة في الإسلام لها الحق في الإرث، في إمتلاك أموالها والمتاجرة فيها، لها الحق أن تناقش ولي الأمر كما حدث في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، أي لها الحق أن تكون كيانا مسموعا وفعّالا. فمن أول من أعطاها ذلك الحق؟ إنه الإسلام منذ أربعة عشر قرناً!!
أما عن استغراب البعض، وهذا ليس فقط موجوداً هنا في الغرب ولكن حتى في العالم الإسلامي اليوم، عن الذي يجعل الكثيرات من المسلمات يرتدين الحجاب دون أي إرغام من زوج أو أب أو أخ، فهو الإيمان الذي يجعل الإنسان المسلم يؤثر الآخرة الباقية على الدنيا الفانية. وهذا هو جوهر الإنسان المسلم الذي يعمل لدنياه من أجل آخرته.لقد كان حوارا هادئا، لم تعلو الأصوات ولم تخرج الصيحات. فقط شرح بسيط لحقيقة غائبة عن أنظار البعض خصوصا في الغرب. وكم كنت أود لو أن الذي ناقش وحاور وشرح هي تلك الطبيبة المسلمة لكي يتأكد الزملاء الكنديون من صدق كلامي، لا شك ان وقع الكلام كان سيكون أقوى.لا أدري إن كان كلامي قد أقنع أو أثر على زملائي في قاعة الأطباء، لم أعتن كثيراً بذلك. فقط أردت أن أثبت لنفسي أني لست خجولا من ديني وتعاليمه. صحيح أن اليوم القوة ليست لنا، ولكن ما هو ايضا صحيح هو ان اساسنا هو الأقوى لأنه الأساس الذي وضعه الله.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved