Friday 18th October,200210977العددالجمعة 12 ,شعبان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

هل الغرب مسيحي؟ هل الغرب مسيحي؟
د. منذر علي قباني

أول ما يتبادر على الذهن إجابة على هذا السؤال هو نعم، غالبية سكان الدول الغربية هم من المسيحيين، إذن الغرب مسيحي. ولكني أتساءل هل فعلا يعتنق غالبية أبناء الغرب المسيحية؟ أستطيع أن أقول واثقا انه خلال سبع سنوات من العيش في شمال أمريكا، غالبية من تحدثت معهم هم مسيحيون اسماء فقط وليس اعتقادا، بل ان معلوماتي البسيطة عن الديانة المسيحية كانت تفوق معلوماتهم! الكثيرون كانوا يجيبون عندما أسألهم عن معتقداتهم بأنهم يؤمنون بوجود إله ولكنهم لا يتبعون ديانة محددة بالرغم من نشأتهم في ظل أسرة مسيحية، وهذه ظاهرة ينبغي لنا أن نلتفت إليها جيدا ونستغلها في أمور الدعوة، فعزوف الكثيرين من المسيحيين في الغرب عن الكنائس هي من المسائل التي يشتكي منها القساوسة اليوم.
وينبغي لنا أن نفرق بين اليمين المسيحي ذي النفوذ القوي في السياسة الأمريكية وبين الشارع العام، فالأول وصل إلى ما وصل إليه نتيجة لتنظيمه القوي وثرائه المادي مثله في ذلك مثل اللوبي اليهودي وليس لتوافد الجماهير عليه، صحيح أنه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ازدادت أعداد العائدين إلى الكنائس ولكن ما كان لافتاً للانتباه هو الازدياد الملحوظ للداخلين في الإسلام هذا بخلاف الأعداد الكبيرة التي بدأت تقرأ عن الإسلام، بل ان ترجمة القرآن الكريم أصبحت للمرة لأولى ضمن قوائم الكتب الاكثر مبيعا في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالرغم من التقدم الظاهر والتطور القائم في مجال الاقتصاد والسياسة والتكنولوجيا إلا أن المواطن الغربي مازال يشعر بعدم الاستقرار، فهو دائم الخوف من الغد ويبحث عن شيء يملأ فراغا بداخله، لذا نجد كثيرا ممن دخل في الإسلام من أبناء الغرب هم من الطبقة المتوسطة المتعلمة الذين تركوا أديان آبائهم لعدم اقتناعهم بها وبدأوا يبحثون عن البديل، ويجب علينا كمسلمين التركيز على تلك الفئة لأنها هي التي على استعداد كبير لتقبل الإسلام، ولقد أشارت الآية الكريمة 170 من سورة البقرة{وّإذّا قٌيلّ لّهٍمٍ اتَّبٌعٍوا مّا أّّنزّلّ اللهٍ قّالٍوا بّلً نّتَّبٌعٍ مّا أّّلًفّيًنّا عّلّيًهٌ آبّاءّنّا أّّوّ لّوً كّانّ آبّاؤٍهٍمً لا يّعًقٌلٍونّ شّيًئا وّلا يّهًتّدٍونّ} اذن نحن الآن أمام فرصة كبيرة لمجموعة غفيرة ممن تحرروا من معتقدات آبائهم ويبحثون عن البديل.
وليس من المستغرب بعد ذلك عندما تقول محامية كندية دخلت في الإسلام حديثا انها وجدت في دين الله من حلول لقضايا اجتماعية هي مهتمة بها ما لم تجده في سواه، ثم أخذت تلوم الدعاة المسلمين في كندا لعدم إبرازهم لذلك الجانب المهم من الإسلام الذي اكتشفته هي عن طريق بحثها الخاص، وهذه نقطة لابد أن نلتفت إليها جيدا في مجال الدعوة.
نحن الآن أمام فرصة كبيرة يدركها اليمين المسيحي جيدا ويرتعد منها وهو تحرر الكثيرين من أبناء الغرب من التزامهم المسيحي، وبالتالي فقد أصبحوا أكثر استعدادا لقبول الدين الحق، فلابد لنا إذن أن نحسن استغلال هذا الجانب من المجتمع الغربي ونقدم لهم بديلا هو من صنع الله لا من صنع البشر، وعلينا إبراز الفكر الإسلامي المعتدل وما يحتوي عليه من حلول لقضايا تشغل بال المواطن الغربي التائه الذي يبحث عن معنى لحياته في ظل محيط من عدم الاستقرار وشعور بعدم الأمان من الغد، فإذا لم نقدم له نحن البديل، فسيقدمه له غيرنا عاجلا أم آجلا.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved