Culture Magazine Thursday  28/01/2010 G Issue 296
فضاءات
الخميس 13 ,صفر 1431   العدد  296
 
مداخلات لغوية
هل وعد الله بحفظ العربية
أبو أوس إبراهيم الشمسان

لا جدال أن (القرآن) كان وراء كثير من النشاط اللغوي في العربية، وكان دخول أفواج من الأمم في الإسلام دافعًا لتعلم

العربية وآدابها حبًّا بالقرآن ولما كان لمعرفة العربية في الزمن السابق من وجاهة. وكانت العربية مستعملة في جزء كبير من آسيه وجزء من أوربه ثم انحسرت إلى ما نعرفه اليوم من حدود البلاد العربية. والمتأمل في حال العربية اليوم يجد إقصاءً لها من أهم الميادين، ففي التعليم سادت اللغة الإنجليزية، وأما في العمل فالممسك بعصبه المدير لدفته الآمر فيه فاللغة الإنجليزية أيضًا، وإذا التفتنا إلى إعلامنا وجدنا العاميات المختلفة هي التي تتحدث باسمه، وهي أيضًا مهجنة بكلمات وتعابير من اللغة الإنجليزية؛ إذ صار الناس يفكرون باللغة الإنجليزية وهم يتحدثون بعامياتهم. وحين ينادي المنادون أن تداركوا لغتكم أيها العرب يُردّ عليهم بأن الله قد تكفل بحفظها، وما أرى أنّ الله وعد بحفظ العربية، وإنما وعد بحفظ الذكر كما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (9) سورة الحجر، فليس يلزم من حفظ القرآن أن تحفظ العربية، ولم يرد في تفسير هذه الآية ما يشير إلى حفظ العربية، قال الطبري في (جامع البيان، 17: 67) «يقول تعالى ذكره: (إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ) وهو القرآن (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) قال: وإنا للقرآن لحافظون من أن يزاد فيه باطل مَّا ليس منه، أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه، والهاء في قوله: (لَهُ) من ذكر الذكر.وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل». وآية ما نقوله أن المسلمين من غير العرب أو الناطقين بها قد يقرأون القرآن؛ ولكنهم لا يقرأون غيره ولا يتحدثون بالعربية أو يفهمونها، أي إن العربية يمكن أن يأتي عليها يوم تموت فيه وإن ظلّ القرآن يتلى ويقرأ، وآية ذلك أنّ استعمالها انحسر بعد أن كان قد انتشر، وأنها اليوم مضيّعة بين أهلها، وليس من مخرج يعيد إلى تلك اللغة مكانتها ويحافظ عليها سوى الاستعمال. سمعنا عالمًا من علماء العربية هو (الدكتور مازن المبارك) يتحدث في خميسية حمد الجاسر رحمه الله، وكان يكاد يتميز غيظًا وهو يعرض لحال العربية، وينادي بأن تكون شريكة على الأقل في التعليم وإدارة العمل، وقال أستاذنا الدكتور أحمد الضبيب معلقًا على تلك الكلمة إن ترك التعليم بالعربية بحجة المصطلحات باطلة، فلتدرس العلوم بالعربية مع الإبقاء على المصطلحات كما هي إذ المصطلحات لا تشكل نسبة كبيرة، ومعظم ما يقال هو كلام العربية قادرة على الوفاء به خير الوفاء. واتفق المتحدثون على أن هوية الأمة أي أمة هي اللغة، وأنّ بيدها الحفاظ عليها وإحياءها كما أن بيدها إضاعتها وإماتتها. وليس من الحكمة الاكتفاء بالقول: إن الله وعد بحفظ العربية.

الرياض
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة