Culture Magazine Monday  09/06/2008 G Issue 251
قراءات
الأثنين 5 ,جمادى الثانية 1429   العدد  251
 

غزليات
حواء في شعر الغزل
غزليات سلطان بن علي العويسخالد الخنين

 

 

في كتاب (خمرة الشعر) لشاعر فلسطين الكبير حسن البحيري يذكر في جملة من يذكرهم في كتابه هذا صديقه الشاعر الغزلي المرهف شاعر الخليج الغزّال سلطان بن علي العويس الذي يقول فيه ص 126: (منذ زمن أسمع للعويس ما يطرب ويشجي.. والذي أثار اهتمامي فيه أنه تجاوز أعباءه، قفز فوقها إلى متعه الشعرية).. ومن أجمل ما ورد من مقطعاته الغزلية الوصفية في ذاك الكتاب ما نثبته الآن من مقاطع من قصائده.

من قصيدة للعويس ص 28 في كتاب: خمرة الشعر:

تلاقت عيون ثم جالت لواحظ فلما اطمأنت أومأ الهُدبُ للهُدبِ

ودارت كؤوس لم يكن في دنانها سوى الحب مسكوباً من القلبِ للقلبِ

أمامي الهوى والعاذلون تكاثروا فيا لكَ من بُعْدٍ... ويا لَكَ من قُرْبِ

ومن خواطره الشعرية الرقيقة الناعمة ص 129:

كأنَّ الحُسنَ يولّدُ من جديد وفي شفتيك طابَ لَه القرارُ

إذا ذكر الأحبةُ.. قلتُ هَمْساً إلينا بالصّبابة قد أشاروا

ولعل أجمل غزلياته ما ورد ص 130؛ حيث رأى على شواطئ (ريو دي جانيور) حسناء تتمطى على الرمل... فيهتفُ:

وذاتُ قدّ كأن الله قال لها كوني الجمالَ... فكانت فوق ما وصفوا

قالت: تُحبّ!!؟ فقلت: الحبّ منتجعي له أغنّي.. وفي مثواه أعتكفُ

فأقبلت تتثنى نشوة وبها من نزعة الإثم شيءٌ اسمه الظّرفُ

عُريانة الصّدرِ لم تحفل بمندَهِشٍ يُخشى عليه من الإغماءة التَّلفُ

ألقتْ على الرملِ جسماً كلُّه فِتنٌ تُغازلُ الشمسَ حتّى خلتُها تقفُ

يا بحرُ... يا بحرُ هذا عِقدُ يابسةٍ فهلْ لديكَ شبيه مَهْدُه الصَّدفُ!!؟

هذا هو الشاعر العويس.. شاعر لا أرق منه، ولا ألطف، ولا أعذب، لم يكن لدينا إلا القليلُ من شعره الذي يقذف به الزمن إلينا بين الحين والحين، أما أن يدفعنا المركب الشعري الجميل إلى خضم بحره الشعري الغزلي بمثل ما قرأناه، وما وقفنا عليه الآن.. فإن ذاك من واقع طموحات الأحلام فينا؛ حيث وقفنا على نوع من شعر الغزل لم نقف على مثل جودته، وشفافيته، وجماله، في كثير من شعر القدامى والمعاصرين.. ولم نكن نتصور أبداً أن شاعراً كالعويس كثير العمل والأعباء يمكن له أن يلقي لكل الأعباء والهموم جانباً، ويمتعنا بشعر غزلي جميل لا مثيل له ولا أجمل ولا أحلى..

لقد جعلنا حتى الصميم نعيش معه أجواء تلك الريوديجانيرووية السمراء بتفاصيل فتنتها وجمالها، وكأننا نحن الذين نستمتع بتلك الجماليات والمفاتن الخارقة.

والجمال في العويس أنه يلتقط بكاميرا خياله شعره البهي أينما كان.. في البحر.. في الجو.. في أي مكان وزمان في العالم.. وعبر أجواء تمهد له ليكتب غزلياته الممتعة.. إنها كاميرا عين بصيرته التي تلتقط المشاهد ثم تحول المشاهد إلى صور ثم تحول الصور إلى قصائد غزل ممتعة يظل صداها في الذاكرة لا يغيب أبداً.. في الخليج شعراء مبدعون حد الرفاهة المذيبة، ولكن مع الأسف، لم يصلنا كل شيء من شعر هؤلاء المبدعين.. ولكننا عندما خضنا بحار الشعر، وبحثنا عن لؤلؤ المستحيل وجدناه في تلك المحارات التي تخبئ لؤلؤها في عميق تلك البحار.. ومنها لؤلؤة العويس الشعرية الجميلة.. التي تحمل غزلياتها فائقة العذوبة وتجوب بها بحار الوجدانات المتلهفة لمثلها عبر الدنيا لتجعل ذاك الشعر زاد الغرباء في رحلة الحياة والهموم، وكواكب تضيء أقانيم الحياة بنور شفيف لا أحلى منه ولا أجمل.

الرياض k-alkhonin@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة