Culture Magazine Thursday  04/03/2010 G Issue 300
فضاءات
الخميس 18 ,ربيع الاول 1431   العدد  300
 
مداخلات لغوية
أستاذنا الحازمي..
أبو أوس الشمسان

ما رأيت أحداً مثل أستاذنا الدكتور منصور إبراهيم الحازمي زويت له العلوم والثقافات، فهو المعلم الأكاديمي وهو الأديب والشاعر والناقد، واشتهر بتعلياته ونوادره اللطيفة التي تسعد من حوله، وهي صفة نادرة، وهو في كتاباته ربما نحا أسلوباً طريفاً ساخراً حتى قرنه الدكتور أحمد غانم بالجاحظ والمازني من أدباء العرب الساخرين، الذي يعرف الأستاذ عن قرب يجده يجمع بين أمرين متناقضين الجدّ والهزل، ولعل اسمه موافق لرسمه؛ فحازمي نسبة إلى (حازم)، وإن عكست القراءة قلت (مزّاح). وآية ما ذكرته من أدبه ودأبه أنه حين كرمه قسم اللغة العربية يوم الأربعاء قبل الماضي 10-3-1431هـ لم يكتف بالكلمة الرصينة التي ارتجلها يشكر فيها المتحدثين، بل أخرج من جيبه ورقة قد كتب فيها قراءة لموضوعات الكتاب الذي أهداه إليه القسم، وكانت كتابته، وإن سماها مخربشات، قطعة أدبية نقدية حازمية الطرافة ممتعة أيما إمتاع، لابد أنه كتبها بعناية واقتدار عجيب.

ويعود الذهن بي إلى أيام التلمذة حين كنت وزملائي ننتظر محاضرة أستاذنا الحازمي بشغف؛ إذ لم تكن كأي محاضرة؛ فهي مزيج من العلم والأدب، كان وقت المحاضرة يمضي سريعاً دون أن ندرك، وأذكر دليلاً على تمكنه وحفظه أنه قدم للأدب الحديث بمحاضرة قالها عن ظهر قلب على التحولات السياسية والاجتماعية التي واكبت النهضة الأدبية الحديثة في العالم العربي.

وبعد أن عدت من البعثة وتشرفت بالانضمام إلى عضوية التدريس في قسم اللغة العربية ازددت معرفة بأستاذنا؛ فعرفت فيه الجانب الإداري المتصف بالحكمة والمرونة والمبادرة، كان قسم اللغة العربية في أيام رئاسته مزدهراً يعج بالطلاب؛ فكان يلقاهم في مكتبه مشتكين من بعض أساتذتهم؛ فيسمع لهم ويوجههم وينصحهم أن يراجعوا الأساتذة أنفسهم.

أما أنا فلست أحصي أياديه البيضاء عليّ وكرم تعامله؛ فلست ألقاه إلا محيياً إياي مرحباً، وربما موجهاً بلطف، أذكر أنه سألني مرة عن أستاذنا المرحوم الدكتور حسن شاذلي فرهود، فقلت له: لا أعلم فمنذ مدة طويلة لم أره، فقال: حرام عليك هذا أستاذكم.

ومن مواقفه النبيلة التي لا أنساها أنه صادف دخولنا المصعد معاً فنظر إليَّ فأدرك بذكائه وفطنته أنني كاسف البال، فلم يتركني بل قال: ما لَك؟ فقلت له إن أستاذي الدكتور يوسف خليف يحتفل به الليلة لنيله جائزة الملك فيصل ولم أدع إلى الحضور؛ فقال: لا تهتم، بعد قليل تصلك الدعوة. وبعد قليل من وصولي مكتبي جاءتني الدعوة الموجهة له شخصيّاً، آثرني بها ولم يشهد الاحتفال.

الرياض
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة