Culture Magazine Monday  09/06/2008 G Issue 251
شعر
الأثنين 5 ,جمادى الثانية 1429   العدد  251
 
أُمِّي
شعر: عيسى جرابا

 

 

حَمَلُوْكِ... لا وَاللهِ بَلْ حَمَلُوْنِي

دَفَنُوْكِ... لا وَاللهِ بَلْ دَفَنُوْنِي

مَا مُتِّ يَا أُمَّاهُ كَلاَّ... بَلْ أَنَا

مَنْ مَاتَ قَبْرِي حَسْرَتِي وَشُجُوْنِي

تَتَصَاعَدُ الآهَاتُ نَاراً أَحْرَقَتْ

قَلْبِي وَأَطْفَأَتِ الدُّمُوْعُ عُيُوْنِي

أَنَا لا أَرَى فِيْمَا أَرَى إِلاَّ أَسَىً

مُتَغَلْغِلاً فِي كُلِّ ذَرَّةِ طِيْنِ

الفَقْدُ يَا أُمَّاهُ خِنْجَرُ غَادِرٍ

أَهْوَى بِهِ فَجَرَتْ دِمَاءُ حَنِيْنِي

أَنَا مَا بَكَيْتُ عَلَيْكِ بَلْ أَبْكِي عَلَى

نَفْسِي بُكَاءَ الخَائِرِ المَغْبُوْنِ

الكَوْنُ بَعْدَكِ فَارِغٌ وَالقَلْبُ بَعْ

دَكِ فَارِغٌ... صَارَ الفَرَاغُ خَدِيْنِي

مَنْ ذَا يُعَزِّيْنِي وَرَوْضِي مُجْدِبٌ

مِنْ دَفْقِ إِحْسَاسٍ وَخَفْقِ لُحُوْنِ؟

أَوَّاهُ لَوْ تَدْرِيْنَ كَيْفَ تَفَجَّرَتْ

سُحُبُ الدُّمُوْعِ عَلَى بِسَاطِ جُفُوْنِي

هَلْ أَنْتِ رَاضِيَةٌ...؟ سَأَرْضَى بِالإِشَ

ارَةِ عَنْ شُرُوْحٍ جَمَّةٍ وَمُتُوْنِ

لا تَصْمُتِي أُمَّاهُ صَمْتُكِ وَالسُّ

ؤَالُ يُمَزِّقَانِ القَلْبَ كَالسِّكِّيْنِ

أُمِّي فَدَيْتُكِ مَا لِمِثْلِي حِيْلَةٌ

الفَقْدُ زَلْزَلَنِي وَهَدَّ حُصُوْنِي

أَتُرَى أَعُوْدُ فَلا أَرَاكِ...؟ فَجِيْعَتِي

بَحْرٌ هَوَتْ أَمْوَاجُهُ بِسَفِيْنِي

البَيْتُ كُنْتُ أَظُنُّهُ حَجَراً... وَلمَّ

ا غِبْتِ نَاحَ عَلَيْكِ كَالمَحْزُوْنِ

وَسَرِيْرُكِ الخَشَبِيُّ حِيْنَ تَرَكْتِهِ

أَنَّتْ مَفَاصِلُهُ أَحَرَّ أَنِيْنِ

وَهُنَاكَ تَذْرِفُ دَمْعَهَا سُجَّادَةٌ

تَهْفُو لِنُوْرِ هُدَىً وَبَرْدِ يَقِيْنِ

أَيُلامُ طِفْلٌ أَنْ بَكَى شَوْقاً إِلَى

حِضْنٍ أَرَقَّ مِنَ النَّسِيْمِ حَنُوْنِ؟!

فِي خَاطِرِي أَطْيَافُ ذِكْرَى كُلَّمَا

لاحَتْ سَكَبْتُ الآهَ كَالمَطْعُوْنِ

وَالشَّوْقُ يَا أُمِّي مَرَاجِلُ تَغْتَلِي

بَيْنَ الضُّلُوْعِ أَزِيْزُهَا يَكْوِيْنِي

أُمَّاهُ مُدِّي لِي يَداً إِنِّي لأَطْ

مَعُ بِالقَلِيْلِ... وَدُوْنَهُ يَكْفِيْنِي

المَاءُ مِنْ حَوْلِي... وَلَكِنْ ظَامِئٌ

مَنْ لِي سِوَاكِ حَبِيْبَتِي يَرْوِيْنِي؟

وَأَمَامِيَ النُّوْرُ المُبِيْنُ... وَلا أَرَى

مَنْ كَانَ غَيْرُكِ نُوْرُهُ يَهْدَيْنِي؟

لَوْ عُدْتِ.. كُنْتُ حَبَسْتُ كُلَّ لُحَيْظَةٍ

حَتَّى أُعَفِّرَ فِي رِضَاكِ جَبِيْنِي

يَا بَهْجَةَ الدُّنْيَا وَيَا عَبَقَ الحَيَ

اةِ وَيَا نَمِيْرَ العُمْرِ لِلمِسْكِيْنِ

غَنَّيْتُ أُغْنِيَةَ الوَدَاعِ وَلَمْ أَزَلْ

مِنْ هَوْلِ مَا لاقَيْتُ رَهْنَ ظُنُوْنِي

رُوْحِي وَرُوْحُكِ تَوْأَمَانِ وَإِنَّمَا

أَجْسَادُنَا طِيْنٌ هَفَا لِلطِّيْنِ

المَوْتُ لَمْ يُمْهِلْ فُؤَادِي... كَلَّ يَ

وْمِ رَاحِلٌ... أَيَعِيْشُ لِلتَّأْبِيْنِ؟!

فَارْحَمْ إِلَهِي مَنْ أَتَتْكَ وَلَمْ تَكُنْ

إِلاَّ بِحَمْدِكَ عَذْبَةَ التَّلْحِيْنِ

وَاسْكُبْ عَلَى قَبْرِ الحَبِيْبَةِ صَيِّباً

كَمْ سَبَّحَتْكَ الحِيْنَ بَعْدَ الحِيْنِ

أُمَّاهُ شِعْرِي لَمْ يُحِطْ بِمَشَاعِرِي

فَخُذِيْهِ رَغْمَ قُصُوْرِهِ... وَخُذِيْنِي

هُمْ كَفَّنُوْكِ وَشَيَّعُوْكِ... وَكُنْتُ قَبْ

لَكِ دُوْنَ تَشْيِيْعٍ وَلا تَكْفِيْنِ


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة