Culture Magazine Monday  22/01/2007 G Issue 183
فضاءات
الأثنين 3 ,محرم 1428   العدد  183
 

مساقات
ممّا حفظته اللهجة وضيعته المعاجم!
د. عبد الله الفَيْفي

 

 

نواصل هذه الأنابيش اللهجية المقارنة في لهجة جبال فَيْفاء:

(ح ث ل) حَثَل الشيء: جاء أوطأ من مستواه. يُقال مثلاً (حَثَل الثوبُ)، أي: كان أطول عن مقاسه المطلوب.

وامحَثْلَة/ الحَثْلَة (بفتح الحاء): الحُثالة من شراب.

وامْحِثْلَة/ الحِثْلَة (بكسر الحاء): أسفل الحُضْن. والكلمة مستعملة كذلك في لهجات أخرى في جازان. (ينظر مثلاً: الحكمي، علي بن عباس، (بداية مشوار): مقابلة شخصية، (مجلة (اليمامة)، ع1863، السبت 25 جمادى الأولى 1426هـ = 2 يولية 2005م، ص 37).

وواضح أن كلمة (حَثَل) بمعناها الحسيّ لنزول الشيء عن مستواه وتسفّله، كقولهم: (حَثَلَ الثوب) استعمال قديم لم يسجّل في الفصحَى حسب معاجمها وإن سجّلت المعاجم متعلّقات هذا الاشتقاق، كأن يرد في (ابن عباد، الصاحب، المحيط في اللغة، (حثل)): (الحَثْلُ: سُوْءُ الرّضاعِ، تقول: أحْثَلَتْه أُمُّه؛ وأحْثَلَه الدَّهْرُ. وحُثَالَةُ النّاسِ: رُذَالَتُهم... ورَجُلٌ حِثْيَلٌ: قَصِيْرٌ عَرِيْضٌ، وقيل: هو نَحْوُ المُحْثَلِ. وهو الكَسْلانُ أيضاً. وحَثِلَ بَطْنُ فلانٍ حثَلاً: أي عَظُمَ.) ولعل في قولهم: (حَثِلَ بَطْنُ فلانٍ) إلماح إلى هبوط بطنه عن مستواه من الجسم.

أمّا كلمة (حَثْلة): فواضحة العلاقة بمعناها المعجمي المدوّن، وإن وردتْ في المعاجم بكسر الحاء، كقول (م.ن.): (الحِثْلَةُ: سَمَلَةُ الماءِ في الحَوْضِ).

وأمّا كلمة (حِثْلة) (بكسر الحاء) في اللهجة: فمتعلّقة بمكان تحثّل الأشياء، فقد جاء في (الأزهري، تهذيب اللغة، (حثل)): (حُثالة النَّاس: رُذالهم وشرارهم، وأصْله من حُثالة التَّمْر وحُفالته وهو أردؤه وما لا خير فيه مِمَّا يبقى في أسفل الجُلَّة. ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الحُثالُ: السِّفَلُ.)

وعليه، فإن اللهجة قد حفظت لنا إضافة إلى ما في المعاجم:

1) الفعل الدال على المعنى الحسيّ لنزول الشيء عن مستواه: (حَثَلَ، يَحْثُل، احْثِلّ.

2) اسم مكان التحثّل، وقد سمّته: (حِثْلَة)، (بكسر الحاء)، في حين سمَّتْ ما يتحثّل نفسه: (حَثْلَة)، (بفتح الحاء).

(ح ث و ل) امحِثْْوَِل/ الحِثْوَِل: شجر، يستخدم لحاؤه غسولاً للرأس، يليّن الشعر.

ويرد في المعاجم بلفظ (حَِثْيَل)، جاء في (ابن عباد، الصاحب، (م.ن.)): (الحِثْيَلُ: شَجَرٌ يَنْبُتُ في الجَبَلِ.) وفي (ابن سيدة، المحكم والمحيط الأعظم، (حثل)): (الحِثْيَلُ: من أشجار الجبال، قال أبو حنيفة: زعم أبو نصر أنه شجر يشبه الشوحط ينبت مع النبع. قال أوس بن حجر في وصف قوس:

تعَلَّمَها في غِيلها وهي حَظْوَةٌ

بوادٍ به نبعٌ طِوالٌ وحِثْيَلُ

(ح د ر) الحِدْرَة: حِزْمَة من القَصَب. والتحدير: أن يُجمع القَصَب في حِزَم كبيرة، تسمَّى واحدتُها (حِدْرَة)، ثم تُضمّ تلك الحِزَم أو (الحِدَر) لتكوّن ما يُشبه هَرَمًا أو أكمة من الحِدَر، ويسمّونه: (مِرْماد)، جمعه: (مراميد). (انظر: (رمد)).

ولعلهم اتّخذوا التسمية من عملية (حَدْر) القَصَب في شكل هَرَم أو أكمة شديدة الانحدار. فالحَدْرُ من كل شيء أن (تَحْدُره من عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ. والمُطاوعة منه الانْحدارُ. والحَدُورُ اسم مقدار الماء في انحدار صَببَهِ، وكذلك الحَدُورُ في سفح جبل وكلّ موضع مُنْحَدِرٍ... ابن سيدة: حَدَرَ الشيءَ يَحْدِرُه و يَحْدُرُه حَدْراً وحُدُوراً فانَحَدَرَ حَطَّهُ من عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ. الأَزهري: وكل شيء أَرسلته إِلى أَسفل، فقد حَدَرْتَه حَدْراً وحُدُوراً... والحُدُور ضدّ الصُّعُود... وحَدَرَ الدمعَ يَحْدُرُه حَدْراً وحُدُوراً وحَدَّرَهُ فانْحَدَرَ وتَحَدَّرَ أَي تَنَزَّلَ.) ويحتمل أن (الحِدْرَة) سميت بهذا الاسم؛ لأنها حزمة غليظة من القصب، يُفتل حولها منها رباط، وهذا أرجح؛ ذلك أننا نجد في اللغة أن (الحادِرُ: الممتلئ... من الرجال المجتمع الخَلْق; عن الأَصمعي... والحادرُ: السمين الغليظ، والجمع حَدَرَةٌ... ورُمْحٌ حادِرٌ: غليظ. والحَوادِرُ من كُعُوب الرماح: الغلاظ المستديرة. وجَبَلٌ حادِرٌ: مرتفع. وحَيٌّ حادِرٌ: مجتمع. وعَدَدٌ حادِرٌ: كثير وحَبْلٌ حادِرٌ: شديد الفتل; قال:

فما رَوِيَتْ حتى اسْتبانَ سُقاتُها،

قُطُوعاً لمَحْبُوكٍ مِنَ اللِّيفِ حادرِ

... وحَدَرَ الثوبَ يَحْدُرُه حَدْراً وأَحْدَرَهُ يُحْدِرُه إِحداراً: فتل أَطراف هُدْبِه وكَفَّهُ كما يفعل بأَطراف الأَكسية. والحَدْرَةُ الفَتْلَةُ من فِتَل الأَكْسِيَةِ... و الحُدْرَةُ من الإِبل: ما بين العشرة إِلى الأَربعين، فإِذا بلغت الستين فهي الصِّدْعَةُ. والحُدْرَةُ من الإِبل، بالضم، نحو الصِّرْمَة. ومالٌ حَوادِرُ مكتنزة ضخامٌ... وحَيْدارُ الحصى: ما استدار منه.) (ابن منظور، لسان العرب، (حدر)).

(ح ر ف) امحَرْف/ الحَرْف: اسم موضع. تحت (شميلة) شرقًا، لآل أبي الحكم. وهناك بيت في جهة (العدوين)، في الجبل الأعلى، بالاسم نفسه. وفي اليمن مكان بالاسم نفسه كذلك، على مسافة ساعة من صنعاء. (ينظر: العقيلي، (1982)، تاريخ المخلاف السليماني، (الرياض: دار اليمامة)، 1: 368).

ولعل (الحَرْف) ما سمي بهذا الاسم إلا لأنه مكان ناتئ من الجبل؛ ذلك لأن (حَرْفي الرأْس: شِقّاه. وحرف السفينة والجبل: جانبهما، والجمع أَحْرُفٌ وحُرُوفٌ وحِرَفةٌ. شمر: الحَرْفُ من الجبل ما نَتَأَ في جَنْبِه منه كهَيْئة الدُّكانِ الصغير أَو نحوه. قال: والحَرْفُ أَيضاً في أَعْلاه تَرى له حَرْفاً دقيقاً مُشفِياً على سَواء ظهره. الجوهري: حرْفُ كل شيء طَرَفُه وشفِيرُه وحَدُّه، ومنه حَرْفُ الجبل وهو أَعْلاه المُحدَّدُ... وحرْفُ الشيء: ناحِيَتُه.) (ابن منظور، (حرف)).

(ح ر م ل) الحَرْمَل: نبات عطري.

وجاء في (ابن منظور، (حرمل)): (الحَرْمَل حَبٌّ كالسِّمْسم، واحدته حَرْمَلة. وقال أَبو حنيفة: الحَرْمَل نوعان: نوع ورقه كورق الخِلاف، ونَوْره كنَوْر الياسمين، يُطَيَّب به السمسم، وحَبُّه في سِنَفة كسِنَفة العِشْرِق، ونوع سِنَفته طِوال مُدَوَّرة؛ قال: والحَرْمَل لا يأْكله شيء إِلا المِعْزى، قال: وقد تطبخ عروقه فيُسْقاها المحموم إذا ماطلته الحُمَّى؛ وفي امتناع الحَرْمَل عن الأَكَلة قال طَرَفة وذَمَّ قوماً:

هُمُ حَرْمَلٌ أَعْيا على كلِّ آكل

مَبِيتاً، ولو أَمْسَى سَوامهُم دَثْرا

... والحُرَيْمِلة: شجرة مثل الرُّمَّانة الصغيرة، ورقها أَدق من ورق الرمان، خضراء تحمل جِراء، دون جِراء العُشَر، فإِذا جَفَّت انْشَقَّت عن أَلين قطن، فتُحْشَى به المَخادُّ فتكون ناعمة جدّاً خفيفة، وتُهْدَى إِلى الأَشراف. وحَرْمَلاء: موضع. الجوهري: الحَرْمَل هذا الحبُّ الذي يُدَخَّن به). وفي (الزبيدي، تاج العروس، (حرمل)): (الحَرْمَلُ: حَبُّ نَباتٍ معروفٌ، وهو الذي يُدَخَّنُ به، مُقَطِّع مُلَطِّفٌ، جَيدٌ لوَجَعِ المَفاصِلِ. يُخْرِجُ السَّوداءَ والبَلْغَمَ إسْهالاً، وهو غَايةٌ، ويُصَفّي الدَّمَ، ويُنَومُ؛ لأنه فيه قُوَّةٌ مُسْكِرَةٌ كإسْكارِ الخَمْرِ مَثَلاً. واسْتِفافُ مِثْقالٍ ونِصْفٍ منه غيرَ مَسحُوقٍ اثْنَتَي عَشْرَةَ لَيَلةً يُبرِئُ مِن عِرقِ النَّسا، مُجَرَّبٌ ويُغْثى بقُوَّةٍ، ويُدِرُّ البَولَ والطَّمْثَ، شُرباً وطِلاءً، ويَنفَع أيضاً مِن القُولَنْج، شُرباً وطِلاءً. قال دِيسقُورِيدُوس: إنْ سُحِقَ منه بالعَسَل والشَّراب وَمرارَةِ القَبَجِ أو الدَّجاج وماءِ الرازيانج، وافَقَ ضَعْفَ البَصَرِ، كما في القانُون... والحَرْمَلَة: نَباتٌ آخَرُ مِن أَجْوَدِ الزِّنادِ بَعْدَ المَرْخِ والعَفارِ، ويُؤخَذُ لَبنُها في صُوَفةٍ وتُجَفَّفُ، ويُحَكُّ بها البَدَنُ الجَرِبُ، فإنه غايَةٌ..)..

* عضو مجلس الشورى aalfaify@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد
مواقع الجزيرة

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة