Culture Magazine Thursday  04/03/2010 G Issue 300
تشكيل
الخميس 18 ,ربيع الاول 1431   العدد  300
 
من الحقيبة التشكيلية
الفن التشكيلي في مصر 3-3
متحف محمود خليل يوثق عشق المصريين للفنون على مختلف مراحلها
إعداد: محمد المنيف

الثقافة المتحفية تكتسب من خلال الاهتمام بزيارة المتاحف والاطلاع على ما تحويه من عروض تتبع الهدف الذي أنشئ من اجله كل متحف فهناك متاحف تتعلق بالتاريخ وأخرى بالآثار ومتاحف تختص بالفنون القديم منها والحديث مع أن لكل فترة أو حقبة متحف خاص بها إضافة إلى ما أصبح رمزا لثقافات الشعوب بأن جعلت متاحف لكل اختصاص ومجال من المجالات المحيطة بنا كالزراعة والصناعة إلى آخر المنظومة، هذه المتاحف في حال تعددها وتنوع مشاربها و تخصصاتها يفتح المجال لإيجاد ثقافة بصرية يكتسبها الزائر عبر مشاهدته لما يتم عرضه ويتلقاها من خلال العين ويحيلها إلى العقل الباطني محتفظا بتأثيرها الكبير على الروح والوجدان.

ويجدها مرجعا للذاكرة في حال الحديث عن أي منها ولهذا أصبحت المتاحف بمثابة الصف الراسي الحي المباشر مثال ذلك ما يمكن ان يتقبله المشاهد من إحساس عند مشاهدته لعمل فني سمع عنه كثيرا وقرأ عنه فوجد نفسه أمامه وجها لوجه مما يزيد الإحساس جمالا وتحريضا على التعمق في فهم الكثير عنه مع ما تبقيه تلك اللحظات من مشاعر.

وإذا كنا بالمملكة نعتز ونفخر بوجود المتحف الوطني بمركز الملك عبد العزيز التاريخي وبما يحويه من آثار ورموز تاريخية تجمع المكان بالزمان وتعيد للذاكرة عمق تاريخ جزيرتنا العربية التي تشكل المملكة اكبر مساحة فيها مع ما تبع ذلك من توثيق للبطولات الاسمية وصولا إلى توحيد الوطن ومنجزات الملك عبد العزيز فإننا أيضا ننتظر يوما نرى فيها متاحف للعهد الجديد والحضارة الحديثة المعاصرة والثقافة التي تتشكل من روافد تعد واجهة مشرقة للوطن تأتي الفنون التشكيلية واحدة منها.

متحف محمود مختار يسبق الزمن:

في حلقتنا الثالثة التي نختصر فيها زيارتي لمصر الشقيقة مع ان لدي الكثير من الجوانب المهمة في الفنون التشكيلية التي تزدهر بها القاهرة وبقية مدن مصر ومحافظاتها، ومن بينها مجمع الزمالك للفنون الذي مررت به على عجالة شاهدت فيه معرضا بقاعة بيكاسو للفنان الراحل سمير رافع الذي خجلت منه وهو في دار الآخرة لعدم معرفتي السابقة بشيء عنه فكان المعرض مكسبا كبيرا لي شعرت من خلال هذا الإحساس بشعور مماثل لأشخاص لا يعرفون عن فنانينا الراحلين سوى أسمائهم فكيف لو أقيمت لهم معارض دورية عوضا عن عدم إمكانية إقامة متاحف لهم للتذكير بهم وتعريف الأجيال الجديدة بتجاربهم المتميزة الرائدة.

عند وصولي إلى بوابة متحف محمود خليل طلب مني عدم التصوير وهو امر متبع في كل المتاحف المصرية إلا من صورة تذكارية داخل المتحف لم يسمح لي بغيرها

هذا المتحف كما أشير إليه في دليل المتاحف الفنية التي أصدرتها وزارة الثقافة يقوم المتحف عل مساحة خمسمائة وثمانية وعشرون ألف متر مربع وتحيطه حديقة تبلغ مساحتها حوالي ألفين وأربعمائة متر مربع ويطل على نيل مصر من الجهة الشرقية ومن الجهة الغربية على شارع الجيزة.. وقد تم تشييده في حوالي 1915م على الطراز الفرنسي.

يعتبر المتحف احد أهم المتاحف في مصر والمنطقة العربية حيث يضم مجموعة هائلة من روائع الفن العالمي من تصوير ونحت وخزف وجوبلان وغيرها.

ولكن تبقى مجموعة الأعمال الخاصة لفناني القرن التاسع عشر في أوروبا هي الأهم والأشهر لأنها تضم أعمال يبلغ عددها 876 عملا لأبرز فناني المدرسة التأثيرية الأوروبيين وفي مقدمتهم فإن جوع، بول جوجان، ريونار، الكلود مونيه، لوتريك، ادوارد مانيه، الفريد سيسلا، رودان، ديجا، وبعض اعمال المدرسة الرومانتيكية فلومانتان وديلاكروا وباري انطون لويس وفناني المدرسة الكلاسيكية. وعلى رأسهم روبنز، وفانتر هالتر، وفناني المناظر الخلوية، وأيضا المجموعة الرائعة من الفازات والأواني من الخزف والبروسلين من فرنسا وتركيا وايران والصين بالإضافة إلى بعض التحف الصينية الدقيقة، كما أن هناك اعتمال اللاكر، اليابانية الصنع.

ولد محمد محمود خليل في القاهرة وتوفي في باريس عام 1953 وفي عام 1897 سافر إلى فرنسا لدراسة القانون، وفي عام 1903 تزوج من سيدة فرنسية وعادا إلى القاهرة معا وأقام في قصره بالجيزة منذ عام 1918. عرف محمد محمود خليل بحبه للفنون واقتنائه لكل ما هو قيم ونفيس منها، إضافة إلى كونه رجل سياسة من الطراز الرفيع، فكان وزيرا ورئيسا لمجلس الشيوخ وذا دور مهم في الحياة الثقافية في مصر، وراعيا للحركة التشكيلية من خلال رئاسته لجمعية محبي الفنون، التي اشترك في تأسيسها في عام 1924.

عشاق الفن في المملكة:

هذه الزيارة وتلك المتاحف ومنها متحف محمود خليل أعادتني إلى البحث في ذاكرتي عن أسماء كثيرة بالمملكة تهتم بالفنون التشكيلية وتحمل ذائقة عالية المستوى مؤطرة بثقافة ووعي بالفنون العالمية ذات بعد واستشراف لمفهوم اقتناء الأعمال وأهمية من يمكن أن يقتنى لهم وقد عادت بي الذاكرة إلى كل من معالي أستاذ محمد أبالخيل وزير المالية الأسبق وللأستاذ عادل المنديل والمهندس محمد سعيد فارسي أمين جده السابق وقبل أيام اكتشفت أسماء جديدة في مقدمتها معالي الأستاذ إياد مدني وزير الثقافة والأعلام السابق ومعالي الدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي الذي فاجأ التشكيليين بدقته في اختيار الأعمال ورقي ذائقته التي أثبتها بنوعية الأعمال التي اختارها لتجميل مبنى الوزارة بالتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام مع ما تم من تعاون بمباركته ودعمه بان اقتنت الوزارة أعمالاً لإهدائها لكبار المشاركين في مؤتمر الجامعات الذي أقيم بالرياض.

هؤلاء وما نعلم عنهم من اهتمامهم بالفنون التشكيلية وما يمتلكونه من أعمال اقتنوها من فنانين محليين وعرب وعالميين ما يمكن أن يؤسس به متحفا يؤكد أن الحضارة التي نعيش مظاهرها إشكالا ومضامين، فكرا ثقافيا، وبناء اقتصادي وتواصلا مع الآخر في كل حديث ومعاصر من خلال عقول تنظر إلى الحياة بمنظار جمالي ورقي ذائقة تسير بخط متواز مع المسارات الأخرى التي تحرك الواقع وتصنع المستحيل.

الافتقار إلى قاعات

العرض الرسمية

مع ما أنشئ من مقرات ثقافية إلا أن فكرة اشتمالها على قاعات عرض للفنون لم تكن تخطر على بال أي من المصممين الذين قاموا بتصميمها أو أنها حذفت للتقليل من التكلفة، هذا النقص والافتقار لمثل هذه القاعات اوجد نوعا من الأمية البصرية وانعدام ثقافة المتاحف وزيارتها فالمعارض الفنية التي تقام وعلة مدى عمر مسيرة الفن التشكيلي السعودي على مدى ما يقارب الخمسين عاما لم تكن تدوم سوى أيام قليلة وفي أماكن قد لا يعرفها الكثير ابتداء من قاعات الفنادق مرورا ببعض قاعات العرض المتواضعة وصولا إلى مساحات من بعض المؤسسات أو المباني التجارية، هذا التهميش لصالات العرض الثابتة والدائمة ونعني بها المتاحف التي تضم قاعات للعرض المتبدل والمتغير وقاعات لعرض دائم للأعمال المهمة ولفنانين رواد أو أصحاب تجارب متميزة.

إلى أن نرى مثل هذه الآمال كما كنا ننتظر تأسيس جمعية للتشكيليين لن نكون متشائمين بقدر ما نؤمن بان القادم سيكون أجمل بإذن الله.

monif@hotmail.com
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة