Culture Magazine Monday  12/11/2007 G Issue 222
حوار
الأثنين 2 ,ذو القعدة 1428   العدد  222
 

بعد حصولها على جائزة كفافيس
سحر الموجى: أكتب للقارئ المغامر ولا أسعى للتشويق أو الإثارة

 

 

الثقافية - القاهرة - محمد الصادق

نالت الأديبة سحر الموجى مؤخراً جائزة كفافيس الأدبية في النبوغ التي تمنحها مؤسسة كفافيس باليونان وقد تزامن حصولها على الجائزة مع إصدار الطبعة الثالثة من روايتها الأخيرة (نون) التي حازت انتشاراً وذيوعاً واسعين.

ورغم أن الموجى قد بدأت الكتابة متأخراً بعد أن تخطت سن الثلاثين إلا أنها نجحت في تكريس مكانتها على الساحة الأدبية فقد راهنت في جل أعمالها سواء في روايتها الأولى (دارية) والثانية (نون) على قارئ لا يشغله التشويق واللهاث وراء الأحداث ولكن كما تقول في حوارها ل(الثقافية) على متعة الاكتشاف البطيء لنفسه وللعالم ويحمل قدراً كبيراً من المخاطرة.

* مالمقصود بحرف نون الذي تحمله الرواية؟

- النون هي (المحيط) في المعجم العربي وهي (الحوت) وفي التفسير الفرعوني النون هي البيضة الأولى، المحيط الأول الذي انبثق منه العالم. أنا أراها العمق المظلم للبحر الذي هو رمز لغير وعي البشر. والرواية تدور عن معنى المعبد الجوانى لدى البشر.

* تعاطفك مع شخصيات الرواية يبدو واضحاً هل كنت تعرفينها مسبقاً؟

- أنا لا أستطيع الكتابة عن عالم لا أعرفه، ولم أعايشه.. فلا أستطيع مثلاً أن أكتب عن نساء الأحياء العشوائية رغم تعاطفي معهن، لأنني لو فعلت سأكون كاذبة، كما أنني مدركة أنني اكتب عن طبقة وسطى لها صراعاتها، همومها، وأعتبر أن الرواية هي نوع من البحث، كما أنني أقوم فعلياً ببحث طويل قبل الكتابة، ناهيك عن الصدق، فأنا فمن الصعب مثلاً أن أكتب عن تجربة مختلفة من خلال القراءة، لابد أن يكون هناك قدر من المعايشة والانفعال بوسط مختلف أو طبقة مختلفة.

* ولكن شخصيات الرواية تتحرك بوجهة نظر مسبقة؟

- ليس كذلك فيوجد تغير على المستوى الداخلي والمهم ليس في رصد كم التغير ولكن في رصد كيفية هذا التغير، فبعض الشخصيات في الرواية تفشل وبعضها تنجح، فالصراع الداخلي صعب جداً، تدخل فيه الرغبات والتواريخ الشخصية وأشياء كثيرة، كما أنني أرصد الصراع بين العالم الداخلي والعالم الخارجي، وبالنسبة لي المهم هو الصراع مع التاريخ الشخصي والصراع مع الخارج.

رمال متحركة

* تقولين في بداية الرواية إن حكاياتها مثل الرمال المتحركة فهل كان ذلك تحذير لكي يظل القارئ متيقظاً طوال العمل؟

- أنا لا أحذر القارئ بضرورة التيقظ، لكنها حيلة سردية لإثارة الفضول. لغة تقدم بها الراوية نفسها. وبما أن الراوية هي حتحور الهة العشق والرقص والموسيقى وهي أيضاً (سيدة الحيل والألاعيب الماكرة) فهذا التقديم هو أيضاً تقديم لجزء من الشخصية الراوية.

* تعدد وتنوع شخصيات الرواية يراه البعض عيباً لأن القارئ العادي قد يجد صعوبة في التعامل مع النص فما رأيك؟

- كان لدي هذا التخوف ولكن هناك الكثير من القراء أعربوا لي عن استمتاعهم بالنص وأرى ذلك شيئاً إيجابياً حتى لو فاتتهم أشياء، ولو لم تصلهم كل المستويات التي في النص لكن في النهاية تركت فيهم الرواية ربما (حالة) وربما (سؤال).

* إلى أي قارئ تتوجه سحر الموجى بأعمالها؟

- هذا سؤال صعب. ربما أتوجه لأي قارئ لا يمانع لو بذل بعض الجهد في القراءة وهذا الذي لديه سؤال داخله لم تبن له ملامح بعد.

* استدعاء التراث عند سحر الموجى يأتي للاختباء خلفه وقول ما لا يمكن التصريح به..؟

- المسألة ليست ببساطة الاختباء خلف التراث لتمرير أشياء ما ولكنها أعمق من ذلك، وهنا أتحدث عن الأسطورة تحديداً، كنز هائل يحتوي حقائق نفسية وإنسانية فيه صراعات الإنسان وتعقيداته وشغفه المستمر بالمعرفة وبالارتقاء. لذا فإن التماس مع هذا الكنز يمنح (في نون) صراع أربع شخوص في أوائل القرن الحادي والعشرين عمقاً إنسانياً أرحب من الأشخاص الأربعة أنفسهم.

* هل يمكن أن يتفاوت الخوف أو تجاوز الخطوط من وقت لآخر؟

- بالطبع فالمبدع بشر في النهاية وأجواء الاختناق التي نعيشها ستؤثر بشكل أو بآخر ولكن على المبدع أن يتحدى هذه المخاوف بالمزيد من الفن والإبداع. المبدع سيرحل يوم ما وسيبقى العمل الذي تركه لنا كي نفكر في أسئلته.

* هل تضعين الناقد أمامك أثناء الكتابة أي هل يمكن أن يتحول إلى (رقيب)؟

- إذا كنت لا أضع قارئ أمام عيني وقت الكتابة فكيف أضع ناقد. وإذا كنت أقهر رقيبي الداخلي فكيف أُقهر أمام ناقد. وهل وضع الناقد في الاعتبار يعني أن أكتب وفق المناهج الحداثية أو ما بعد الحداثية في النقد هذا غير وارد. أنا أتوحد مع ذاتي تماماً وقت الكتابة. أستسلم لنزقي وأستنفر كل طاقة الجنون داخلي. ساعتها يبتلعني شغف الفهم وصياغة هذا الفهم. ليس للناقد مكان في تلك العملية.

* ينتقد البعض تعاملك مع وكالة إعلانية للتسويق ويرون أن الأمر الذي يمثل خطورة في تحويل الكتاب إلى سلعة؟

- تعاملي مع الوكالة الإعلانية انعكس بالإيجاب على الرواية فقد حفزت الساحة الثقافية وجعلتها في حالة ترقب بسبب الدعاية غير المعتادة التي قامت بها للرواية وانتشار هذا النوع من الوكالات يسهم بشكل كبير في الترويج للكتاب وبالنسبة لاعتراض البعض على تحويل الكتاب إلى سلعة أريد أن أقول لهم: إن الكتاب سلعة بالفعل سواء تم الترويج لها أم لا. بمعنى أن طالما هناك ناشر يعمل في مجال (بيع) الكتاب وهناك مشتر (القارئ) فالكتاب بالفعل سلعة يتكسب منها أطراف عدة. ولكن الفارق بين الكتاب والشوكولاتة أن الأخيرة تلبي احتياج الجسم بينما الكتاب يلبي احتياجات للعقل وللروح. ومن هذا المنطلق فهو سلعة مهمة وحيوية وياليتنا نستطيع أن نروج لها حتى تتغذى أرواح البشر وتنفتح عقولهم على أفق أرحب للحياة.

* في السنوات الأخيرة انتشر تعبير الأدب النسائي.. هل توافقين على هذا المصطلح؟

- نعم يوجد أدب نسائي يتناول تعقيد وضع المرأة.

* ولكن هذا يمكن أن يكتبه رجل؟

- نعم ولكن نسميه أدب نسوي مثل الذي كتبه صنع الله إبراهيم في رواية ذات، أي ليس الأمر في أن الذي كتب رجل أو امرأة ولكن وجهة النظر الموجودة في العمل، أما أدب نسائي فهو الذي تكتبه المرأة وأنا مؤمنة بأن الأدب أولاً وأخيراً أدب.. فمثلاً في الثقافة الأمريكية يقولون أدب أسود، وأدب أسباني أمريكي، وأدب عربي أمريكي، فلديهم نوع من الهجين، ولكنه في النهاية أدب وفي الوقت نفسه يحمل خصوصية.

* ألا تعتقدين أن هناك احتفاء مبالغ فيه بالكاتبات؟

- هذا حدث في التسعينات وفي رأيي أنه غير صحي ويفسد كثيراً من الكاتبات لو صدقناه.. لكن في السنوات الأخيرة تراجع هذا الأمر أمام أزمات أخرى متعددة، لم يعد موضة والذي حدث أن كثيرات من جيل التسعينات توقفن عن الكتابة واللواتي استمررن هن اللاتي لم يصدقن هذه المبالغة في الاحتفاء والترويج الإعلامي الضخم.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة