الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 20th February,2006 العدد : 141

الأثنين 21 ,محرم 1427

القراءة للجميع..وفشل «التربية»
إن القراءة تعد من أهم وسائط التعلم الإنساني ومن خلالها يكتسب الإنسان العديد من المعارف والعلوم والأفكار، وهي تؤدي إلى تطوير الإنسان، وتفتح له عوالم كانت مغلقة أمامه بعيدة عن متناوله، إن القراءة من أوسع مصادر العلم والمعرفة ومن هنا حرصت الأمم الحية المتيقظة إلى نشر العلم، وتسهيل أسبابه وجعلت مفتاح ذلك كله تشجيع القراءة والترغيب فيها ونشرها بين جميع الفئات. كانت القراءة وما تزال من أهم وسائل نقل ثمرات العقل البشري ومنجزاته ومخترعاته، وهي صفة تميز الشعوب المتقدمة التي تطمح للرقي والصدارة.
عندما أطلق الروس قمرهم الصناعي الأول اهتزت الأوساط التربوية والعلمية في أمريكا! وكان السؤال الكبير: كيف استطاع الروس أن يسبقونا في مضمار الفضاء؟ وبعد الدراسات جاء الجواب لقد أخفقت المدرسة الأمريكية في تعليم تلامذتها القراءة وزرعها في نفوسهم!!.
إن أول كلمة نزلت على نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) هي كلمة (اقرأ) وعلينا أن نفهم الدلالة العميقة لهذه الآية في صورة اكتشاف لأهمية العلم والمعرفة، يقول الدكتور عبدالكريم بكار: (أذهاننا لا تدرك الأشياء على نحو مباشر وإنما عبر وسيط معرفي مكون من مبادئ علمية وعقلية وخبرات حياتية وعلى مقدار ما نقرأ يتحسن ذلك الوسيط وبتحسنه يتحسن فهمنا للوجود وتتحسن معه نوعية الحياة!!).
ولذلك فمن لم يكن قارئاً فقد عطل وسائل تفكيره وإدراكه! عطّل العقل الذي أعطاه الله إياه أمانة، وأستطيع أن أقول: إنه خان الأمانة!!
ومن كان قارئاً مجيداً قارئاً بارعاً قارئاً ناقداً فإنه سيصير بطلاً عظيماً وإنساناً شامخاً ولذلك لا نجد إنساناً عظيماً له وزنه في التاريخ إلا وجدت وراءه نهماً في القراءة وحباً في المطالعة.
ولو رحنا نبحث في حياة المتفوقين في كل مجال، والناجحين في شتى الأعمال في تاريخ البشرية قديماً وحديثاً، والذين أفادوا أممهم ومجتمعاتهم لوجدنا أنهم جميعاً كانوا قراء مبدعين يفكرون فيما يقرأون ويميزون بين الصواب وغيره ويضيفون إلى ذلك كله من ذواتهم وجهدهم ما يحقق لهم فرص الإبداع والتفوق!
إن القراءة الواعية القراءة المثمرة ضرورة وهي من الأساسات التي لابد أن يمتلكها الإنسان، إن الإنسان الذي يقرأ إنسان نامٍ قادرٌ على النمو وتطوير نفسه، والإنسان الذي لا يقرأ شخص متوقف عن النمو سيبقى صغيراً في تفكيره ولو كان كبيراً في عمره!.
إن القراءة وسيلة تسمو بالمرء إلى أرقى درجات العلم والمعرفة والثقافة، لذلك مسكين الذي لا يقرأّ والذي لم يعرف لذة القراءة. إن القراءة تمكن افنسان من بلوغ أرفع غاياته وأغلى طموحاته وتساعده على تطوير نفسه وبناء فكره، إن القراءة أداة من أدوات التنفيس للإنسان وإشباع حاجاته وهي أداة لحل مشكلاته!!
وقد أثبتت الدراسات العلمية أن القراءة تستخدم كعلاج من بعض الأمراض النفسية مثل: القلق والاكتئاب والملل ولا سيما في عصر قد غلبت فيه القيم المادية وضغوط الحياة المعاصرة!.
من أراد السرور وذهاب الوساوس والقلق والملل فعليه بالقراءة. قال رجل للإمام أحمد: إني استوحش وحدي، فردَّ عليه الإمام أحمد قائلاً: ويلك أين الكتب عنك؟!!
ولكن الناس في هذا الزمن هجرت القراءة لأسباب كثيرة.
ترى من المسؤول عن هذا الهجران؟ ولا سيما أنه موجود عند جميع الفئات...
عند الأساتذة والأكاديميين والصغار والكبار...
ومن المسؤول عن إعادة الحياة للقراءة والمكتبات؟
ولماذا فشلت المدرسة والأسرة في غرس حب القراءة لدى أطفالها؟
بل إن المدرسة ومقرراتها التي تنوء عن حملها ظهور الأطفال الغضة أصبحت سبباً في عزوف الأطفال عن القراءة الحرة، بل وأصبحت هذه الكتب وكتب القراءة والمطالعة تُكّرِّه التلاميذ صغاراً وكباراً في القراءة الحرة، فموضوعات كتب القراءة المدرسية يتم اختيارها بدون ضوابط ولا معايير واختيارها لا يستند إلى دراسات علمية تراعي ميول التلاميذ وحاجاتهم، بل إنَّ الوزارة قامت مؤخراً بدمج كتب القراءة للبنين والبناتّ فأصبحت هذه الكتب واحدة، متجاهلة تماماً الفروق بين الميول القرائية للبنين والميول القرائية للبنات، ومتناسبة كذلك الحاجات النفسية أثناء القراءة للبنين والبنات!!.
ومع كل هذه السنوات فشلت وزارة التربية في غرس حب القراءة لتلاميذها، وأمَّا دور الأسرة فيبقى نسبياً ويعتمد على ثقافة الأبوين!! ويبقى الدور المنتظر للإعلام كي يقوم بدوره في نشر ثقافة القراءة وترويجها.
أما الحلم الكبير الذي ننتظر تحقيقه فهو دور وزارة الثقافة فهي الأم وهي الأب للقراءة فعليها أن تقدم الخطط والبرامج العملية لإعادة الناس من جديد للقراءة والمكتبات.
إننا بحاجة في هذا الوطن الغالي إلى مشروع ضخم للقراءة للجميع يستهدف جميع الفئات.. مثل تلك المشاريع القرائية في الدول الكبرى والدول الأخرى الإسلامية في ماليزيا وباكستان ومصر وغيرها.
نعم لماذا لا يكون لدينا مشروع ومهرجان وطني للقراءة؟ فنحن والحمد لله لدينا الإمكانات والقدرات والطاقات البشرية المؤهلة!! ولماذا أصبحت المهرجانات للبطون دون العقول؟.
فنحن نسمع ونقرأ في الصحف عن مهرجانات لأكبر (كبسة) وأكبر (بيتزا) وأكبر (شاورما) وأكبر (كرشة)!! يا لخيبتنا.


راشد بن محمد الشعلان

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved